بدأ وفد أوروبي، الاثنين، زيارة إلى العاصمة اليمنية صنعاء لم يُكشف رسميا عن أجندتها، لكنّ مصادر دبلوماسية مطلعة قالت لـ”العرب” إنّها تتجاوز الملف الإنساني إلى الملف السياسي الذي يشهد حراكا حثيثا بعيدا عن الأضواء في أروقة المحافل الدولية، وتدور حوله نقاشات موسّعة بين الدول الـ18 الراعية للتسوية السياسية في اليمن.
وتأتي الزيارة، وهي الأولى من نوعها منذ ثلاث سنوات لممثلين عن الاتحاد الأوروبي إلى العاصمة اليمنية الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي، في وقت تسلّم فيه البريطاني مارتن غريفيث مهامه كمبعوث أممي جديد لليمن خلفا للموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد.
وتتحدّث مصادر متعدّدة عن دعم محتمل من قبل لندن للدبلوماسي غريفيث لإعادة إطلاق مسار السلام اليمني المتوقّف عمليا منذ وصول محادثات الكويت إلى طريق مسدود صيف سنة 2016.ويمكن لبريطانيا أن تستثمر في هذا المجال علاقاتها الواسعة مع دول الإقليم كما يمكنها الاعتماد على دعم أوروبي.
ويتكوّن الوفد الذي حلّ بصنعاء من رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن أنطونيا بويرتا، والسفير الفرنسي كريستيان تيستوب، وسفير مملكة هولندا يرما دورين، والمبعوث الخاص لوزير خارجية مملكة السويد هانس سبمتاباي.
ورصد متابعون للشأن اليمني أنّ زيارة الوفد الأوروبي لصنعاء جاءت بالتزامن مع لقاء موسع في العاصمة السعودية الرياض جمع الرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي بهيئة مستشاريه، بحضور نائبه علي محسن الأحمر ورئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر ووزير الخارجية عبدالملك المخلافي. ولفت مصدر قريب من حكومة هادي إلى أنّ مثل هذه الاجتماعات تترافق عادة مع تحولات مهمة في الملف اليمني على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وعن تفاصيل ما دار في اجتماع الرئيس بمستشاريه وقيادات حكومته، قالت مصادر سياسية خاصة لـ”العرب” إن هادي طرح على قيادات الشرعية التوجهات الدولية والإقليمية في المنطقة التي تفرض واقعا جديدا باتجاه إنهاء الحرب في اليمن والتوقيع على مبادرة دولية باتت ملامحها شبه جاهزة.
وأضافت المصادر أن هادي عرض الملامح العامة للمبادرة التي تتضمن دخول اليمن في مرحلة انتقالية جديدة عقب التوقيع على التسوية التي سيكون المجتمع الدولي ممثلا، بمجلس الأمن، ضامنا لها إضافة إلى بعض القوى الإقليمية المؤثرة في المنطقة.
وأفادت مصادر “العرب” أن المجتمعين صدموا مما طرحه الرئيس هادي وطلبوا منحهم وقتا كافيا لاستيعاب التحولات ومن ثم تقييم الموقف منها. كما استقبل هادي في ذات الوقت السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر، حيث دار الحديث خلال اللقاء، وفقا للمصادر الإعلامية الرسمية، حول “المستجدات وآفاق السلام المتاحة في اليمن”.
وتضمّن الخطاب الإعلامي الرسمي إشارات إلى استئناف المجتمع الدولي لجهوده الرامية لإحياء المسار السياسي في اليمن، والدفع باتجاه عودة الفرقاء اليمنيين إلى طاولة المشاورات.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ” تأكيد هادي خلال اجتماعه بمستشاريه وحكومته على موقف الشرعية التي قال إنها “تواقة للسلام” وداعمة “لقرارات الشرعية الدولية المتصلة باليمن وفي مقدمتها القرار رقم 2216”. كما شدّد “على دعم جهود ومساعي المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن مارتن غريفيث وتقديم كافة أشكال التعاون والدعم والتسهيل لتذليل مهامه في إحلال السلام المرتكز على مرجعياته الأساسية الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والقرارات الأممية ذات الصلة”.
كما نقلت الوكالة تأكيد المشاركين في اجتماع الرياض على “أهمية العمل على إجراءات بناء الثقة وإطلاق الأسرى والمعتقلين وإيقاف إطلاق الصواريخ باتجاه الاشقاء في المملكة العربية السعودية”. وهو ما عدّه بعض المحللين السياسيين تحولا لافتا في خطاب حكومة هادي.
وعن أسباب زيارة الوفد الأوروبي لصنعاء قال مصدر سياسي قريب من الوفد لـ”العرب” إنها “تأتي ضمن التواصل مع جميع الأطراف اليمنية لحثهم على الحوار الجاد للوصول لتسوية سياسية”.
وفي سياق متصل أكدت مصادر سياسية لـ”العرب” قيام المبعوث الدولي الجديد إلى اليمن مارتن غريفيث بأول جولة له إلى المنطقة مطلع الأسبوع القادم، مشيرة إلى أن زيارته ستشمل عدة عواصم من بينها الرياض وصنعاء ومسقط.
ولم تستبعد المصادر، الإعلان خلال الأيام القادمة عن استئناف المشاورات بين حكومة هادي والحوثيين، بالرغم من بروز العديد من العوائق على الأرض من بينها رفض المؤتمر الشعبي العام حتى اللحظة المشاركة في أي حوار قادم ضمن وفد جماعة الحوثي