تتجه أنظار اللبنانيين إلى الجلسة المرتقبة لمجلس الوزراء الخميس المقبل، والتي من المفترض أن يتم خلالها حسم التعيينات الأمنية والعسكرية، وسط تحذيرات من اعتماد النهج القديم في الاختيار الذي يقوم على الترضيات.
ويشكل ملف التعيينات أول اختبار جدي لحكومة نواف سلام التي نالت ثقة البرلمان الشهر الماضي، والتي يأمل اللبنانيون في أن تقطع مع العهد السابق، وتطلق ورشة إصلاح حقيقية تطال كل مفاصل الدولة التي تآكلت بفعل التدخلات السياسية.
ويرى سياسيون ونواب أن التسريبات الواردة في ما يتعلق بالتعيينات لا تبدو مبشرة، في ظل حديث عن تمكين أشخاص لقربهم من قوى سياسية معينة، وليس اعتمادا على معياري الأحقية والكفاءة.
ياسين ياسين: ما يتم تداوله إعلاميا حول ملف التعيينات لا يبشر بالخير
وبحسب تسريبات تناقلتها وسائل إعلام محلية، فإن “اسم العميد رودولف هيكل بات شبه محسوم لتولي قيادة الجيش، وأيضا العميد إدغار لاوندس لتولي منصب المدير العام لأمن الدولة، وهما من تسمية رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، فيما الخلاف الأساسي لا يزال يدور حول اسم المرشح لتولي منصب مدير عام الأمن العام، حيث يصر رئيس مجلس النواب نبيه بري على طرح العميد مرشد الحاج سليمان، بينما يفضّل رئيس الجمهورية تعيين العميد محمد الأمين، مدير المخابرات في البقاع”.
وأورد موقع “لبانون ديبايت” أن “التباين في الآراء لا يقتصر على هذا المنصب فحسب، بل يمتد أيضا إلى منصب المدير العام لقوى الأمن الداخلي، حيث يتمسك الرئيس فؤاد السنيورة بتعيين العميد محمود قبرصلي، بينما يصر فريق الرئيس سعد الحريري على تعيين العميد رائد عبدالله لهذا المنصب”.
وفي ما يتعلق بمنصب حاكم مصرف لبنان، ذكر الموقع أن “كريم سعيد، شقيق النائب فارس سعيد، هو من الأسماء الأوفر حظا لتولي منصب حاكم مصرف لبنان، وأسهمه مرتفعة جدا”.
وإلى جانب سعيد، يجري تداول اسم المرشح السابق لرئاسة الحكومة جهاد أزعور، وأيضا الوزير السابق كميل أبوسليمان. ومن المعروف أن اختيار حاكم مصرف لبنان يخضح لحسابات خارجية وداخلية دقيقة، وهو الأمر الذي قد يقود إلى عدم حسم الاسم قريبا.
ولطالما شهد ملف التعيينات في المناصب العليا للدولة تجاذبات بين الرئاسات الثلاث في لبنان، وبين القوى السياسية، وعادة ما يتم التوصل إلى تسويات بشأنها عبر صفقات تعقد خلف الكواليس، وهو أمر لطالما استنكره اللبنانيون باعتباره أحد أوجه الفساد الذي أضر بالدولة.
ويقول مراقبون إن التركيز على ملف التعيينات سيكون على أشده سواء في الداخل وأيضا الخارج، الذي يربط أي دعم للبنان وللعهد الجديد بتحقيق الإصلاحات المطلوبة والتي تمر إلزاما عبر اختيار الأشخاص وفق معايير الشفافية والكفاءة، وليس لاعتبارات سياسية.
ويشير المراقبون إلى أن هناك خلطا في لبنان بين مفهومي “التوافق” و”الترضيات”، لافتين إلى أن المفهوم الأول من الضروري تحقيقه لبناء الثقة وخلق أجواء إيجابية في مواجهة التحديات الماثلة، أما المفهوم الثاني فهو يبقي على أبواب الفساد مشرعة، ويضر بأي عملية إصلاحية تعهدت بها حكومة سلام.
وقال النائب ياسين ياسين إن “ما يتمّ تداوله إعلاميا حول ملف التعيينات لا يبشّر بالخير، خصوصا وأن هناك سلة من التعيينات الأمنية، وهو ما يتنافى كليا مع البيان الوزاري ومع خطاب القسم، حيث كان الحديث عن مداورة وكفاءة وعدم مراعاة الطوائف والأحزاب، حيث نسمع أنه على صعيد تعيينات الطائفة الشيعية هناك مراعاة لرئيس المجلس، وعلى صعيد الطائفة السنّية هناك تزكية لأشخاص من رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة أو تيار المستقبل”.
التسريبات الواردة في ما يتعلق بالتعيينات لا تبدو مبشرة، في ظل حديث عن تمكين أشخاص لقربهم من قوى سياسية معينة، وليس اعتمادا على معياري الأحقية والكفاءة
وشدد ياسين “إننا نرفض تجديد النهج القديم في التعيينات، لأن الإصلاح لن يتحقق وسيتعثر إذا تم التعيين وفق النهج القديم، لأننا نريد توظيف الكفوئين فهو الطريق لخلاص لبنان، ولأن التعيين والإصلاح مرتبطان بالـ1701 بطريقة غير مباشرة، ومرتبطان بإعادة الإعمار بطريقة مباشرة، فهذه التعيينات هي التي تؤدي إلى تطبيق شروط البنك الدولي”، مذكرا بأن “تكلفة الحرب هي 14 مليار دولار وكلفة إعادة الإعمار هي 11 مليار دولار بحسب البنك الدولي، وهذه نتائج كارثية.”
وقال ياسين “إن الحكومة الحالية ورثت دمارا على كل المستويات. فيما المساعدات مشروطة ومرتبطة ببعضها البعض وهذا منطقي، ويجب أن يكون الشعب اللبناني على بيّنة بما يحصل في ملف الإصلاح، والتعيينات أساسية لأنها إن لم تحصل وفق الكفاءات، فهذا يعني أن الأمور تسير بالاتجاه الخطأ.”
ونجح لبنان في تجاوز عقدة رئاسة الجمهورية في يناير الماضي، بعد أكثر من عامين من الفراغ، وشكل حكومة جديدة في الثامن من فبراير بضغوط من قوى دولية وإقليمية، وذلك في خطوة تهدف إلى تسريع حصول بيروت على تمويل لإعادة الإعمار في أعقاب حرب مدمرة بين إسرائيل وحزب الله المدعوم من إيران.