كشفت الأضرار الفادحة التي يشهدها القطاع الزراعي في جنوب ليبيا بسبب انتشار موجات الجراد الصحراوي عن عمق الانقسام السياسي والحكومي وعجز سلطات طرابلس وبنغازي عن التنسيق في ما بينها لضمان مكافحة الجراد وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الواحات والمزارع التي يعتمد عليها أغلب السكان المحليين في توفير لقمة العيش.
وكشف الناطق باسم اللجنة الوطنية لمكافحة الجراد، حسين البريكي، أن أسراب الجراد الصحراوي انتشرت في المنطقة الجنوبية بشكل كبير جدا، والجراد الآن في مرحلة التزاوج ووضع البيض، ولا توجد أي إمكانيات لمواجهته.
وقال في تصريحات “نواجه نقصًا كبيرًا في مبيدات الجراد وآلات وسيارات الرش، ونناشد الحكومة والمسؤولين توفير النواقص لمواجهته والحد من انتشاره، ونحذر من المخاطر الكبيرة التي يتسبب بها الجراد الصحراوي إذا لم تتم مواجهته والقضاء عليه في أقرب وقت.”
وحذَّرت اللجنة الوطنية لمكافحة الجراد الصحراوي من أن أسراب الجراد انتشرت بشكل كبير في المنطقة الجنوبية، وأن الجراد في مرحلة التزاوج ووضع البيض، ما يزيد من خطورة الوضع.
خبراء اعتبروا أن انتشار الجراد جنوب ليبيا يعود إلى موجة الأمطار القوية والفيضانات التي شهدتها المناطق الصحراوية
وأشارت اللجنة إلى نقص كبير في المبيدات وآلات الرش والسيارات اللازمة لمكافحة هذه الآفة، وهو ما دفعها إلى مناشدة الحكومة والمسؤولين توفير الدعم اللازم.
وتشكو اللجنة من فقدان الجهات الرسمية للجدية اللازمة في مواجهة الأزمة، ومن عدم تمكنها من الحصول على ميزانية طوارئ لتقديم دعم إضافي يسرّع عمليات مكافحة أسراب الجراد، في ظل سرعة انتشاره ونقص المبيدات الكيميائية اللازمة للسيطرة عليه.
ورد الخبراء انتشار الجراد الصحراوي في الجنوب الليبي إلى موجة الأمطار القوية والفيضانات التي شهدتها المناطق الصحراوية خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى دخول أسراب جديدة من شمال السودان وتشاد، فضلًا عن تفشي هذه الآفة في النيجر، ما فاقم خطورة الوضع البيئي والزراعي في المنطقة.
وعقد رئيس لجنة إعادة تنظيم الجنوب في القيادة العامة للجيش الوطني اللواء جمال العمامي اجتماعا مع جميع منسقي قطاع الزراعة على مستوى المنطقة الجنوبية بالكامل، في بلدية تراغن، لمناقشة سبل مكافحة الجراد الصحراوي الذي يهدد الأمن الغذائي في المنطقة.
وأصدر العمامي قرارا بتشكيل غرفة طوارئ خاصة بمكافحة الجراد، لضمان التنسيق الفعّال بين الجهات المعنية ومتابعة عمليات المكافحة بشكل مباشر، وتم الإعلان عن إطلاق المرحلة الثانية من خطة مكافحة الجراد التي تستهدف القضاء على الأطوار الجديدة للجراد فور الانتهاء من المرحلة الأولى، خاصة إذا توفرت الظروف البيئية المناسبة لتكاثره.
اللجنة الوطنية لمكافحة الجراد تشكو من فقدان الجهات الرسمية للجدية اللازمة في مواجهة الأزمة
ويرى المراقبون أن الجهود المبذولة من قبل قيادة الجيش والحكومة التابعة لمجلس النواب لا تفي بالحاجة، وأن مناطق الجنوب تحتاج إلى جهود أكبر لمكافحة ظاهرة الجراد الصحراوي ولو عبر الاعتماد على التعاون الدولي.
وبحسب تعريف منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، فإن الجراد الصحراوي يعتبر أكثر الآفات المهاجرة تدميرا في العالم. واستجابة للمنبهات البيئية يمكن أن تكون الأسراب التي يشكلها كثيفة ومتحركة جدا. والجراد الصحراوي عبارة عن آفات آكلة نهمة تستهلك مثل وزنها في اليوم، وتستهدف المحاصيل الغذائية والغطاء النباتي الذي تستخدمه قطعان الرعاة كعلف. ويمكن أن يحتوي كيلومتر مربع واحد على سرب يبلغ قوامه 80 مليونا من الجراد البالغ، ويستطيع في يوم واحد استهلاك كمية من الطعام تساوي ما يستهلكه 35000 شخص. لذلك عندما تصبح الأسراب كبيرة وواسعة الانتشار، فإنها تشكل تهديدا رئيسيا للأمن الغذائي وسبل المعيشة الريفية.
وأكد المركز الليبي لأبحاث الصحراء وتنمية المجتمعات الصحراوية أن المزارع في المناطق الجنوبية تواجه تحديات جسيمة بسبب انتشار الجراد الصحراوي، الذي يشكل تهديدًا خطيرًا للمحاصيل والمراعي، ويتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة، حسب بيان على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الثلاثاء.
ولفت المركز إلى معاناة هذه المناطق من نقص شديد في الإمكانيات والتجهيزات اللازمة لمكافحة هذه الآفة، حيث جرى الاعتماد على وسائل محدودة مثل السيارات وخزانات الرش الصغيرة، التي لا تكفي للتعامل مع الأعداد الهائلة من الجراد.
وتقول دراسة لمجموعة البنك الدولي إن “الدمار هو أول ما يجول بالخاطر عندما نفكر في الجراد الصحراوي؛ فهذه الحشرة الصغيرة التي تهاجر في أسرابٍ يمكن أن تصل إلى المليارات أو حتى التريليونات وتنتشر على مساحات واسعة من الأراضي، وتسبب أضرارا كارثية للمراعي والمحاصيل. ويمكن لسرب صغير منها أن يلتهم في يوم واحد الكمية نفسها من الغذاء التي يتناولها 35 ألف شخص أو أن يلحق الضرر بنحو 100 طن من المحاصيل على مساحة كيلومتر مربع من الحقول. ويشكل غزو الجراد تهديداً رئيسياً للأمن الغذائي، ويؤدي في أسوأ السيناريوهات إلى المجاعة والتشريد.”