عربي ودولي

أي مشروعية لاحتجاج الجزائر على المناورات المشتركة بين المغرب وفرنسا
أي مشروعية لاحتجاج الجزائر على المناورات المشتركة بين المغرب وفرنسا
استدعت وزارة الخارجية الجزائرية الخميس سفير فرنسا ستيفان روماتي، للتحذير من المناورات العسكرية المشتركة مع المغرب، معتبرة أن الخطوة “خطيرة وعمل استفزازي ضد الجزائر،”، في وقت يتساءل فيه مراقبون عن مدى مشروعية انزعاج الجزائر من هذه المناورات، وهي نفسها كانت قد أجرت قبل سنتين مناورات مع روسيا على الحدود المغربية.

وفي أكتوبر 2022 أجرت وحدات من القوات البحرية الجزائرية مناورات عسكرية مشتركة مع قوات مماثلة من روسيا، بعد مناورة أولى قبل ذلك ببضعة أشهر، فلماذا تقبل الجزائر لنفسها ما لا تقبله لغيرها، خاصة أن المناورات العسكرية باتت تقليدا بين الدول وتتم بشكل ثنائي وجماعي، ولا تثير احتجاجات أو انزعاجا.

ويرى المراقبون أن الاحتجاج الجزائري على المناورات الفرنسية – المغربية لا يمكن أن يفهم إلّا في سياق حالة التوتر التي باتت تسيطر على موقف الجزائر إقليميّا، حيث صارت توجه اتهاماتها في كل اتجاه؛ لفرنسا وإسبانيا والمغرب ومالي والنيجر وروسيا وتركيا.

ويعود سبب هذا التوتر إلى العزلة التي أصبح المسؤولون الجزائريون يشعرون بها، ما يدفعهم إلى الهروب إلى الأمم باتهام الآخرين بـ”التآمر” على الجزائر بدلا من البحث عن الأسباب الحقيقية الكامنة في أداء الدبلوماسية الجزائرية وتأثير عقلية قديمة تشكلت في فترة الحرب الباردة ويصر هؤلاء المسؤولون على الاحتكام إليها في التعامل مع متغيرات كثيرة في الإقليم.

ومن المزمع أن يجري المغرب وفرنسا مناورات عسكرية مشتركة في منطقة الرشيدية جنوب شرقي المملكة في سبتمبر. وتحمل هذه المناورات اسم “شركي 2025″، وتأتي في إطار تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، والوقوف على مدى جاهزية الوحدات العسكرية الجوية والبرية.

وأشار بيان الخارجية الجزائرية إلى أنّ الغرض من استدعاء السفير الفرنسي كان لفت انتباهه إلى “خطورة مشروع المناورات العسكرية الفرنسية – المغربية المزمع إجراؤها في شهر سبتمبر المقبل في الرشيدية بالقرب من الحدود الجزائرية.”

ولفت البيان إلى أنّ “الطرف الجزائري ينظر إلى هذا التمرين على أنه عمل استفزازي ضد الجزائر،” مضيفا أنّ “تصرفا من هذا القبيل سوف يسهم في تأجيج الأزمة” التي تشهدها حاليا العلاقات الجزائرية – الفرنسية في المرحلة الراهنة و”يرفع من حدّة التوتر بين البلدين إلى مستوى جديد من الخطورة.”

واعتبر محمد الطيار، الباحث المغربي في الدراسات الأمنية والإستراتيجية، أن بيان وزارة الخارجية الجزائرية يعكس مستوى التوتر والتجاذبات التي وصلت إليها العلاقات الجزائرية – الفرنسية إثر اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، كما أن هذه المناورات ليست المرة الأولى التي يتم تنظيمها، فهي تجرى بصفة دورية وتقام كل سنة، ولم يسبق للجزائر أن استدعت السفير الفرنسي للاحتجاج.

وأضاف الطيار، في تصريح لـ”العرب”، أن الجزائر سبق أن نظمت مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا سنة 2022 أطلق عليها اسم “درع الصحراء “، في منطقة لصيقة بالحدود الشرقية المغربية، ولم يصدر عن المغرب أي موقف ضدها، ولم يصدر كذلك عن فرنسا ولا عن الدول الغربية أي موقف رسمي، خاصة وأن تلك المناورات جاءت عقب اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية وما رافقها من توتر بين الغرب وروسيا، واحتضان الجزائر لها كان بمثابة استفزاز لأوروبا التي تدعم كييف بقوة.

◙ قبل سنتين أجرت الجزائر مناورات مشتركة مع روسيا، ولم يحتج المغرب عليها، فلماذا تقبل الجزائر لنفسها ما لا تقبله لغيرها

وسبق للولايات المتحدة أن نظمت إلي جانب المغرب ضمن “الأسد الأفريقي” مناورات عسكرية في منطقة المحبس القريبة من الحدود الجزائرية، ولم يصدر من الجزائر أي موقف يتعلق بهذه المناورات، فلماذا الاحتجاج الآن لو لم يكن ردّ فعل مرتبطا بتوتر العلاقة بينها وبين باريس.

وتهدف مناورات “شركي 2025” بين المغرب وفرنسا، والتي من المزمع أن تتم على مرحلتين، إلى الوقوف على مدى جاهزية القوات على مستوى القطاع وقدرتها على القيام بمهام في إطار متعدد الأسلحة والجنسيات، كما تهدف إلى تعزيز قابلية التشغيل البيني بين القوات المغربية والفرنسية، مع دعم قدرات التخطيط وتطوير التشغيل البيني التقني والعملياتي بين قوات البلدين.

وسيتم تنفيذ المرحلة الأولى على مستوى مركز القيادة، بمحاكاة السيناريوهات العملية لتحسين قدرات التخطيط واتخاذ القرارات المشتركة بين الأطراف. أما المرحلة الثانية فيتم خلالها إجراء تمارين عملية تشمل وحدات ميدانية وجوية في بيئة عملياتية حقيقية، بهدف اختبار جاهزية القتال وتعزيز التنسيق بين القوات.

وقال الطيار إن تنظيم مناورات “شركي 2025” يدخل في صميم سيادة المغرب وفوق أراضيه، خاصة بعد الإعلان عن إنشاء منطقة عسكرية في المنطقة الشرقية المغربية في فبراير 2022، ولا علاقة للأمر بالخلاف الجزائري – الفرنسي، ولا بالنزاع المفتعل من طرف الجزائر في الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية.

07 مارس 2025

هاشتاغ

التعليقات