عربي ودولي

روسيا تستفيد من ضبابية السياسة الأميركية تجاه سوريا لبناء علاقات مع القادة الجدد في دمشق
روسيا تستفيد من ضبابية السياسة الأميركية تجاه سوريا لبناء علاقات مع القادة الجدد في دمشق
تستثمر روسيا في حالة عدم اليقين التي تكتنف سياسة الإدارة الأميركية تجاه سوريا لبناء علاقات مع القادة السوريين الجدد، الذين ناصبتهم العداء لسنوات في إطار دعمها لنظام الرئيس السابق بشار الأسد.

وتعد سوريا مركز نفوذ رئيسي لروسيا في الشرق الأوسط، وقد تدخلت في العام 2015 عسكريا لإسناد حكم الأسد، قبل أن ينهار في ديسمبر الماضي، بعد عملية عسكرية مباغتة قادتها هيئة تحرير الشام وفصائل سورية متحالفة معها. وتملك روسيا قاعدتين عسكريتين في سوريا، هما قاعدة جوية في حميميم وقاعدة بحرية في طرطوس، وتسعى موسكو جاهدة للحفاظ عليهما.

ومهد الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره السوري أحمد الشرع في فبراير الماضي، لعلاقات جديدة بين الجانبين، ترجمت لاحقا في إرسال موسكو شحنات من العملة السورية المطبوعة إلى دمشق، فضلا عن إرسال شحنة من الديزل، في أول إمداد مباشر معروف من هذا القبيل إلى البلاد منذ أكثر من 10 سنوات.

وقال مسؤول حكومي لوكالة رويترز إن سوريا تسلمت الأربعاء شحنة جديدة من العملة المحلية المطبوعة في روسيا مع توقعات بوصول المزيد من هذه الشحنات في المستقبل. وذكر مصدر مطلع آخر أن الأموال وصلت بطائرة إلى مطار دمشق ونقلها موكب من عدة شاحنات إلى البنك المركزي.

وبدأت سوريا في دفع أموال لروسيا لطباعة عملتها بموجب تعاقد معها بالملايين من الدولارات خلال الحرب الأهلية السورية التي استمرت 13 عاما، وذلك بعد فسخ عقد سابق بين دمشق وشركة تابعة للبنك المركزي النمساوي بسبب العقوبات الأوروبية. ولم يتضح بعد ما إذا كان الترتيب لا يزال مستمرا بنفس الشروط. وقال مصدر مطلع على العقد إنه كذلك.

◙ بيانات أظهرت أن روسيا نقلت شحنة من وقود الديزل إلى سوريا على متن ناقلة تخضع لعقوبات أميركية

وشحنات العملة مهمة جدا لسوريا. وقد تراجع اقتصاد البلاد الذي دمرته الحرب بشكل أكبر في الأشهر القليلة الماضية بسبب نقص في العملة الذي عزاه مسؤولون سوريون إلى أسباب من بينها تأخر شحنات العملة من روسيا.

وقال مسؤول سوري كبير سابق إن شحنات العملة من روسيا كانت تصل إلى دمشق كل شهر بمئات المليارات من الليرات (عشرات الملايين من الدولارات).

ويجد المودعون في سوريا صعوبة في صرف مدخراتهم بسبب الأزمة النقدية، وزادت الضغوط على الشركات المحلية التي تعاني بالفعل من منافسة جديدة من الواردات الرخيصة بعد أن فتح حكام البلاد الجدد الاقتصاد الذي كان يحد من الاستيراد بسياسات حمائية.

وقالت مصادر لرويترز إن زيادة مقررة لمرتبات موظفي القطاع العام بنسبة 400 في المئة لم تتم ولم تمول قطر هذه الزيادة بسبب الغموض حول العقوبات الأميركية وسياسة الرئيس دونالد ترامب حيال سوريا.

ويقول خبراء اقتصاد ومحللون إن نقص السيولة في سوريا هو السبب الرئيسي وراء ارتفاع قيمة العملة في السوق السوداء في الأشهر التي أعقبت سقوط الأسد، وساعد في ذلك أيضا تدفق زوار من الخارج وإنهاء الضوابط الصارمة المفروضة على التجارة بالعملات الأجنبية.

وجرى تداول الليرة في السوق السوداء الخميس عند حوالي عشرة آلاف أمام الدولار مقارنة بسعر البنك المركزي الرسمي البالغ 13 ألف ليرة. وكان يتم تداولها عند حوالي 15 ألفا مقابل الدولار قبل الإطاحة بالأسد. وقالت محافظة البنك المركزي السوري ميساء صابرين لرويترز في يناير إنها تريد تجنب طباعة الليرة للحد من التضخم.

وذكر مصدران لرويترز في وقت سابق إن احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي تبلغ نحو 200 مليون دولار فقط في انخفاض حاد عن 18.5 مليار دولار قدر صندوق النقد الدولي أنها كانت لدى البنك في 2010 قبل عام على اندلاع الحرب الأهلية. وكشفت المصادر أن البنك المركزي لديه أيضا نحو 26 طنا من الذهب، وهي نفس الكمية التي كانت لديه قبل الحرب.

◙ سوريا تعد مركز نفوذ رئيسيا لروسيا في الشرق الأوسط، وقد تدخلت في العام 2015 عسكريا لإسناد حكم الأسد قبل أن ينهار 

ومنذ الإطاحة بحكم الأسد، اتخذت القوى الغربية سلسلة من الإجراءات للتخفيف من وطأة العقوبات على سوريا، لكن خبراء يرون أنها غير كافية، لافتين إلى أن الإدارة الأميركية لا تزال حتى اليوم تفرض عقوبات مشددة على دمشق في إطار ما يسمى بقانون قيصر.

ويقول الخبراء إن روسيا تسعى بالواضح للاستفادة من هذا الوضع، لكسب ود القيادة السورية الجديدة. وأظهرت بيانات من مجموعة بورصات لندن أن روسيا نقلت شحنة من وقود الديزل إلى سوريا على متن ناقلة تخضع لعقوبات أميركية.

وبحسب بيانات مجموعة بورصات لندن، فإن الناقلة بروسبيريتي التي ترفع علم بربادوس (والمعروفة سابقا باسم أن.أس برايد وكانت ترفع علم الغابون) جرى تحميلها بنحو 37 ألف طن من الديزل منخفض الكبريت في ميناء بريمورسك الروسي على بحر البلطيق في الثامن من فبراير.

وأضافت الولايات المتحدة في العاشر من يناير الناقلة بروسبيريتي إلى قائمة السفن الروسية الخاضعة للعقوبات جراء الحرب الأوكرانية، وفي الرابع والعشرين من فبراير حذا الاتحاد الأوروبي وبريطانيا حذوها.

وانتهاك العقوبات الأميركية قد يؤدي إلى عقوبات مدنية أو حتى جنائية في بعض الحالات. فعلى سبيل المثال أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية العام الماضي تسوية بقيمة 7.45 مليون دولار مع بنك ستيت ستريت بسبب “انتهاكات واضحة” للعقوبات المتعلقة بروسيا وأوكرانيا.

وأعلنت الولايات المتحدة في وقت سابق إعفاء سوريا لمدة ستة أشهر من بعض العقوبات المتعلقة بقطاع الطاقة والتحويلات المالية إلى السلطات الحاكمة في دمشق. ووفقا لبيانات مجموعة بروصات لندن، فإن هذه أول شحنة ديزل تُنقل مباشرة من روسيا إلى سوريا منذ 2013 على الأقل.

وطرحت دمشق مناقصة لاستيراد 20 ألف طن من غاز البترول المسال وكانت تسعى لشراء النفط بعدما لم تصل أي شحنات من النفط الخام من إيران، المورد الرئيسي لها، منذ نوفمبر وفقا لبيانات شركة كبلر لتحليلات الشحن. ولدى سوريا مصفاة للنفط في حمص وأخرى في بانياس توقفتا عن العمل بعد سقوط الأسد.

06 مارس 2025

هاشتاغ

التعليقات