عربي ودولي

عجز الدعم السريع عن إيقاف تدهور قواتها يوحي بخسارة داعميها
عجز الدعم السريع عن إيقاف تدهور قواتها يوحي بخسارة داعميها
كشفت عملية الإفراج عن مصريين، الخميس، استمرار تدهور الوضع العسكري والميداني لقوات الدعم السريع في الخرطوم، ما يشير إلى خسارة داعم رئيسي لها أو أكثر خلال الفترة القريبة الماضية، حيث أحرز الجيش السوداني انتصارات سريعة عليها في ولايات سنار والجزيرة والخرطوم، في مقابل انسحابات سريعة لقوات الدعم.

وأكدت مصادر سودانية لـ”العرب” أن التقهقر الميداني الذي تواجهه قوات الدعم السريع ناجم عن فقدان قوى خليجية كبرى الشغف والاهتمام بها، بينما لا تزال قوى إقليمية أخرى مثل قطر وتركيا تضاعف الدعم المقدم إلى الجيش السوداني، ما يفسر تفوقه العسكري حاليا وخروج قوات الدعم السريع من مناطق عديدة وسط السودان وشماله.

وأوضحت المصادر ذاتها أن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) كان يعتقد أن بوسعه تكرار سيناريو الاتكاء على وضع يشبه وضع قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر في ليبيا والحصول على دعم قوى إقليمية ودولية.

قوى خليجية كبرى ما عادت تهتم بالدعم السريع التي اعتقدت أن بوسعها تكرار سيناريو الاتكاء على وضع يشبه وضع حفتر

وما تبقى من جهات مؤيدة لموقف الدعم السريع تعتقد أن الخيار العسكري مكلف للغاية، فانتقلت مع حميدتي إلى معركة إثبات الوجود سياسيا، وتشكيل حكومة موازية في مناطق تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، وهي معركة تحتاج إلى وقت وعلاقات قوية، وتعتمد على أن قائد الجيش عبدالفتاح البرهان شبه معزول أفريقيًّا.

وأُعلن في القاهرة عن نجاح الأجهزة الأمنية المعنية في تحرير مختطفين مصريين من قبل قوات الدعم السريع بالتنسيق مع السلطات السودانية، وتمت عملية نقلهم من مناطق اشتباكات بوسط الخرطوم إلى مدينة بورتسودان ثم إعادتهم إلى القاهرة.

ولم تكشف المعلومات المصرية شبه الرسمية المتداولة طريقة تحرير هؤلاء وهويتهم، وهل هم من المواطنين المدنيين أم من الجنود والعسكريين.

وكشف عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير صلاح حليمة لـ”العرب” قيام بعض الأطراف بوساطة لإطلاق سراح المصريين، وجميعهم من المدنيين، وجرى اعتقالهم من مناطق متفرقة كانت تحت سيطرة الدعم السريع ونقلوا إلى الخرطوم. وتم إطلاق سراح جنود مصريين بعد مرور أيام على اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023.

وأشارت وسائل إعلام محلية في القاهرة إلى أن عملية تحرير المصريين تمت بناء على توجيه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لاستعادة المختطفين من قبل الدعم السريع.

وقال السفير حليمة إن الإفراج عن المصريين يبرهن على وجود تحركات للتهدئة وعدم التصعيد، قد تظهر ملامحها خلال الأيام المقبلة، وأن الموقف المصري لم يتغير، ويحرص على الحوار بين جميع مكونات السودان والانتقال من التوافق حول المسائل الأمنية والإنسانية إلى مستقبل المسار السياسي.

وشدد على أن الإفراج عن المصريين يساعد على أن تلعب القاهرة دورا أكبر في الوساطة بين الأطراف السودانية، بالشراكة مع السعودية، باعتبار أن مسار جدة كان شاهدا على التقدم الوحيد في طريق التفاوض بين الجيش والدعم السريع.

ولفت إلى أن الإفراج عن المختطفين المصريين بادرة جيدة من الدعم السريع يمكن البناء عليها لوقف الحرب والبحث عن مسار سياسي، مع التقدم العسكري الذي يحققه الجيش، وأن إبداء مرونة من الجانبين سوف يخدم التوصل إلى نقاط مشتركة بعيدا عما حدث في نيروبي عندما أعلنت قوى سياسية وحركات مسلحة العزم على تشكيل حكومة موازية، لا تزال تواجه اعتراضات واسعة قبل أن ترى النور.

ويواجه مسار الحكومة الجديدة صعوبات، في ظل اتساع دوائر الرفض الإقليمي والدولي لها، وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن محاولات إنشاء حكومة موازية لا تساعد على تحقيق السلام والأمن، وتهدد بالمزيد من عدم الاستقرار وتقسيم السودان.

وذكر المحامي والحقوقي السوداني المعز حضرة أن المجموعات المتحاربة في السودان ظلت تعتقل الكثير من المدنيين إلى درجة يصعب معها معرفة عددهم، وهناك بيانات عن المخفيين قسريا دون تحديد أماكنهم، وأغلبهم في سجن سوبا الواقع تحت سيطرة الدعم السريع وشهد وفاة العديد من المعتقلين.

مسار الحكومة الجديدة يواجه صعوبات، في ظل اتساع دوائر الرفض الإقليمي والدولي لها

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن قوات الدعم السريع بدأت تنفيذ انسحابات مختلفة من الخرطوم ولا تخوض معارك حقيقية، وتخرج من العاصمة دون أن تصطحب معها مدنيين، ويُفهم من ذلك وجود رغبة في تكثيف التواجد في مناطق تسعى من خلالها للإعلان عن حكومة موازية توفر لها حاضنة سياسية، ما يجعل تموقعها في إقليم دارفور كبيرا.

وأبدى مجلس الأمن الدولي الخميس قلقه العميق إزاء توقيع قوات الدعم السريع وجماعات سياسية متحالفة معها في نيروبي على ميثاق لإنشاء سلطة حكم موازية في السودان، مؤكدًا التزام أعضائه القوي بسيادة السودان ووحدته وسلامته الإقليمية.

ونشرت قوات الدعم السريع فيديو بعد مرور يوم على اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل 2023 بينها وبين الجيش السوداني، أظهرت فيه ما قالت إنه لحظة “تسليم كتيبة من الجيش والقوات المصرية نفسها لقوات الدعم السريع بمروي.”

وظهر في الفيديو عدد من الجنود المصريين وهم جالسون على الأرض وأحاط بهم عدد من عناصر الدعم السريع، وقيام ضابط مصري بالتعريف بنفسه معتبرا أنه المسؤول عن الجنود المصريين الموجودين في قاعدة مروي.

وبعد ذلك نشر المتحدث باسم الجيش المصري بيانا على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي قال فيه إن الجيش المصري يتابع التطورات في السودان وينسق مع الجهات المعنية لضمان تأمين القوات المصرية الموجودة في إطار تدريبات مشتركة مع الجيش السوداني، ثم عاد الجنود عقب تفاهمات أجرتها القاهرة مع الدعم السريع.

06 مارس 2025

هاشتاغ

التعليقات