عربي ودولي

رداً على انسحاب أمريكي محتمل.. التسلح الأوروبي يعود بعد 30 عاماً
رداً على انسحاب أمريكي محتمل.. التسلح الأوروبي يعود بعد 30 عاماً
للمرة الأولى منذ أكثر من 30 عاماً، يشهد قطاع الدفاع الأوروبي انتعاشاً غير مسبوق، بعد عقود من تقليص الميزانيات العسكرية لصالح التزامات أخرى، فرضت سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الصارمة تجاه أوكرانيا ودعوته للحلفاء لتحمل المزيد من أعباء أمنهم قرارات حاسمة على القادة الأوروبيين.

وتعتزم الحكومات الآن ضخ مئات المليارات من اليورو لتعزيز قاعدتها الصناعية وسد الفجوات في ترساناتها العسكرية.

ووفقاً لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، فإن شركات الدفاع الأوروبية استفادت من الزيادة في الإنفاق العسكري منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا قبل 3 سنوات، حيث أدت العقود الحكومية الجديدة إلى تحقيق مستويات قياسية في حجم الطلبيات. إلا أن عودة ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض قد تسرّع من وتيرة إعادة التسلح في أوروبا، مما يرفع آفاق الصناعة بشكل غير مسبوق.

وقد ارتفعت قيمة أسهم بعض الشركات الأوروبية إلى مستويات قياسية، حيث سجلت بعضها زيادات بأكثر من 40% منذ بداية العام.

تداعيات تقليص الدعم الأمريكي
وتصير الصحيفة إلى أن احتمال إنهاء الدعم العسكري الأمريكي لأوروبا يثير تساؤلات حول الثغرات الاستراتيجية في القدرات الدفاعية للقارة، وكذلك حول الشركات التي قد تستفيد من الحاجة الملحة لسد هذه الثغرات.

وقد كشف الصراع في أوكرانيا عن أوجه القصور في مجالات مثل الاستخبارات والمراقبة، ونظم الحماية من الصواريخ والطائرات، والطائرات الثقيلة للنقل العسكري، وأنظمة التزود بالوقود جواً.

كما وجهت واشنطن ضربة لكييف هذا الأسبوع من خلال وقف تبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا.
ووفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، شكلت الولايات المتحدة 55% من واردات المعدات الدفاعية الأوروبية بين عامي 2019 و2023، مقارنة بـ 35% فقط في السنوات الخمس التي سبقتها.

ويعتبر بعض الخبراء أن التحول في السياسة الأمريكية تجاه أوروبا هو الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية. فقد قال غونترام وولف، الزميل في معهد بروجيل ببروكسل للصحيفة، إن "هذا التحول يعادل نهاية الحرب الباردة، لكنه يحمل جانباً سلبياً، حيث كانت أوروبا الغربية تحت المظلة الاستراتيجية للولايات المتحدة طيلة الثمانين عاماً الماضية".

استعداد الصناعة الأوروبية
من جهتهم، أكد قادة الصناعة الدفاعية الأوروبية استعدادهم لزيادة الاستثمار، لكنهم شددوا على ضرورة التزام الحكومات بتعهداتها عبر عقود طويلة الأجل.

وأوضح باتريس كاين، الرئيس التنفيذي لشركة تاليس الفرنسية للإلكترونيات الدفاعية، أن أوروبا تمتلك "التكنولوجيا اللازمة لإنتاج جميع المعدات الدفاعية التي تحتاجها"، لكن نجاح الأمر يعتمد على تحويل التصريحات إلى عقود فعلية.

وتواجه أوروبا تحديات كبيرة في قدراتها الإنتاجية للذخائر والمركبات المدرعة، مما قد يوفر فرصة للشركات الأمريكية مثل "جنرال دايناميكس" للاستمرار في تزويد القارة بالمعدات. لكن المستفيدين الفوريين في أوروبا سيكونون الشركات الوطنية الرائدة مثل "راينميتال" الألمانية و"بي إيه إي سيستمز" البريطانية، اللتين تلقتا طلبات كبيرة لمركبات القتال والذخائر.

كما من المتوقع أن تستفيد شركة "KNDS"، التي تمثل تحالفاً بين "نيكستر" الفرنسية و"كراوس-مافي فيجمان" الألمانية، من هذه الطلبيات.

الدفاع الجوي والصاروخي
كما تشير الصحيفة إلى أنه من المتوقع أن يتدفق المزيد من التمويل نحو أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي. وقد استفادت أوكرانيا حتى الآن من نظام "باتريوت" الأمريكي، وهو الأكثر تطوراً في الدفاع الجوي.

إلا أن بعض المحللين يشيرون إلى أن أوروبا قد تعتمد بشكل أكبر على أنظمة "SAMP-T" التي تصنعها "يوروسام"، وهي مشروع مشترك بين "MBDA" و"تاليس"، وتستخدمها القوات المسلحة الإيطالية والفرنسية.

ويمثل الاستثمار في مجالات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع أولوية أخرى ملحة. فقد سلطت الحرب في أوكرانيا الضوء على أهمية هذه المجالات، خاصةً مع اعتماد أوروبا الكبير على الولايات المتحدة في هذا المجال.

وتُعد "هنسولدت" الألمانية و"ساب" السويدية من بين الشركات التي تمتلك تقنيات متقدمة في أنظمة المراقبة الجوية.

كما تعتمد أوروبا بشكل كبير على الدعم الأمريكي في مجال الاتصالات عبر الأقمار الصناعية وإدارة البيانات في ساحة المعركة. وقد بدأت بعض الشركات الأوروبية، مثل "يوتلسات" الفرنسية، في التفاوض مع الحكومات الأوروبية لتوفير بدائل محلية للاتصالات عبر الأقمار الصناعية في أوكرانيا.

وتعد هذه الخطوة ضرورية خاصة إذا قررت شركة "سبيس إكس" التابعة لإيلون ماسك سحب خدمات "ستارلينك" من كييف.

ومن المتوقع أن تستثمر الحكومات الأوروبية مبالغ ضخمة في مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والأنظمة المستقلة، والتي ستلعب أدواراً رئيسية في حروب المستقبل

06 مارس 2025

هاشتاغ

التعليقات