اخبار

ينابيع تونس وعيونها الساخنة علاج وترفيه في فصل الشتاء
ينابيع تونس وعيونها الساخنة علاج وترفيه في فصل الشتاء
الينابيع الاستشفائية الحارة في تونس لم تعد مجرد مياه يذهب إليها من يعانون آلام المفاصل والأمراض الجلدية، بل باتت أحد أهم روافد السياحة الشتوية في البلاد، حيث يقصدها الكثير من زوار تونس للسياحة العلاجية.

وتوجد العديد من المرافق الخدمية والصحية حول هذه الينابيع العذبة والحارة ذات التركيبة الجيولوجية النادرة، مما شجع الكثير من الزوار على ارتيادها خلال فصل الشتاء البارد، مع اعتبارها فرصة لاكتشاف سحر مناطق سياحية جديدة ومتميزة في تونس.

وتعد عيون مدينة قربص وحمامات الجديدي وعيون الحامة في قابس والعين “السخونة” أي “الحارّة” في قبلي، من أهم وأبرز عيون المياه العذبة التي يتوجه إليها الزوار خلال فصل الشتاء في تونس للاستجمام والشعور بالاسترخاء.

وتمكنت تونس من احتلال التصنيف الثاني عالميا في مجال الاستشفاء بمياه البحر، وتطمح إلى أن تكون الوجهة الأولى متجاوزة فرنسا.

يلاحظ ماريو باولو، وهو متقاعد إيطالي يبلغ من العمر 78 عاما جاء إلى مدينة قربص للعلاج بمياهها الساخنة، أن “الميزة الرئيسية لتونس هي ساحلها والعلاج بمياه البحر.”

يقيم هذا المتقاعد في تونس منذ خمس سنوات، ويأتي باستمرار “لاستعادة لياقته” إلى مركز الاستجمام بمياه البحر في فندق فخم حيث التقته وكالة فرانس برس.

توضح المديرة العامة للديوان الوطني (الحكومي) للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه شهناز القيزاني أن قربص تعتبر “مكانا تاريخيا للعلاج بمياه البحر والينابيع في تونس.”

ومع ذلك، لا تتمتع هذه المدينة بشهرة عالمية مقارنة بوجهات ساحلية أخرى مثل جزيرة جربة التي اختيرت عاصمة البحر المتوسط للعلاج بمياه البحر في العام 2014، أو مدينتي سوسة والمنستير.

وبعد جلسة تدليك باستخدام زيوت عطرية محلية (مثل الزعتر وإكليل الجبل)، يقول ماريو “الاستفادة من مياه البحر والينابيع ليست مجرد ترفيه، بل هي علاج أيضا.”

أما رؤى مشاط، البالغة 22 عاما والوافدة من فرنسا، فقد اختارت قضاء ثلاثة أيام في قربص “للاستفادة من الأنواع الثلاثة من المياه التي تتميز بها المدينة” وهي المياه العذبة ومياه البحر ومياه الينابيع.

وتضيف “كما أنني هنا للاستمتاع بهذا،” مشيرة إلى مناظر طبيعية للبحر والجبل من داخل حوض جاكوزي الذي يضخ مياها ساخنة.

تقول الطبيبة رجاء حداد، المسؤولة عن مركز العلاج بالمياه الحرارية ومياه البحر بمركز “رويال توليب قربص”، إن “الزوار يأتون أساسا لجودة مياه الينابيع.”

صحة ورفاهية

تحتل تونس المرتبة الثانية عالميا في الاستشفاء بمياه البحر بعد فرنسا، ولديها 60 مركزا للعلاج بمياه البحر، و390 من المراكز العلاجية المتعددة، يقع 84 في المئة منها داخل المنشآت الفندقية، بحسب الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه.

انتعش قطاع السياحة في البلاد بعد الأزمات الأمنية وجائحة كوفيد خلال العقد الأخير، و”شهدت السياحة في تونس انتعاشا لتصل إلى مستويات العام 2010″، وفقا للقيزاني.

وأظهرت بيانات رسمية أن عدد الزوار الأجانب تجاوز 10 ملايين خلال العام 2024، وهو رقم قياسي جديد في قطاع يمثل 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر نحو 500 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة.

وتجذب “مراكز الاستشفاء بالمياه في كل المراكز في تونس حوالي 1.2 مليون زائر سنويا”، 70 في المئة منهم من الأوروبيين، ومن بينهم 40 في المئة فرنسيون، وفقا للقيزاني.

وتمثل عائدات الاستجمام بمياه البحر حوالي 50 في المئة من إجمالي عائدات السياحة الصحية، بقيمة تصل إلى 200 مليون دينار (60 مليون يورو تقريبا).

بالقرب من مطار المنستير (شرق)، يستقبل مركز علاج بمياه البحر في أحد الفنادق الفاخرة العشرات من السياح من الفرنسيين والألمان والبريطانيين والكنديين والآسيويين، حتى في أبرد أيام الشتاء.

تقول الفرنسية مونيك ديكروكو التي تبلغ 65 عاما، “بمجرد وصولك، تجد أشجار النخيل والشمس… إنه شعور رائع. لكن هناك أيضا الجودة مقابل السعر. هنا، الاستجمام أقل تكلفة بكثير من فرنسا. حوالي ألف يورو للأسبوع شاملة كل شيء مقارنة بثلاثة آلاف يورو في فرنسا.”

يشدد جان بيير فيرانتي (64 عاما)، وهو سائح فرنسي من مدينة كان، على أن “جودة البنية التحتية هنا تضاهي تلك الموجودة في فرنسا.”

وتشير المسؤولة عن مركز الاستجمام بمياه البحر في منتجع “رويال إليسا” بالمنستير الدكتورة كوثر المؤدب إلى أن السياح عادوا من جديد.

وتضيف “تونس رائدة في احترام المعايير الدولية، ولكن الترويج لهذا القطاع لا يزال قليلا”، مشيرة إلى “نقص في الجهود التواصلية والإعلانية.”

ويرى الخبراء أن على تونس أيضا تطوير البنية التحتية، وخصوصا الخدمات الجوية، وإيلاء البيئة والطرق المزيد من الاهتمام.

وتوضح القيزاني أن ثمة مشاريع قيد التنفيذ لتطوير المنتجعات الصحية البيئية، لاسيما في قرية بني مطير الجبلية (شمال غرب) أو على ضفاف “بحيرة إشكل”، معربة عن اقتناعها بأن “لدى تونس كل الإمكانات لتصبح في الصدارة على مستوى العالم” في هذا المجال.

04 فبراير 2025

هاشتاغ

التعليقات