يجري رئيس البرلمان العراقي زيارة إلى إيران يبحث خلالها ملفات مهمة في مقدمتها الفصائل والتقارب السوري التركي مع العراق، بحسب ما أفادت وسائل إعلام عراقية.
وتأتي زيارة مشهداني في ظل الحديث عن تقارب سوري تركي عراقي لمكافحة الإرهاب في ظل متغيرات المنطقة، وتضرر إيران من هذا التقارب لاسيما وأن العراق منذ سنوات وهو يقبع تحت عباءتها.
وقال مجلس النواب العراقي في بيان نشره عبر صفحته على فيسبوك إن رئيس مجلس النواب محمود المشهداني اجتمع اليوم الاثنين، برئيس مجلس الشورى الإيراني السيد محمد قاليباف في العاصمة طهران.
وأضاف البيان أن اللقاء الذي حضره أعضاء من مجلس النواب العراقي وأعضاء من مجلس الشورى الايراني تناول ملف التعاون بين المؤسسات التشريعية في البلدين.
كما ناقش الجانبان التحديات التي يواجهها العالم الإسلامي عموما والمنطقة على وجه الخصوص، والمواقف المطلوبة لتجاوزها وتجنيب شعوب المنطقة خطرها.
واتفق الجانبان على تفعيل اتفاقيات التعاون المشترك بما يحقق مصالح الشعبين الجارين ويحافظ على سيادة البلدين.
ومن جانبها، أفادت وكالة مهر الإيرانية للأنباء أن المشهداني عبر خلال اللقاء عن "إرتیاحه للزیارة" موضحا أن "إيران بلد جار، وهناك مصالح مشترکة بین البلدین.
وأضاف المشهداني أن "العراق کان ولایزال یعتبر الجمهورية الإسلامية الإيرانية سنداً قویاً جداً في مراحل عديدة لاسيما في فترة هجوم داعش".
وتحدث عن "العلاقات الطيبة التي تربط بين البلدين"، موضحا أن "العراق دائماً انتفع باستشارات وآراء إيران وتحدیداً في الوقت الذي تعیش فیه دول المنطقة ظروفاً خاصة".
وختم بأن "الزيارة تهدف إلى مناقشة الأهداف المشترکة والظروف الخاصة لدول المنطقة لاسيما شعب غزة".
وتتمتع إيران التي تعد أحد الشركاء التجاريين الرئيسيين للعراق بنفوذ سياسي كبير في العراق خصوصا على الأحزاب الشيعية الرئيسية وفصائل الحشد الشعبي التي باتت منضوية في القوات الرسمية العراق.
ويهيمن حلفاء طهران العراقيون على البرلمان، وكان لهم دور أساسي في اختيار رئيس الحكومة الحالي. ويزور سنويا ملايين الحجاج الإيرانيين مدينتَي النجف وكربلاء العراقيتين المقدستين.
ولاقت هذه المواقف تأييد المسؤولين الإيرانيين الذين قابلوها باستعدادهم لمزيد تطوير العلاقات في ظل الظروف الحالية والتحديات القائمة.
وأشار رئيس البرلمان الإيراني خلال اجتماعه المشترك مع نظيره العراقي إلى "القواسم المشتركة السياسية والدينية والاقتصادية بين البلدين". وفق ما أفادت وكالة مهر الإيرانية.
وقال قاليباف "في الواقع فإن شعبنا والحكومة والبرلمان العراقيين متحدون في مجال السلام والاستقرار في المنطقة وتنمية العلاقات الثنائية والتأثير في العالم الإسلامي كمان البلدين، في ذروة التنسيق والتشاور والتعاون من أجل التأثير الجدي على المستوى الدولي."
وأضاف إن "البلدين عازمان على الدفاع عن جبهة المقاومة والإسلام وكرامة الأمة الإسلامية، والتواجد في الميدان ومساندتهم، وتطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية الثنائية متابعا ينبغي تنمية التعاون مع دول الجوار والدول الإسلامية، العربية وغير العربية من أجل استقرار وأمن المنطقة بشكل خاص".
وأشار إلى أنه تم خلال الاجتماع مع نظيره العراقي التركيز على تطوير العلاقات البرلمانية وتفعيل اللجان المشتركة في المجالات الاقتصادية ومن بين القضايا الاخرى التي تمت مناقشتها التبادل في قطاع الطرق وتطوير السكك الحديدية وخط سكة حديد خرمشهر - البصرة.
وأكد الطرفان أهمية التعاون في مجال الحج والسياحة بين البلدين بالإضافة إلى الاتفاقيات الخاصة بإرساء الأمن الحدودي المستدام.
ولفت قاليباف إلى أن مذكرة التفاهم التي وقعها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في العراق، كانت على رأس أولويات عمل برلماني البلدين في اجتماع الاثنين، وتقرر أن يعمل برلمانا البلدين على تنفيذ تلك التفاهمات.
ووصل رئيس مجلس النواب العراقي، الأحد، إلى العاصمة الإيرانية طهران، في زيارة رسمية على رأس وفد نيابي كبير.
وبحسب وسائل إعلام عراقية فإن المشهداني سيركز على ملفين مهمين خلال زيارته لطهران، هما ملف الفصائل والتقارب السوري التركي مع العراق.
وبعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، تراجع خطاب الفصائل العراقية المطالب بإخراج القوات الأميركية من البلاد، وبدأت بإعادة النظر في مطالبها، وفقا لمسؤولين عراقيين وأميركيين تحدثوا لوكالة "أسوشيتد برس".
وقالت الوكالة، مطلع فبراير الجاري، إن سقوط الأسد، الحليف لإيران، أدى إلى إضعاف نفوذ طهران في المنطقة، مما جعل الجماعات المتحالفة معها في العراق تشعر بالضعف.
وأضافت أن الكثيرين في العراق يخشون أيضا من أن تنظيم داعش قد يستغل الفراغ الأمني للعودة من جديد، في وقت لا تزال فيه القيادة الجديدة في سوريا تعمل على ترسيخ سيطرتها على البلاد وتشكيل جيش وطني.
وكانت صحيفة "ديلي صباح" التركية، أفادت السبت، بأن هناك تحالف عراقي سوري تركي لمكافحة الإرهاب، يسلط الضوء على متغيرات عدة في المنطقة، لا سيما في مجال العلاقات الاستراتيجية والأمن الإقليمي، لكن لهذا الأمر له قراءات عدة، منها محاولة "سحب" العراق من العباءة الإيرانية.
ونشرت شبكة بلومبيرغ في 27 يناير الماضي، تقريرا تناول مستقبل العراق في ظل تصاعد الحديث عن انسحاب القوات الأميركية المتوقع العام المقبل، مشيرة إلى أن المخاوف من وقوع العراق تحت النفوذ الإيراني بشكل كامل لا تستند إلى أسس تاريخية أو واقعية.
ويتزامن تقرير بلومبيرغ مع تصاعد النقاش في الولايات المتحدة حول مستقبل الوجود العسكري الأميركي في العراق، ففي حين يرى بعض المحللين أن الإدارة الأميركية تسعى إلى البقاء عسكريا لفترة غير محددة، يرى آخرون أن توجهات الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تنتهي بسحب كامل للقوات.
وتشهد الساحة السياسية في العراق جدلا واسعا حول مساعي الحكومة لإقناع الفصائل المسلحة في البلاد بتسليم السلاح أو الانضمام للقوات الأمنية، لا سيما بعد النكسات التي تعرض لها "محور المقاومة"، وتولي ترامب سدة الحكم.
وجاء ذلك في الوقت الذي تدرس فيه حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إرسال وزير الخارجية فؤاد حسين في زيارة رسمية إلى سوريا، في خطوة مكملة لسياسة الانفتاح على الدول الإقليمية، لاسيما بعد تولي قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع الرئاسة في سوريا.
وسمّى قادة الفصائل المسلحة المشاركة في الهجوم الذي أطاح بنظام الأسد، في الثامن من ديسمبر الماضي، الأربعاء أحمد الشرع رئيسا للمرحلة الانتقالية، كما تقرر إلغاء العمل بدستور سنة 2012، فضلا عن حل حزب البعث العربي الاشتراكي ومجلس الشعب والجيش والأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد.
وأجرى وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في 26 يناير الماضي، زيارة سريعة إلى العاصمة بغداد، هي الثانية له إلى البلاد منذ توليه منصبه في يونيو 2023، حيث تركزت على الأحداث في سوريا.
وشكلت الأوضاع والتطورات التي تشهدها سوريا واستمرار مكافحة تنظيم داعش، أبرز الملفات التي بحثها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال لقائه في بغداد، في 26 كانون الثاني يناير الماضي، مع كل من وزير الخارجية التركي هاكان فيدان وقائد قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش في العراق وسوريا الجنرال كيفن ليهي.
ولعل إيران المتضرر الأكبر مما حدث، فقد تقطعت أوصال "الهلال الشيعي" الذي عملت على مدى 44 عاما على صناعته، فمنذ العام 1980 استطاعت إيران أن تبني علاقات استراتيجية مع نظام حافظ الأسد الذي وقف معها بقوة في حرب الثماني سنوات مع العراق، وصل الأمر إلى حرمان سوريا نفسها من واردات مرور النفط العراقي من أنبوب كركوك ـ بانياس لنقل النفط عام 1982، الأمر الذي أفقد العراق، يومها، نصف قدرته التصديرية، ولم يبق له سوى تصدير النفط عبر خط كركوك ـ جيهان المار عبر تركيا، بعد تعذر تصدير النفط عبر الخليج العربي بسبب الحرب.
وتسبب وجود عناصر حزب العمال الكردستاني، الذي تصنّفه أنقرة "منظمة إرهابية"، في الأراضي العراقية بالعديد من الأزمات السياسية بين البلدين، وتكمن صعوبة إجراء تفاهمات كاملة بين حكومة العراق والحكومة التركية بشأن إنهاء وجود مسلحي الحزب في العراق في عدة عوامل ميدانية عسكرية، أبرزها وجود الحزب في مناطق يصعب وصول القوات العراقية إليها، ضمن المثلث العراقي الإيراني التركي الواقع تحت إدارة إقليم كردستان، إلى جانب الدعم الذي يتلقاه مسلحو الحزب من فصائل مسلحة توصف عادة بأنها حليفة لإيران، خصوصا في مناطق سنجار، غرب نينوى.