بدأت تونس تفعيل التسويق الدبلوماسي لتعزيز حضور زيت الزيتون في الأسواق العالمية، والسعي للنفاذ إلى أسواق جديدة وتوسيع مجال الصادرات من هذه المادّة التي تعتبر من أجود أنواع الزيت عالميا. وفي إطار هذه الإستراتيجية، نظمت تونس حفل استقبال مساء الجمعة، على شرف السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين في البلاد وممثلي الوزارات، تحت شعار “زيت الزيتون التونسي، كنز وطني نتشاركه مع العالم”.
وأكدت وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة شيبوب أهمية مثل هذه التظاهرات في الترويج عالميا لزيت الزيتون التونسي، والبحث عن أسواق جديدة، خاصة في ظل حضور ممثلين عن الجهات المانحة على غرار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والمنظمة العربية للهجرة إلى جانب الدبلوماسيين الأجانب المعتمدين في تونس.
وتتجه تونس إلى زيادة صادراتها من زيت الزيتون نحو الأسواق الأوروبية غير التقليدية، على غرار سويسرا والمملكة المتحدة وهولندا والدول الأسكندنافية، إذ تظهر الإحصائيات نمو الطلب على زيت الزيتون البكر الممتاز بنسبة 12 في المئة على مستوى هذه الأسواق في 2023.
واعتبرت الوزيرة شيبوب أن اللقاء أيضا، يشكل فرصة للتعرف على متطلبات البلدان الأخرى في مجال زيت الزيتون، حتى “نكيف إستراتيجيتنا المستقبلية، للاستجابة أكثر لخاصيات ومقاربات التسويق المتعلقة بكل سوق.” وقالت إن المهمة موكولة لممثلي البعثات الدبلوماسية المعتمدة بتونس للقيام بدور الوسيط والتعريف بجودة الزيت التونسي الذي توارثته الأجيال، مشيرة إلى أن الجوائز التي يحصدها الصناعيون والناشطون في القطاع “تجعلنا متفائلين.”
وأكدت أن الجهود تركز حاليا على تنويع المزيد من الوجهات لزيت الزيتون التونسي والنفاذ إلى أسواق أخرى. وأفادت بأن تونس تعد أول منتج لزيت الزيتون البيولوجي في العالم، بعد بيعها حوالي 40 ألف طن على مستوى الأسواق الدولية خلال الموسم 2023 - 2024.
ويعزز ذلك من القدرة التنافسية لتونس في الأسواق العالمية الكبرى مثل أوروبا وأميركا الشمالية واعتراف هذه الأسواق بجودة الزيت التونسي. وقالت “ليس أمامنا من خيار سوى تعزيز تموقع زيت الزيتون المعلب التونسي في الأسواق الخارجية التقليدية والمزيد من التعريف بالمنشأ التونسي، مع تنويع أسواق التصدير والنفاذ إلى المزيد من الأسواق.”
وتشير الإحصائيات إلى أنّ استهلاك زيت الزيتون في السوق المحلية، يمثل نحو 30 في المئة فقط من الإنتاج، وهو ما تهدف الحكومة إلى زيادته. حيث تلتزم بمواصلة دعم قطاع زيت الزيتون لاسيما من خلال الاستثمار في التكنولوجيا والبحث العلمي، إذ تمّ تخصيص ميزانية بقيمة 30 مليون دينار (الدولار الأميركي= 3.19 دينار تونسي) لدعم البحث والابتكار في تقنيات غراسة الزيتون واستخراج الزيت، وكذلك من خلال التوسع في الغراسات المستديمة بزيادة مساحات زيتون الزيت، بنسبة 5 في المئة، خلال السنوات المقبلة.
وتوقعت شيبوب أن يكون إنتاج الموسم 2024 – 2025 قياسية، في حدود 360 ألف طن. فيما بلغت صادرات تونس من المنتج ذاته خلال موسم 2023 – 2024 نحو 195 ألف طن، استقطبتها 60 وجهة مكنت من تحقيق عائدات بـ5 مليارات دينار.
ويشكل زيت الزيتون 70 في المئة من إجمالي صادرات المنتجات الفلاحية لتونس. وشهدت البلاد تذبذبًا في معدلات الإنتاج من موسم إلى آخر. وتعتبر المنافسة المتزايدة في الأسواق التقليدية على غرار الاتحاد الأوروبي، الذي يقتني نحو 80 في المئة من صادرات تونس من زيت الزيتون، من بين التحديات المطروحة، إضافة إلى النسبة الضعيفة من زيت الزيتون المعلّب ضمن مبيعات تونس، والتي من المنتظر أن تكون في حدود 15 في المئة، من مجمل الصادرات.
وأكد كاتب الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد بن عياد، بالمناسبة على متانة العلاقة التي تربط البلاد بشجرة الزيتون والمكانة المرموقة التي تحظى بها، مما جعلها جزءا من الشخصية التونسية والهوية الوطنية، مبرزا تعدد المعارف والمهارات المرتبطة بهذه الشجرة “المباركة” وبمنتجاتها وخاصة منها زيت الزيتون.
وأشاد في هذا السياق بالجهود التي يبذلها المنتجون التونسيون وهياكل الدعم الوطنية لقطاع زيت الزيتون لتثمين هذا المنتوج وتعزيز إشعاعه على المستوى الدولي، بفضل ما يتميز به من مزايا متعددة. ودعا بن عياد ممثلي البعثات الدبلوماسية والمنظمات الدولية المعتمدين بتونس إلى المزيد من التعريف بزيت الزيتون التونسي وتوعية الفاعلين الاقتصاديين في بلدانهم لمعاضدة جهود البلاد في الرفع من نسق تصديره ودخول أسواق جديدة، لاسيما وأنه سجل معدلات إنتاج استثنائية خلال هذا الموسم.
◙ صادرات زيتون الزيتون المعلب حققت أرقاما قياسية مما جعل تونس تحتل المرتبة الرابعة عالميا ونسبة كبيرة من المنتوج هو بيولوجي
من جهته قال الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات مراد بن حسين بأن صادرات زيتون الزيتون التونسي المعلب حققت أرقاما قياسية مما جعل تونس تحتل المرتبة الرابعة عالميا، مضيفا أن نسبة كبيرة من المنتوج هو بيولوجي وذو قيمة مضافة عالية.
وأوضح بن حسين أن الاستهلاك العالمي من الزيوت البيولوجية، لا يتجاوز 2 في المئة، من جملة الاستهلاك فيما تعتمد النسبة المتبقية على استهلاك الزيوت المهدرجة، التي تشكل خطرا كبيرا على صحة المستهلك. وبين أن مركز النهوض بالصادرات طور 20 برنامجا ترويجيا للتصدير بهدف النفاذ إلى المزيد من الأسواق بالتعاون، خاصة مع مركز التعبئة والتعليب في مواجهة التنافسية العالمية وتعزيز مكانة زيت الزيتون المعلب التونسي في الأسواق الخارجية التقليدية ومزيد التعريف بالمنشأ التونسي.
ويراوح عدد معاصر زيت الزيتون في تونس ما بين 1600 و1750 معصرة إضافة إلى 35 وحدة للتعبئة والتعليب، وتحتل تونس المرتبة الثانية عالمياً من حيث الإنتاج بعد إسبانيا والمرتبة الأولى من حيث جودة الزيت.
وتولي الحكومة اهتماما كبيرا بالترويج وتسويق زيت الزيتون حتى على المستوى المحلي، ففي ديسمبر الماضي دعا رئيس الحكومة كمال المدوري، الوزراء وكتاب الدولة إلى إصدار التعليمات اللازمة لدعوة الهياكل الراجعة إليهم بالنظر أو بالإشراف للتنسيق مع التعاونيات مرجع النظر من أجل الانخراط بفعالية في البرنامج الوطني لترويج مادة زيت الزيتون في السوق الداخلية ومعاضدة المجهود الوطني لإنجاحه من خلال التنسيق مع الديوان الوطني للزيت لبرمجة شراءات من مادة زيت الزيتون لفائدة منخرطيها وتوفير تسهيلات في الدفع لهم على أن يتم خلاص مستحقات الديوان حال استلام الكميات المتفق عليها.
وذكر رئيس الحكومة أنه واعتبارا لما يكتسيه الموضوع من أهمية، فإنه يتعين على الوزراء وكتاب الدولة إيلاء العناية اللازمة لمنشوره واتخاذ التدابير اللازمة لتطبيق ما جاء فيه بكل دقة وإحكام.