بدت على الحكومة العمالية في بريطانيا علامات التحمس من أجل إحياء فكرة توسيع مطار هيثرو المثيرة للجدل، والتي ترى أنه مشروع محوري لدفع عجلة النمو الاقتصادي.
وأكدت وزيرة المالية راشيل ريفز الأربعاء أن الحكومة تدعم بناء مدرج جديد طال انتظاره في المطار الواقع في لندن، في إطار سعيها إلى إظهار قدرتها على الوفاء بوعودها بتسريع النمو.
وقالت في كلمة ألقتها في مصنع تصنيع تابع لشركة سيمنز هيلثينيرز بالقرب من أكسفورد إن “التأخيرات السابقة تلقي بظلال من الشك على جدية جاذبية بريطانيا للمستثمرين وتعوق فتح أسواق تصدير جديدة.” وأضافت “لا يمكننا التهرب من القرار بعد الآن.”
وتابعت “لقد قبلنا لفترة طويلة التوقعات المنخفضة، وقبلنا الركود وقبلنا خطر الانحدار. يمكننا أن نفعل ما هو أفضل بكثير.”
وموقع المدرج الجديد جنوب شرقي إنجلترا خضع للنقاش منذ سنوات، وسط مخاوف بشأن التلوث وتأثيره على حركة المرور، وما يمكن أن يحدثه من ضوضاء للسكان في محطيه.
ويعد مطار هيثرو بالفعل أحد أكبر المطارات في العالم، لكن القرار بشأن توسعته كان مصدرا للخلافات بين المسؤولين، وكانت آخرها خلال فترة رئيسة الحكومة السابقة تيريزا ماي في العام 2018.
ومع أن لندن تضم 6 مطارات، فإن هيثرو يعتبر أكبرها وأشهرها، ويُصنف كإحدى البوابات الجوية الرئيسية في أوروبا للسفر. وتظهر المؤشرات أن معظم شركات الطيران في العالم تمر عبره في رحلات جوية مباشرة من جميع المدن الكبرى تقريبا.
وتستخدم المطار قرابة 90 شركة طيران عالمية تسير رحلات إلى قرابة 215 وجهة ضمن 84 بلدا، وهذا الأمر يجعله من أكثر المطارات ازدحاما، وهو في منافسة مع مطار دبي.
وفي يناير 2024 احتل مطار هيثرو المرتبة الثانية في قائمة المطارات الدولية الأكثر ازدحاما حول العالم بحوالي 3.5 مليون مقعد.
وبحسب المنصة الإلكترونية لمطار هيثرو، يمتلك جهاز قطر للاستثمار 20 في المئة، والمستثمرون الأصغر حجما وهم كاس دو ديبو إيه بلاسمون دو كيبك حصة تبلغ 12.6 في المئة.
ويملك صندوق الثروة في سنغافورة حصة تبلغ 11.2 في المئة وصندوق التقاعد الأسترالي 11.18 في المئة، وأما شركة الصين للاستثمار وشركة يونيفرسيتيز سوبر أنيويشن سكيم البريطانية فتملك كل منهما عشرة في المئة.
وكان صندوق الثروة السعودي قد اتفق في نوفمبر الماضي، مع شركة فيروفيال أس.أي الإسبانية على شراء حصة من شركة أف.جي.بي توبكو، الشركة القابضة لمطار هيثرو.
وجاءت الخطوة بعد موافقة فيروفيال على بيع حصتها البالغة 25 في المئة بالمطار بنحو 2.37 مليار جنيه إسترليني (3 مليارات دولار)، بواقع 10 في المئة للصندوق السعودي و15 في المئة لشركة الأسهم الخاصة الفرنسية أرديان.
مطار هيثرو يعد بالفعل أحد أكبر المطارات في العالم، لكن القرار بشأن توسعته كان مصدرا للخلافات بين المسؤولين
ووعدت ريفز ورئيس الوزراء كير ستارمر الناخبين قبل انتخابات يوليو الماضي بأنهما سيحولان بريطانيا إلى أسرع اقتصاد نموا في مجموعة السبع.
ولكن منذ تولى حزب العمال السلطة، فقد الاقتصاد زخمه، حيث ألقى العديد من أصحاب العمل باللوم على خطة الميزانية الأولى لريفز والتي تضمنت زيادة كبيرة في العبء الضريبي على الشركات.
وأدى ارتفاع تكاليف الاقتراض الحكومي العالمي في وقت سابق من هذا الشهر قبل تنصيب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، والذي ضرب المملكة المتحدة بشدة، إلى زيادة الضغوط على ريفز لتحريك الاقتصاد مرة أخرى.
وإلى جانب المطار، أكدت ريفز، التي تواجه ضغوطا لمعالجة مخاوف المستثمرين بشأن الاقتصاد البريطاني بعد موجة بيع في سوق السندات هذا الشهر، أن هناك خططا لبناء مزارع رياح جديدة وخزانات مياه و”ممر نمو” بين مدينتي أكسفورد وكامبريدج الجامعيتين.
وقالت إن “الحكومة ستزيل الحواجز أمام توصيل 16 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية فضلا عن استثمارات من صندوق حكومي بقيمة 65 مليون جنيه إسترليني (80.7 مليون دولار) في شبكة شحن السيارات الكهربائية و28 مليون جنيه إسترليني في عملية تعدين في جنوب غرب إنجلترا.
وأوضحت أن بريطانيا ستسعى إلى إعادة ضبط علاقاتها التجارية مع الاتحاد الأوروبي، والتي توترت بسبب البريكست والبناء على علاقتها مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس الجديد دونالد ترامب.
وتوقع بنك إنجلترا المركزي أن اقتصاد بريطانيا لن ينمو على الإطلاق في النصف الثاني من عام 2024. وذكر في نوفمبر أنه يتوقع نموا بنسبة 1.5 في المئة خلال 2025، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى زيادة الإنفاق الحكومي.
وتوقعت مورغان ستانلي وغولدمان ساكس وجي.بي مورغان مؤخرا نموا أقل من واحد في المئة هذا العام، رغم أن صندوق النقد الدولي أكد أن بريطانيا ستتفوق على نظيراتها الأوروبية الأكثر تباطؤا.