بدأت السلطات التونسية في معالجة مشاكل قطاع النقل الحيوي تدريجيا، عبر صيانة تجهيزات أسطول النقل البري المتقادم ووضع خطة جديدة لإعادة تأهيل الشركة الوطنية للسكك الحديدية.
وتشهد تونس منذ سنوات ازدحاما كبيرا في وسائل النقل العمومي من مترو وحافلات. ويرى مراقبون أن معضلة النقل باتت من أهم المشاكل اليومية للمسافرين وخصوصا التلاميذ والطلاّب، خصوصا مع التزامن بين الزمن التربوي والزمن الوظيفي والإداري، ما يخلق اختناقا مروريّا في الحواضر الكبرى، فضلا عن تواتر التعطيلات والصعوبات بسبب تقادم أسطول الحافلات.
وأكّد وزير النقل رشيد عامري، الإثنين، إتمام صيانة 8 عربات مترو وإعادتها إلى الاستغلال بالإضافة إلى إعادة 12 عربة إضافية في غضون أسبوعين.
وأضاف في تصريح لإذاعة محلية أن ذلك سيتعزّز العرض بالنسبة لخطوط المترو، مع تواصل المجهودات لإعادة استغلال 20 عربة مترو خارجة عن الخدمة للوصول إلى استخدام حوالي 50 في المئة من الأسطول المتكوّن من 189 عربة.
ويقتصر العمل حاليا على 42 عربة مترو فقط من إجمالي خطوط المترو، حسب الوزير.
من جهة أخرى أعلن وزير النقل أنّ الخط “د” للشبكة الحديدية السريعة RFR الرابط بين العاصمة والقباعة (في أحواز العاصمة) سيدخل حيز الاستغلال الفعلي يوم 25 يناير الجاري، بعد أكثر من أسبوعين من التشغيل التجريبي الذي انطلق يوم الجمعة 3 يناير.
ويتكون الخط “د” للشبكة الحديدية السريعة لتونس الكبرى من سبع محطات وسبعة ممرات علوية للمترجلين خارج السكة منها أربعة ممرات مجهزة بمصاعد كهربائية وسبع منشآت فنية منها ثلاثة جسور وأربعة ممرات سفلية للعربات، إضافة الى ممرات علوية وسفلية داخل المحطات.
وقد استغرقت التجارب على الخط “د” وقتا طويلا نظرا لأن هذا الخط يحتوي إلى جانب سكة القطار السريع سكة القطار العادي باتجاه الجزائر وخط نقل البضائع نحو بنزرت، وهو ما تطلب توفير تجهيزات إضافية على غرار أجهزة إتاحة الرؤية والتواصل بين القطارات وتأمين سلامة المسار، حسب تصريحات سابقة للرئيس المدير العام لشركة تونس للشبكة الحديدية السريعة لطفي شوبة.
ولفت وزير النقل إلى إنّ الوزارة ستلتفت إلى وضعية الشركة التونسية للسكك الحديدية لإنقاذها وإعادة تأهيلها ضمن رؤية إستراتيجية لتحسين العرض بالنسبة لقطاع النقل وإرساء منظومة تلبي احتياجات المواطن في التنقل.
وقال عامري إنّ الدولة ستوفّر السيولة والإمكانيات الضرورية لإعادة تأهيل الشركة، وحلحلة مختلف الإشكاليات التي تواجهها على مختلف المستويات ومن بينها صفقات تتعلق باقتناءات قديمة متعطّلة.
عدد الموظفين يغذي حدّة ارتباك التوازنات المالية بفعل ارتفاع عدد الموظفين والعمال مقارنة بحاجة أغلب المؤسسات دون مردود وإنتاجية
وأفاد المحلل السياسي نبيل الرابحي أن “من ركائز الدولة الاجتماعية الديمقراطية، توفير مقومات العيش الكريم للمواطن، وندرك جيدا أن منظومة النقل اهترأت، لذلك أرادت الدولة التركيز على هذا القطاع الحيوي.”
وقال في تصريح لـ”العرب”، “الخطوط الجوية اليوم أصبحت محل متابعة يومية من السلطة، وهناك أولويات اليوم لدى حكومة كمال المدّوري التي أظهرت إرادة سياسية واضحة من أجل إرساء مناخ اجتماعي سليم.”
ويغذي عدد الموظفين حدّة ارتباك التوازنات المالية بفعل ارتفاع عدد الموظفين والعمال مقارنة بحاجة أغلب المؤسسات دون مردود وإنتاجية.
وتشهد المدن التونسية تطورا عمرانيا كبيرا مصحوبا بتزايد في استعمال وسائل النقل الفردية على حساب وسائل النقل الجماعية وارتفاع تكاليف النقل عموما، وهو ما ينعكس سلبا على حركة المرور وعلى المقدرة الشرائية للمستعمل، كما تشهد خدمات النقل العمومي للأشخاص، خاصة منها المسداة من قبل شركات النقل العمومي للمسافرين، تدهورا واضحا ويرجع ذلك بالأساس إلى عدم القيام بالاقتناءات الضرورية وتردي حالة الأسطول لنقص الصيانة اللازمة.
وبدا واضحا حسب المتابعين للشأن التونسي في الفترة الأخيرة اهتمام السلطة على قلة إمكاناتها بتحسين جودة الخدمات في القطاعات الحيوية على غرار التعليم، النقل، الصحة والخدمات الاجتماعية الأخرى.
وأعلنت وزارة النقل، السبت، عن إطلاق طلب عروض بغاية اقتناء 300 حافلة جديدة بصفة مستعجلة بكلفة تقديرية تناهز 170 مليون دينار، وذلك لفائدة شركة نقل تونس.
وتقدّر الحاجيات الأوليّة لأسطول الشركة بـ718 حافلة جديدة، وفق إطار الإجراءات العاجلة لإعادة بناء المرفق العمومي، بحسب وزارة النقل.
وشهدت جاهزية أسطول حافلات شركة نقل تونس، منذ سنة 2010، تراجعا متواصلا، والتي كانت تستغل حينها أسطولا يناهز 1000 حافلة في حين أنّ الحافلات المستغلّة، حاليا، هي في حدود 400 حافلة.