تباينت ردود فعل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي على الحرائق الهائلة التي اجتاحت مدنا أميركية وحولت أحياء في كاليفورنيا إلى رماد، وهناك من اعتبر أنها “عقاب إلهي” و”انتقام السماء”، بسبب ما يجري في غزة، مع مقارنة بين مشاهد آلاف المباني المسويّة بالأرض في قطاع غزة ومناطق أميركية، فيما رفض آخرون هذه المبررات.
ويعتبر تيار الغاضبين من الممارسات الأميركية في الشرق الأوسط ومساندتها لإسرائيل في حربها على غزة، أن “العدالة الإلهية” تسببت بالحرائق، بعد خطاب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي توعد فيه بتحويل غزة إلى جحيم، متجاهلا ما تسببت به حليفته إسرائيل في حربها على غزة التي خلفت عشرات الآلاف من الضحايا منذ أكتوبر 2023، وكتب أحدهم:
SAIDALHSANI73@
أجمل ما شاهدته في حريق #لوس_أنجلس بكاء الممثل الأميركي جيمس وودز عند احتراق منزله….
بالأمس القريب يسخر من اهل غزة ويطالب بحرقها وعدم وقف إطلاق النار..
mustafakamilm@
أميركا لا تعرف إطفاء الحرائق، تعرف إشعالها فقط.
وكتب ناشط:
nasser_2030m@
اكبر نزوح في تاريخ #أميركا
الدنيا دوارة.. كما تدين تدان
نزوح أغنياء #لوس_أنجلوس
ونشر ناشط مقطع فيديو لممثلة أميركية أرفقه بتعليق:
mustafakamilm@
الممثلة الأميركية جيمي لي كورتيس: هناك مناطق في لوس أنجلس أصبحت تشبه غزة أو غيرها من المناطق التي دمّرتها الحروب.
ومؤيدو هذا الرأي الذين شكلوا موجة ضخمة في مواقع التواصل، شملوا فئات عدة من مستخدمين متابعين إلى صانعي رأي في الإعلام والسياسة والاقتصاد، بينما تعامل الكثيرون مع الموضوع بتجرد علمي، وكتب أحدهم:
OhoudMuammer@
طائر الحدأة هو منشئ للحرائق
والرياح ساهمت في تمددها
ومادة الخشب المصنوعةِ منها البيوت عامل في بقائها وعدم اضمحلالها، قد يكون السبب بسيط ولكن العوامل المحيطة تساهم في تأجيج الأمر.
#لوس_أنجلس
ودخلت حسابات وهمية على الخط. وقال أحد الحسابات السعودية المعارضة:
TurkiShalhoub@
إحصائية مخيفة لـ #حرائق_كالفورنيا
تدمير أكثر من 12,300 مبنى
تهجير أكثر من 166ألف إنسان
احتراق قرابة 36 ألف فدان
يقال إن الخسائر المادية وصلت إلى 150 مليار دولار.
كل ذلك خلال ساعاتٍ قليلة!!
ونقل معلق:
DrZboun@
عمدة لوس أنجلس في تعليقها على الحرائق: كما لو أن قنبلة ذرية أُلقِيَت على لوس أنجلس!
في المقابل رفض الكثير من الناشطين هذه التبريرات معتبرين أنها تعبر عن نظرة قاصرة تنم عن “عجز وعدم اعتراف بالهزيمة”، وقال أستاذ الإعلام التونسي صلاح الدين دريدي في تدوينة على حسابه في فيسبوك:
Salaheddine Dridi
ثقافتنا الراسبة في أعماقنا
حرائق لوس أنجلس عقاب من الله.
وفيضانات مكة عقاب ممن؟
وجزيرة مايوت الفرنسية التي سواها الإعصار بالأرض ويقطنها العديد من المسلمين؟
الدفاع عن المساجين السياسيين عندنا لا يتجاوز الدعوة على الظالم والدعوة للمظلوم. بمنطق حسبي الله ونعم الوكيل. ويا ظالم يجيك نهار.
من أسباب حرائق لوس أنجلس سرعة الرياح والجفاف الغابي والمنازل متاخمة للشريط الغابي.
ومن أسباب سيول مكة الانحباس الحراري والبنية التحتية التي لم تقع تهيئتها لمثل هذه الأوضاع.
بعض علماء الزيتونة عندما رأوا القطار – بعد اختراعه – يربط الشمال بالجنوب ويطوي الأرض طيا أفتوا بأنه عندما تلتقي أطراف الأرض فإنه نذير بنهاية العالم.
وانتشرت المعلومات المضللة التي ترافق عادة الكوارث الطبيعية والبشرية مع اختلاط الحقائق بالشائعات، حتى أن البعض شارك فيديو يزعم فيه أن أميركيين “تحولوا للإسلام” بسبب الحرائق، و”النساء” منهم خصوصاً، فيما انتشرت صورة لمنزل قيل أن الله نجاه من بين آلاف المنازل التي دمرها الحريق، وكتب ناشط:
Mohsen Abderrahmen
يجري تداول صورة منزل لم تلتهمه النيران على أساس أنه بيت لتعليم القرآن الكريم في لوس أنجلس حماه الله من حريق كاليفورنيا الكافرة والحال ان الصورة تعود لصائفة 2023 من حريق جزر هاواي…
وانتشرت تعليقات مشابهة في إكس وفيسبوك وتيك توك، قوبلت برفض كبير من تيار آخر، رأى فيها “جهلاً بالحقائق” وتجييراً لتفسيرات دينية “قاصرة”.
والعديد من مناهضي فكرة العقوبة الإلهية، سردوا حقائق عن جغرافيا كاليفورنيا والأسباب وراء اندلاع الحرائق فيها سنوياً، علماً بأن هذا بين أضخمها على مرّ التاريخ الأميركي.
كما رأى بعضهم مفارقة في التفسير الديني الذي يعتمده أشخاص حين تقع الكوارث في دول عربية وإسلامية، إذ يعتبرونها “ابتلاء واختباراً من الله”، لكنها “عقوبة وانتقام” لغيرهم.
أشار العلماء والمدافعون عن البيئة إلى تغير المناخ باعتباره عاملا رئيسيا يساهم في شدة وتواتر حرائق الغابات في كاليفورنيا، بحسب تقرير لصحيفة وول ستريت جورنال.
وأدت درجات الحرارة العالمية المرتفعة إلى إطالة فترات الجفاف وجفاف الغطاء النباتي، مما خلق الظروف المثالية لانتشار الحرائق بسرعة.
والتهمت الحرائق نحو 30 ألف فدّان (121.4 كلم مربع) في مقاطعة لوس أنجلوس، جنوب غربي الولايات المتحدة، مخلفة أكثر من 5300 بيت مدمر بحسب تقديرات فرق الإطفاء، وأكثر من 12 ألف مبنى في المجمل.
وفي آخر إحصائية لعدد القتلى، أكد الطب الشرعي في المقاطعة ارتفاعه إلى 24 شخصاً، منذ اندلاع الحرائق الثلاثاء الماضي.
وحذر رئيس إدارة الإطفاء، أنتوني ماروني، من أن خطر الحريق لا يزال مرتفعا بسبب الرياح القوية، والهواء الجاف، والنباتات الجافة.
وقال حاكم ولاية كاليفورنيا، جافين نيوسوم، إن رجال إطفاء من المكسيك وصلوا لوس أنجلس للانضمام إلى أكثر من 14 ألفا من العاملين في مكافحة الحرائق.
وفي المجتمع المحلي الأميركي، برزت الكثير من الدعوات للتضامن والتطوع والمساعدة إضافة لحملات التبرع بالأموال والملابس والاحتياجات الأساسية لصالح آلاف العائلات المتضررة التي باتت بلا مأوى.
ويتقدم هذه الحملات مشاهير من الفنانين والإعلاميين، بعضهم تضررت ممتلكاته أساسا في الحرائق.
وقالت الممثلة جينيفر غارنر في مقابلة تلفزيونية، إن أحد أصدقائها توفي في الحريق لأنه لم يتمكن من الإخلاء في الوقت المناسب، كما خسر 100 من معارفها بيوتهم.
ودعا مذيع البرنامج الشهير “أميركان غوت تالنت”، سايمون كاول، عبر حساباته في مواقع التواصل، إلى التبرع لمنظمة الصليب الأحمر لمساندة متضرري الحرائق.