حقق القطاع الصناعي في سلطنة عُمان نموا ملحوظا، حيث بلغت مساهمته 10.64 مليار دولار حتى نهاية يونيو 2024، ما يمثل نسبة 19.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي بسعر السوق البالغ 54.35 مليار دولار. وتمثل الصناعة أحد المحركات الرئيسية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتنويع الاقتصاد. وقد عملت الحكومة على تعزيز القيمة المحلية المضافة في مختلف مجالات القطاع، ما أسهم في تقوية سلسلة التوريد المحلية وتقليل الاعتماد على الواردات.
واستحوذت الصناعات التحويلية على النصيب الأكبر بقيمة إجمالية تتجاوز 2.19 مليار ريال عُماني، مشكّلة 10.5 في المئة من الناتج المحلي، أما الأنشطة الصناعية الأخرى فسجلت مساهمة قدرها 1.9 مليار ريال عُماني، أي ما يعادل 9.1 في المئة. وتستهدف الحكومة رفع مساهمة القطاعات غير النفطية إلى نحو 83.9 في المئة بحلول نهاية العقد الحالي، على أن تصل إلى حوالي 91.6 في المئة بحلول 2040.
وأكد مازن السيابي، المدير العام المساعد للصناعة في وزارة التجارة، أن الصناعات التحويلية ارتفعت مساهمتها بنسبة 10.5 في المئة في النصف الأول من عام 2024، مقارنة بنحو 9.4 في المئة خلال عام 2023 و8 في المئة في عام 2020.
وأشار في تصريح لوكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى أن هذا التحسن يعكس تقدم القطاع الصناعي ونجاح السياسات الحكومية في تعزيز النمو الاقتصادي. وأوضح أن سعي الحكومة لبناء مستقبل صناعي قوي يتماشى مع تطلعاتها المستقبلية، إذ حققت خلال السنوات الخمس الماضية العديد من الإنجازات في قطاع الصناعة.
ومن أبرز علامات الخطوة، الإستراتيجية الصناعية 2040 التي أطلقها السلطان هيثم بن طارق في مايو 2024، حيث نظمت وزارة الصناعة مجموعة من الحلقات النقاشية التي جمعت جميع المعنيين لتسليمهم المبادرات الخاصة بالإستراتيجية.
وفي نوفمبر الماضي عززت الحكومة جهودها للارتقاء بقطاع الصناعة في ظل المحفزات المتنوعة التي أصبح يحظى بها في السنوات القليلة الماضية، خاصة بعد أن أثبتت السلطات أنها عازمة على تحقيق أقصى استفادة من هذا المجال المهم.
وفي خطوة جديدة ضمن إطار أجندتها الاقتصادية “رؤية 2024"، أطلقت الحكومة الأحد خطة المحتوى المحلي في القطاع الصناعي “تصنيع” ليكون تحت اختصاص وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار. وترمي مسقط من وراء هذه الخطة إلى تعزيز الاعتماد على المنتجات المحلية وزيادة نسبة المكون المحلي في الصناعات الوطنية ودعم الشركات العُمانية الصغيرة والمتوسطة ورفع كفاءة سلاسل التوريد المحلية.
كما تهدف خطة “تصنيع” إلى تعزيز تنافسية القطاع الصناعي وتشجيع الاستثمار في الصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة، بما يسهم في تحقيق الأهداف الوطنية الرامية إلى التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الواردات.
وفي إطار تحسين البيئة التنظيمية تم اعتماد قانون الصناعة الموحد ولائحته التنظيمية، وإصدار لائحة هوية المنتج الوطني ولائحة غاز الطبخ. وتعمل الوزارة على منع تصدير المخلفات والمواد الأولية واستغلالها، ما يعزز كفاءة استخدام الموارد ويقلل الأثر البيئي.
وتظهر المؤشرات أن القطاع يؤدي دورًا متزايد الأهمية في الاقتصاد، حيث بلغ إجمالي مساهمة الأنشطة الصناعية في الناتج المحلي الإجمالي نحو 15.3 مليار دولار في 2020، ليرتفع إلى 17.9 مليار دولار في 2021، ثم إلى 20 مليار دولار في 2023.
ويعتقد السيابي أن هذا النمو المستمر يعكس فاعلية الخطط التنموية المعتمدة من قبل الحكومة، والتي تهدف إلى تعزيز القدرات الإنتاجية وتحفيز الاستثمارات. وتبرز القفزة الكبيرة في طلبات التراخيص الصناعية، حيث ارتفعت بنسبة 62 في المئة من 12.1 ألف طلب في عام 2020 إلى أكثر من 135 ألف طلب بنهاية نوفمبر 2024.
ويؤكد السيابي أن هذه الزيادة تعكس اهتمام المستثمرين بالقطاع الصناعي ونجاح السياسات التي تشجع على إنشاء المشاريع الجديدة. بالإضافة إلى ذلك ارتفعت طلبات الإعفاءات الجمركية بنسبة 42 في المئة، وهو ما يدل على تحسن الظروف الاقتصادية وزيادة الأنشطة التجارية.
وسجلت طلبات شهادات المنشأ 77.3 ألف طلب، ما يدل على زيادة حجم التجارة الخارجية ورغبة الشركات العمانية في التوسع في الأسواق الدولية. أما طلبات الإعفاءات الجمركية المقدمة فقد بلغت 517 طلبًا، محققة نموًا بنسبة 42 في المئة، وتم إصدار قرارات إعفاء جمركي لنحو 590 طلبا، وهو ما يعكس تحسن الإجراءات التنظيمية.