وقع الأردن الذي يعد من أكثر دول العالم افتقارا للمياه، الأحد اتفاقا بقيمة خمسة مليارات دولار مع ائتلاف فرنسي، لتنفيذ مشروع ضخم لتحلية مياه البحر ونقلها من خليج العقبة أقصى الجنوب على البحر الأحمر إلى محافظات المملكة.
وسيوفر المشروع الذي أطلق عليه اسم "الناقل الوطني"، خطوط أنابيب لنقل المياه بطول حوالي 445 كيلومترا وواحدة من أكبر محطات تحلية المياه في العالم، مع أكثر من 300 مليون متر مكعب من مياه الشرب سنويًا لنحو أربعة ملايين نسمة في مختلف محافظات المملكة التي تعد بين الدول الخمس الاكثر افتقارا للمياه في العالم.
ويتوقع أن يبدأ تنفيذ المشروع قبل نهاية العام الحالي على أن ينجز بعد حوالي أربعة أعوام.
وذكرت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا) "سيتولى ائتلاف شركتي ميريديام وسويز مسؤولية تمويل وتصميم وبناء وتشغيل وصيانة النظام على مدى فترة الامتياز التي تشمل مرحلة البناء و26 عامًا من التشغيل".
وأضافت الوكالة "عند انتهاء فترة الامتياز ستعود ملكية المشروع إلى وزارة المياه والري بالكامل".
ونقلت الوكالة عن وزير المياه والري رائد أبوالسعود قوله ان "مشروع الناقل الوطني مبادرة وطنية رائدة ستضم واحدة من أكبر محطات التحلية على مستوى العالم ويعد أكبر مشروع للبنية التحتية يتم بناؤه في الأردن على الإطلاق وفي المنطقة".
وقال رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان في مطلع السنة إن "قيمة الناقل الوطني الاستثمارية الإجمالية تبلغ قرابة الأربع مليارات دينار (5.6 مليار دولار)".
وأوضح أن المشروع "مفتوح للاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية".
ويمثل هذا الاتفاق، وفق مراقبين، جرعة أوكسيجين للأردن الذي يعاني الإجهاد المائي الناتج أساسا عن التغييرات المناخية بسبب اعتماده على إستراتيجيات ظرفية وغير مستدامة.
واعتبر عضو غرفة صناعة عمان الكاتب الاقتصادي موسى الساكت أن "المشروع مهم جدا في تعزيز الأمن المائي"، مشيرا إلى "المعيق الوحيد هو في تكلفة إنتاج المياه المحلاة والتي ستكون مرتفعة ولن تقل عن 2.5 دولار للمتر المربع نظرًا للطاقة المستهلكة في عمليات التحلية، إضافة إلى التكاليف المتعلقة بنقل المياه عبر أنابيب بطول يزيد عن 400 كم، وطبعا عائد الربح للمستثمر الأجنبي".
وأضاف في تدوينة عبر حسابه على منصة إكس أن "المشروع استراتيجي (..) ولكن كنا نتمنى تقسيمه الى مشروعين .. مشروع تحلية ينفذه المستثمر الأجنبي صاحب الخبرة، ومشروع تصنيع مواسير وحفر ونقل عن طريق تشكيل شركة وطنية وهذا سيخفف بالضرورة التكلفة ويعود بعائد أكبر على المستثمرين سواء الشركة الوطنية او المستثمر الأجنبي".
وجاء هذا المشروع بعد تعثر الاتفاق مع إسرائيل على مشروع ناقل البحرين الذي كان سيربط بين البحرين الأحمر والميت.
وتعثر مشروع مد قناة تربط البحر الاحمر بالبحر الميت الذي يحذر الخبراء من احتمال جفاف مياهه بحلول 2050، لسنوات بسبب جمود عملية السلام في المنطقة.
وبحسب دراسة سابقة للبنك الدولي أجريت بمشاركة الاطراف الثلاثة، الأردن واسرائيل والسلطة الفلسطينية، فان كلفة ذلك المشروع الكلية كانت ستقارب 11 مليار دولار.
وانتقد حزب جبهة العمل الاسلامي، الذراع السياسية للاخوان المسلمين وأبرز أحزاب المعارضة في الأردن حينها ذلك المشروع منددا بـ"الاصرار على ربط مصالح استراتيجية في مجالي الطاقة والمياه" مع إسرائيل.
ولطالما عانى الأردن الذي تشكّل الصحراء أكثر من 90 بالمئة من أراضيه، شح المياه.
ووفقًا لخبراء، مر الأردن صيف 2021 بواحدة من أشد حالات الجفاف في تاريخه. وقد ينخفض هطول الأمطار بمقدار الثلث تقريبًا بحلول عام 2100، بينما من المتوقع أن يرتفع متوسط الحرارة بحوالي 4.5 درجات.