أظهر الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون اهتماما بالدور الخليجي في بلاده خلال المرحلة القادمة، وذلك بعد اتصالين تلقاهما من رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في وقت يقول فيه مراقبون إن عون يعرف أن الحلول الحقيقية لأزمة بلاده تأتي من دول الخليج التي كانت دائما تقف إلى جانب لبنان وتدعمه.
وأجرى رئيس الإمارات اتصالا هاتفيا بالرئيس اللبناني الجديد لتهنئته بانتخابه رئيسا للجمهورية اللبنانية.
وقالت وكالة أنباء الإمارات الرسمية (وام) في بيان إن رئيس الإمارات أعرب لعون عن “تطلعه إلى العمل معا بما يعود بالخير والنماء على البلدين وشعبيهما ويسهم في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة،” مؤكدا “دعم الإمارات كل ما يضمن أمن لبنان واستقراره”.
وأضافت “وام” أن الجانبين اتفقا “على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة فتح سفارة دولة الإمارات في بيروت”.
وكانت الإمارات، على غرار دول خليجية عدة، قرّرت سحب دبلوماسييها من لبنان في أكتوبر 2021 “تضامنا” مع السعودية على خلفية تصريحات لوزير الإعلام اللبناني حينها جورج قرداحي بشأن حرب اليمن حيث تقود الرياض تحالفا عسكريا.
في المقابل، عبّر الرئيس اللبناني، وفق البيان نفسه، عن حرصه “على مواصلة ترسيخ علاقات البلدين خلال المرحلة المقبلة،” مثمنا مواقف دولة الإمارات الداعمة للبنان على مختلف المستويات.
وقال عون السبت إن السعودية ستشكل وجهته الخارجية الأولى، إثر تلقيه دعوة لزيارتها خلال اتصال هاتفي أجراه معه ولي العهد، وفق ما أعلنت الرئاسة اللبنانية.
ويرى مراقبون أن الاهتمام الخليجي بلبنان أمر طبيعي، وتاريخيا كانت دول الخليج أكثر الداعمين ماليا واستثماريا وسياحيا للبنان، لكن المشكلة تكمن في الخيارات اللبنانية، وهل أن الرئيس اللبناني المنتخب سيكون قادرا على تجاوز الصورة السلبية التي طبعت في أذهان الخليجيين عن الساسة اللبنانيين خلال حقبة سيطرة حزب الله على القرار السياسي في البلاد.
ويشير المراقبون إلى أنه من الصعب على الخليجيين أن يتجاوزوا مخلفات تلك الحقبة، لكن ذلك لا يمنع من أن يقدموا الدعم الضروري للرئيس اللبناني والحكومة التي يعمل على تشكيلها خلال أيام، لكن السؤال الذي يطرح الآن هو هل أن الساسة اللبنانيين قد أخذوا الدرس من المرحلة الماضية وعرفوا من يقدر على دعمهم لأجل لبنان أم أن التوجه إلى الخليج تفرضه الظروف الصعبة التي يعيشها لبنان والحاجة إلى تأمين تمويل إعادة الإعمار.
وقالت الرئاسة اللبنانية في بيان إن عون تلقى اتصال تهنئة من الأمير محمد بن سلمان الذي وجه له دعوة لزيارة المملكة.
ونقلت عن عون شكره على الدعوة مؤكدا أن السعودية “ستكون أول مقصد له في زياراته الخارجية.. إيمانا بدور المملكة العربية السعودية التاريخي في مساندة لبنان والتعاضد معه، وتأكيدا لعمق لبنان العربي كأساس لعلاقات لبنان مع محيطه الإقليمي”.
وانتخب عون (61 عاما) الخميس رئيسا للبلاد، بدعم خارجي من دول عدة، على رأسها الولايات المتحدة والسعودية التي عادت مؤخرا إلى المشهد السياسي في لبنان بعد انكفاء طويل اعتراضا على تحكّم حزب الله بالقرار اللبناني.
وأتاح تراجع نفوذ إيران وحلفائها في المنطقة، وفق محللين، انتخاب عون رئيسا بعد أكثر من عامين من الفراغ في سدة الرئاسة.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي لوكالة فرانس برس الجمعة إن “دعم السعودية تحديدا في اللحظة الأخيرة كان عاملا حاسما بشكل خاص” لتسهيل انتخاب عون.
وتعهّد عون في خطاب القسم أمام البرلمان الخميس اعتماد “سياسة الحياد الإيجابي،” بعيدا عن سياسة المحاور الإقليمية، وبإقامة “أفضل العلاقات مع الدول العربية الشقيقة انطلاقا من أن لبنان عربي الانتماء والهوية”.