اخبار

إلغاء ميتا التثبت من الحقائق يفتح الباب لسيطرة المعلومات المضللة
إلغاء ميتا التثبت من الحقائق يفتح الباب لسيطرة المعلومات المضللة
حذّرت شبكة دولية للتثبت من الحقائق الخميس من أن توسيع شركة ميتا قرارها إلغاء التحقق من المنشورات على فيسبوك وإنستغرام سيؤدي إلى “ضرر في العالم الحقيقي،” نافية ادعاء مارك زوكربيرغ بأن الإشراف على المحتوى يرقى إلى مستوى الرقابة.

وأثار إعلان مارك زوكربيرغ، مؤسس شركة ميتا ورئيسها التنفيذي، المفاجئ هذا الأسبوع عن تخفيف سياسات التدقيق في المحتوى في الولايات المتحدة، حالة من القلق في دول مثل أستراليا والبرازيل ولدى المنظمات التي تعنى بالإعلام ومكافحة المعلومات المضللة.

وقال قطب التكنولوجيا إن مدققي الحقائق “منحازون سياسيا للغاية” وإن البرنامج أدى إلى “قدر كبير من الرقابة.»

لكن الشبكة الدولية للتثبت من الحقائق التي تضم عشرات المنظمات الأعضاء على مستوى العالم، قالت إن الادعاء بممارسة الرقابة “خاطئ.»

وأضافت الشبكة “نريد أن نوضح الأمور، سواء في سياق اليوم أو في السياق التاريخي.»

ويدفع فيسبوك مقابل عمليات التثبت من الحقائق لحوالي 80 منظمة على مستوى العالم على المنصة، وكذلك على واتساب وإنستغرام.

وحذّرت الشبكة من أن توسيع ميتا نطاق تغيير سياستها خارج حدود الولايات المتحدة لتشمل البرامج التي تغطي أكثر من 100 دولة، قد تكون له عواقب مدمرة.

وقالت إن “بعض هذه البلدان معرض بشدة لخطر المعلومات المضللة التي تؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي والتدخل في الانتخابات والعنف الجماعي وحتى الإبادة الجماعية.»

وأضافت الشبكة الدولية للتثبت من الحقائق أنه “إذا قررت شركة ميتا إيقاف البرنامج على مستوى العالم، فمن المؤكد تقريبا أن ذلك سيؤدي إلى ضرر في العالم الحقيقي في العديد من الأماكن.»

وندد جو بايدن الجمعة بالقرار “المخزي حقا” الذي اتخذته شركة ميتا بإنهاء برنامجها للتثبت من الحقائق في الولايات المتحدة. وقال الرئيس الأميركي للصحافيين في البيت الأبيض، عقب الإعلان الذي أصدرته هذا الأسبوع الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام وواتساب، إن “الحقيقة مهمة.»

من جهته شدد المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جنيف الجمعة على أن تنظيم المحتوى الضار عبر الإنترنت “ليس رقابة.»

وقال فولكر تورك عبر منصة إكس إن “السماح بخطاب الكراهية والمحتوى الضار عبر الإنترنت له عواقب في العالم الحقيقي. وتنظيم مثل هذا المحتوى ليس رقابة.»

ومن خلال هذا البرنامج، يُخَفَّض مستوى المحتوى المصنَّف “مضللا” وبالتالي يراه عدد أقل من الأشخاص، وإذا حاول شخص ما مشاركة هذا المنشور، يقترح عليه مقالا يشرح سبب كونه مضللا.

وقالت سوبينيا كلانغنارونغ، المؤسس المشارك لمنصة التثبت من الحقائق التايلاندية “كوفاكت”، إن قرار ميتا قد تكون له تأثيرات ملموسة خارج الإنترنت.

وأضافت في تصريح لوكالة فرانس برس “من المفهوم أن هذه السياسة من جانب ميتا تستهدف المستخدمين في الولايات المتحدة، لكن لا يمكننا أن نكون متأكدين من كيفية تأثيرها في البلدان الأخرى.»

وشددت على أن “السماح بانتشار خطاب الكراهية والحوار العنصري قد يشكل دافعا للعنف.»

و”كوفاكت” ليست عضوا معتمدا في الشبكة الدولية للتثبت من الحقائق أو في نظام التثبت من الحقائق الخاص بفيسبوك.

وجاءت تغييرات شركة ميتا لسياساتها قبل أقل من أسبوعين من تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه، وهي تتماشى مع موقف الحزب الجمهوري.

وكان ترامب منتقدا شديدا لميتا وزوكربيرغ لسنوات، واتهم الشركة بالانحياز ضده وهدد بالانتقام من مديرها التنفيذي بمجرد عودته إلى منصبه.

ويبذل زوكربيرغ جهودا للتصالح مع ترامب منذ انتخابه في نوفمبر، فاجتمع معه في منتجعه بمارالاغو في فلوريدا، وتبرع بمليون دولار لصندوق أموال مخصص لمراسم تنصيبه.

كما عيّن رئيس بطولة القتال النهائي (يو إف سي) دانا وايت المقرب من ترامب، في مجلس إدارة الشركة.

وقالت أنجي دروبنيك هولان، مديرة الشبكة الدولية للتثبت من الحكم، الثلاثاء إن القرار جاء بعد “ضغط سياسي شديد.»

وأضافت أن “هذه الخطوة ستلحق ضررا بمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين يبحثون عن معلومات دقيقة وموثوقة لاتخاذ قرارات بشأن حياتهم اليومية وتفاعلاتهم مع الأصدقاء والعائلة.»

بدورها، اعتبرت أستراليا أن قرار ميتا “تطور ضار جدا”، فيما حذّرت البرازيل من أنه “سيء للديمقراطية.»

وكانت ميتا قد عزّزت التثبت من الحقائق عقب انتخاب ترامب المفاجئ عام 2016، بعدما قال مراقبون إن انتشار المعلومات المضللة على فيسبوك وتدخل جهات أجنبية، من بينها روسيا، على المنصة ساهم في فوزه.

وتثير مكافحة المعلومات المضللة منذ فترة طويلة انقساما في المشهد السياسي في الولايات المتحدة. ويرى المحافظون في ذلك أداة لتقييد حرية التعبير والرقابة على الخطاب اليميني، وهو ما ينفيه الخبراء.

وباسم “حرية التعبير” على وجه التحديد، برر مارك زوكربيرغ التحول الذي أعلن عنه في مجموعة ميتا، مُقرا في الوقت عينه بأن هذه الخطوة ستؤدي إلى تقليص عدد “المحتويات السيئة” التي يُكشف عنها عبر منصات المجموعة.

وتقول الخبيرة في منظمة “فري برس” (“الصحافة الحرة”) نورا بينافيديز إن “الابتعاد عن آليات التحقق الرسمي من صحة المعلومات لصالح أدوات تشاركية مثل ‘ملاحظات المجتمع‘ على منصة إكس أثبت فشله في الماضي.»

وتلفت إلى أن منصة إكس “حاولت لكنها لم تتمكن من تحمّل حجم المعلومات المضللة والمحتوى العنيف.»

وبعد شراء “تويتر” في عام 2022، وتغيير اسمها إلى “إكس”، ألغى إيلون ماسك الفرق المسؤولة عن مكافحة المعلومات المضللة وأدخل خاصية “ملاحظات المجتمع”، أو ملاحظات السياق، وهي أداة تشاركية يمكن لأي مستخدم الاستفادة منها.

ويقول الباحثون إن إضعاف الضمانات وإعادة الحسابات المحظورة سابقا أديا إلى تحويل المنصة إلى ملاذ لمروجي الأخبار الكاذبة.

وأظهرت دراسات أن ملاحظات السياق يمكن أن تساعد في نشر المعلومات المضللة، على سبيل المثال حول اللقاحات. لكنّ باحثين يشيرون أيضا إلى أن هذه الطريقة أكثر فعالية بالنسبة إلى المواضيع التي تشكل موضوع إجماع واسع النطاق.

ويقول غوردون بينيكوك من جامعة كورنيل “رغم أن الأبحاث تدعم فكرة أن التحقق من صحة الأخبار على يد الجمهور يمكن أن يكون فعالا عندما يحصل بشكل صحيح، فمن المهم أن نفهم أن الهدف منه هو استكمال التحقق المهني من الحقائق، وليس استبداله.»

ويضيف “في بيئة تتمتع فيها المعلومات المضللة بتأثير كبير، لن يعكس التحقق من الحقائق من خلال الجماهير إلا المعتقدات الخاطئة للأغلبية.»

ويضيف أليكسيوس مانتزارليس، مدير “مبادرة الأمن والثقة والسلامة” في جامعة كورنيل للتكنولوجيا “غالبا ما يكون مستخدمو ملاحظات السياق مدفوعين بمعتقداتهم الفئوية ويميلون إلى تفضيل (تدوين الملاحظات المرتبطة بـ) خصومهم السياسيين.»

وأظهرت دراسة نشرت في سبتمبر الماضي في مجلة “نيتشر هيومن بيهيفير” أن التحذيرات الصادرة عن المدققين المحترفين في صحة المعلومات تقلل من نسب تصديق المعلومات الكاذبة ومشاركتها، حتى بين الأشخاص “الأكثر حذرا” تجاه مكافحة المعلومات المضللة.

تغييرات ميتا لسياساتها جاءت قبل أقل من أسبوعين من تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه، وهي تتماشى مع موقف الحزب الجمهوري.

ويخشى البعض من أن يكون قرار مارك زوكربيرغ مجرد خطوة أولى.

وتحذر روزا كيرلينغ، المديرة التنفيذية المشاركة في شركة “فوكسغلوف”، وهي منظمة ناشطة في المجال القانوني مقرها المملكة المتحدة، من أنه في حال اعتمد زوكربيرغ “إستراتيجية ماسك بالكامل، فإن الخطوة التالية ستكون تقليل عدد المشرفين على المحتوى بشكل أكبر، بما في ذلك أولئك الذين يزيلون المحتوى العنيف وخطاب الكراهية.” وقد دعمت “فوكسغلوف” دعوى قانونية ضد مجموعة ميتا في كينيا.

وتقول رئيسة مجموعة المناصرة “غلااد” GLAAD سارة كيت إليس إن التخلي عن سياسات مكافحة خطاب الكراهية تماشيا مع معايير قطاع التكنولوجيا يجعل منصات التواصل الاجتماعي “أماكن خطيرة.»

وتشير إلى أنه من دون هذه السياسات، “تمنح ميتا الضوء الأخضر للناس لاستهداف الأشخاص المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي والمتحولين جنسيا والنساء والمهاجرين وغيرهم من المجموعات المهمشة بالعنف والعدوانية والسرديات المهينة.»

11 يناير 2025

هاشتاغ

التعليقات