المجتمع

مصر تسهل للمطلقات الزواج مع الاحتفاظ بحضانة الأبناء
مصر تسهل للمطلقات الزواج مع الاحتفاظ بحضانة الأبناء
أصبحت المرأة المطلقة في مصر على مقربة من الحصول على حقها في الزواج مرة ثانية مع احتفاظها بحضانة أولادها، مع وجود توجه برلماني سيتم إدراجه في قانون الأحوال الشخصية الجديد، والذي انتهت منه وزارة العدل وأرسل إلى الحكومة تمهيدا لرفعه إلى مجلس النواب.

وكشف أعضاء في لجنة الشؤون التشريعية والدستورية داخل البرلمان أن القانون يوازن بين حق المرأة في الاحتفاظ بأولادها بعد الطلاق، وبين زواجها لمرة ثانية دون أن تكون معرضة لإسقاط الحضانة عنها، وهو ما تسعى لتطبيقه الكثير من السيدات.

والمعمول به في مصر حاليا، وفق قانون الأحوال الشخصية، هو أن المطلقة إذا تزوجت تسقط الحضانة عنها لتذهب إلى والدتها، وإذا لم تستطع رعاية الأطفال أو فارقت الحياة، يذهبون إلى أم الأب أو العمة أو الخالة، والمهم ألا يستمروا مع الأم لأنها أصبحت تعيش مع رجل غريب، أي ليس أبا لهم.

واعتادت المطلقة المصرية أن تلجأ إلى الزواج العرفي إذا كان لديها أبناء، ولا ترغب في التخلي عنهم طواعية أو كرها حتى لا تمنح طليقها فرصة رفع دعوى قضائية ضدها لطلب إسقاط الحضانة عنها، وأصبح الزواج السري ظاهرة في صفوف بعض المطلقات داخل المجتمع.

ويظل منح المطلقة الحق في الزواج والاحتفاظ بأطفالها على رأس المطالب التي تنادي بها وتتبناها المنظمات الحقوقية المعنية بشؤون المرأة، والمجلس القومي للمرأة لوضع حد لعزوبية السيدات المطلقات إذا فكرن في الزواج وابتزازهن بأولادهن.

وتستهدف الحكومة من وراء قانون الأحوال الشخصية الجديد وضع حلول جذرية لأهم المنغصات التي تهدد الكيان الأسري، بدءا من الخطبة مرورا بفترة الزواج وما بعدها من مشكلات، لأن القانون المعمول به حاليا مطبق منذ عقود ولم يعد يصلح لحل الأزمات المعاصرة.

وتحصل بعض المطلقات على أحكام منفصلة بحقهن في استمرار حضانتهن بعد الزواج، لكن الكثير منهن يرفضن أن تكون تلك الخطوة نابعة من وجهة نظر قضائية، دون وجود غطاء تشريعي يؤمّن حياتهن ويسمح لهن بالزواج دون خسارة الأبناء.

وغالبا ما تكون الأحكام القضائية مرتبطة بأن أبناء المطلقة لا يزالون في سن الطفولة ومن المهم أن يعيشوا مع الأم وإن تزوجت مرة ثانية، باعتبارها الأكثر رعاية وعاطفة، لكن تلك الأحكام لم تغلق ساحات المعارك بين المطلقين حول الإشراف على أطفالهم بعد أن تقرر الأم الزواج من رجل آخر.

واعتاد الرجل أن يستخدم ورقة زواج الأم للضغط عليها ومقاضاتها لإرغامها للتنازل عن كل المستحقات المالية أو إسقاط الحضانة عن أولادها. وهناك من يبتز المطلقة لمجرد أن يرفع عن نفسه عبء النفقة والسكن بعد الطلاق، وآخرون من الرجال يرفضون أن يعيش أولادهم مع شخص غريب.

واستقبلت أوساط نسائية وجود توجه حكومي وبرلماني لمنح الأم الحق في الزواج مع الاحتفاظ بحضانة أولادها بترحيب واسع، لأن قانون الأحوال الشخصية الحالي كرس هيمنة الرجل على حضانة الأبناء في حال طلاقه من زوجته، إذا تزوجت من رجل آخر.

وتوصلت دراسة صادرة عن جمعية تنمية المرأة المصرية (غير حكومية) إلى أن قرابة 90 في المئة من المطلقات يفضلن عدم الزواج لمرة ثانية خشية خسارة الحضانة، والنسبة القليلة منهن تلجأ إلى الزواج السري لأن الرجل لن يستطع إثباته.

وثمة قاعدة قانونية أقرتها محكمة الأسرة في القاهرة حول صعوبة إسقاط الولاية عن الأم، إذا كانت تحضن أطفالا، وإن تزوجت من رجل آخر، لأن ذلك يلحق ضررا نفسيا بالصغار، ما يقتضي معه تحقيق المصلحة الفضلى للطفل بالبقاء مع أمه رغم زواجها.

وتحتمي الحكومة خلف تلك القاعدة القانونية لوضع حد لإجبار الأم على الرهبنة خوفا من أن تخسر أولادها، وهو توجه يدعمه مجلس النواب وسط تباين للآراء حول ما إذا كان سيتم منح الأم في المطلق الاحتفاظ بأولادها بعد الزواج أو يُترك ذلك إلى محكمة الأسرة في بعض الحالات.

ويخشى بعض الرجال أن يتم منح الأم حق الاحتفاظ بالحضانة بعد الزواج الثاني، بينما تكون اختارت رجلا ليس أمينا وسيء السمعة بما ينعكس بشكل سلبي على الأبناء. وهي نقطة تثير خلافات مستقبلية وقت مناقشة مشروع القانون في حوار مجتمعي موسع استجابة لتكليفات رئاسية.

◙ منح المطلقة الحق في الزواج والاحتفاظ بأطفالها يظل على رأس المطالب التي تنادي بها المنظمات الحقوقية النسوية

وتطالب منظمات نسوية بوضع نص صريح يتيح للمطلقة الاحتفاظ بأولادها دون قيد أو شرط لوقف الضغط النفسي والابتزاز المادي الذي تتعرض له، لكن الرجال يرفضون ذلك بحجة أنهم الأحق بالأبناء، وطالما أن الأم تعيش مع رجل آخر بإرادتها، فهم أولى بأولادهم من الغرباء.

ولا تزال ولاء سعيد، وهي أم لطفل في سن الثامنة، تخشى الزواج لمرة ثانية رغم أنها في سن صغيرة حتى لا تُسلم نفسها إلى شريكها السابق ويطاردها لأخذ ابنها، كما تخشى الزواج العرفي حتى لا يفتضح أمرها، ولذلك اختارت أن تنتظر صدور قانون جديد يحسم تلك المسألة قبل أن تقع في المحظور.

ورغم أن الأم تقدم لها بعض الرجال للزواج وأبدوا استعدادهم لرعاية ابنها والإنفاق عليه وإلحاقه بمدرسة حديثة مهما كانت المصروفات، إلا أنها رفضت، مع أن طليقها تزوج ويعيش مع امرأة أخرى وأنجب منها طفلا، لكن هددها إذا تزوجت سيرفع دعوى لإسقاط الحضانة عنها.

وأكدت لـ”العرب” أن قانون الأحوال الشخصية الحالي فرض الرهبنة على المطلقات، رغما عنهن، وليست كل النساء لديهن جرأة الزواج السري، لذلك تفضل الكثير منهن الاستمرار دون زوج بعيدا عن صراعات المحاكم أو إدخال أولادهن في معارك غير نزيهة ليسوا طرفا فيها.

وترى أصوات رشيدة أن التشريع الجديد يجب أن يضع معايير محددة للزواج الثاني للمطلقة مع احتفاظها بأولادها، بحيث تكون العبرة في أن الأبناء يعيشون حياة سوية وتتم تربيتهم بشكل سليم ولا يتعرضون لأذى أو يتأثرون بزواج الأم، خاصة إذا تزوج الأب ويعيش مع امرأة أخرى.

وأوضحت عبير سليمان الناشطة في قضايا المرأة بالقاهرة أن وضع تشريع جديد ينهي رهبنة المطلقات ضرورة حتمية، لأن الكثير من السيدات يرفضن التضحية بأولادهن لمجرد الرغبة في الزواج الثاني، ومن الظلم ترك الأب حرا ليتزوج من ثانية وثالثة بعد الطلاق، مقابل حرمان الأم من أبسط حقوقها.

وأشارت في تصريح لـ”العرب” إلى أن استمرار الأطفال مع الأم بعد الزواج الثاني ضمانة لحصولهم على حق الرعاية والتربية والتنشئة الصحيحة في هذه السن، والمعضلة الوحيدة يمكن أن تكون في هوية الرجل الذي تزوجت منه، فقد لا يكون أمينا، ما يفرض على المطلقة حُسن الاختيار قبل أن تقع في المحظور.

08 يناير 2025

هاشتاغ

التعليقات

الأكثر زيارة