عربي ودولي

كيف ينظر جيل الألفية في تونس إلى سقوط بشار الأسد
كيف ينظر جيل الألفية في تونس إلى سقوط بشار الأسد
أثارت سيطرة هيئة تحرير الشام على السلطة في دمشق، بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، انقساما واسعا بين سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبينما أشاد الكثيرون بما قام به أبومحمد الجولاني لتحقيقه حلم الثورة، كان آخرون أقل حماسا وأكثر ترددا في الإشادة بما جرى خاصة في البلدان التي شهدت “ربيعا عربيا” مثل تونس ومصر أو شهدت أنشطة إرهابية واغتيالات وتفجيرات.

ويتعامل الكثير من الشباب التونسيين مع ما جرى في سوريا بحذر كبير، ليس لأنهم يتعاطفون مع الأسد، ولكن لأن الإدارة التي تسيطر الآن هي جماعة متشددة، وما تزال مصنفة إرهابية في بلدان كثيرة، وما تزال أعمالها العنيفة ماثلة للعيان.

وسافر الكثير من الشباب التونسيين إلى سوريا وانضموا إلى الجماعات المتشددة، وشاركوا في تنفيذ تفجيرات واستهداف مدنيين، ما جعل موضوع سوريا والمقاتلين التونسيين يقابل بحساسية كبيرة في تونس.

الكثيرون من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يرون في سقوط نظام الأسد انقلابا أميركيا متعمدا يهدف إلى فتح الطريق أمام إسرائيل لدخول سوريا

ولا ينظر هؤلاء الشباب إلى ما جرى في سوريا على أنه ثورة مثل التي جرت في تونس. فهناك فوارق كثيرة أبرزها أن ثورة تونس كانت سلمية بينما وصلت هيئة تحرير الشام إلى دمشق بقوة السلاح.

وتقول ثروة بوليفي، كاتبة تونسية وطالبة طب من جيل الألفية، إنه من المثير للاهتمام مقارنة الجهات الفاعلة في الثورتين التونسية والسورية. لقد شهدت تونس تحرك شباب متعلم يحمل شهادات جامعية احتجاجا على البطالة والدكتاتورية. وأشعل الشباب السوري حركة الثورة قبل 13 عاما أيضا. ثم استغل المسلحون الإسلاميون عدم الاستقرار السياسي في المنطقة للإطاحة بالأسد. فماذا سيحدث بعد هذا؟ هل وضع صانعو الثورة السورية خارطة طريق سياسية؟

وتشير بوليفي، في تقرير نشره موقع عرب دايجست، إلى أن الأمور في تونس سارت بسلاسة في البداية سنة 2011، بعد الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي. وشعرت جميع قطاعات المجتمع التونسي بالأمان ولم ير الكثيرون تهديدا في النظام الجديد. لكن الصورة الناشئة في سوريا تختلف مع خوف أقليات مثل الأكراد والمسيحيين والدروز من نتائج حكم هيئة تحرير الشام المستند إلى أيديولوجية إسلامية محافظة، كما يتضح لنا يوما بعد يوم.

ويرى الكثيرون من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في سقوط نظام الأسد انقلابا أميركيا متعمدا يهدف إلى فتح الطريق أمام إسرائيل لدخول سوريا.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان بالمملكة المتحدة أن إسرائيل والولايات المتحدة شنتا أكثر من 100 غارة على أهداف عسكرية بعد يوم من سقوط الأسد. وبررت إسرائيل هجماتها بالقول إنها تهدف إلى منع وقوع الأسلحة “في أيدي المتطرفين.”

لكن موقف الولايات المتحدة من هيئة تحرير الشام كان الأكثر تناقضا. فواشنطن صنفت هيئة تحرير الشام جماعة إرهابية في 2018 ثم تراجعت عن هذا التصنيف ودعمت صورة الجماعة الجديدة. وأجرى وزير الخارجية أنتوني بلينكن “اتصالا مباشرا” مع مسؤولين بارزين في هيئة تحرير الشام.

وكانت وسائل الإعلام الغربية البارزة مسؤولة عن مهمة تلميع صورة الجماعة. وتوجهت فرق السي إن إن والبي بي سي وفرانس 24 إلى سوريا لجعل وصول هيئة تحرير الشام إلى السلطة أمرا مقبولا في نظر المجتمع الدولي.

وترى بوليفي أن إسراع العديد من الدول الأوروبية إلى وقف طلبات لجوء السوريين بعد تغيير النظام دلالة أخرى دعمت فكرة كون سقوط نظام الأسد كان انقلابا مخططا له. وعرضت بعض الدول مثل النمسا المال على السوريين لحثهم على المغادرة. وشهدت مدن في جميع أنحاء أوروبا احتفال السوريين بسقوط الأسد.

وتضيف أن التفكير يجب أن يركز أكثر ليس على سقوط الأسد بل على مصير شعب عانى كثيرا ولفترة طويلة، داعية إلى التخلي عن النهج السائد قصير النظر وتبني التفكير النقدي في تحليل ما يجري.

والرواية الحالية في واشنطن ولندن والعواصم الأوروبية (المدعومة من وسائل الإعلام البارزة) التي مكنت، بل وشجعت، على تغيير اسم هيئة تحرير الشام لأغراض سياسية تخدم الغرب، وتنكر شرعية الشعب السوري في تحقيق ديمقراطية حرة ومنفتحة.

 

08 يناير 2025

هاشتاغ

التعليقات

الأكثر زيارة