اخبار

صراع الرواتب يشعل سوق المحاماة في لندن
صراع الرواتب يشعل سوق المحاماة في لندن
تشهد سوق المحاماة في لندن حرباً خفية تدور منذ سنوات بدون ضوضاء، هذا التحول، بعد قرون من الهدء، وقع بسبب توسع الشركات الأمريكية واستثماراتها المتزايدة، ما يعكس تحركات استراتيجية أوسع في الأسواق العالمية.

وشهدت لندن هذا العام انتقال عدد قياسي من كبار المحامين بين الوظائف، مع استمرار وصول شركات المحاماة الأمريكية إلى العاصمة، ما تسبب في اضطراب في السوق وأشعل حروباً في الأجور على جذب المواهب.

وأجرت شركات المحاماة 546 تعييناً لشركاء في لندن خلال العام (حتى 23 ديسمبر)، وفقاً لبيانات من شركة توظيف المحامين «إدواردز جيبسون». ويتجاوز هذا الرقم القياسي للعام الماضي البالغ 514 عملية انتقال لشركاء، حيث لا تظهر استثمارات شركات المحاماة الأمريكية في المملكة المتحدة أي علامات على التراجع.

ويشهد سوق المحاماة في لندن تغييرات جذرية منذ سنوات، حيث أدى النمو الكبير في قطاع الاستثمار الخاص إلى توسع لافت للشركات الأمريكية في المركز المالي للعاصمة البريطانية، واستطاعت هذه الشركات، بفضل قوتها المالية أن تجتذب الشركاء ليس فقط من المكاتب البريطانية المنافسة، بل أيضاً من شركات أمريكية أخرى.

وكان التأثير الأكبر على شركات النخبة البريطانية المعروفة باسم «الدائرة السحرية»، التي تشمل أبرز أسماء المحاماة في بريطانيا مثل «لينكليترز» و«فريشفيلدز» و«إيه آند أو شيرمان» و«كليفورد تشانس»، فقد خسرت هذه المجموعة 28 شريكاً هذا العام، وهو رقم قياسي يتجاوز بكثير الرقم السابق البالغ 19 شريكاً.

وفي ظل هذه المنافسة المحتدمة على المواهب اضطرت الشركات إلى إعادة النظر في هياكل الأجور والمكافآت لديها، وكشفت مصادر مطلعة أن شركات مثل «كليفورد تشانس» البريطانية، و«لاثام آند واتكينز» الأمريكية أدخلت مؤخراً تعديلات، تتيح مرونة أكبر في مكافأة المحامين لديها، في محاولة للحفاظ على المواهب المتميزة، وجذب كفاءات جديدة، ولم تعلق أي من الشركتين على هذه المعلومات.

وكشف سكوت غيبسون، مؤسس شركة «إدواردز غيبسون» المتخصصة في التوظيف القانوني، عن حجم التحول في سوق المحاماة البريطاني قائلاً: «ضخت شركات المحاماة الأمريكية استثمارات غير مسبوقة في توظيف المختصين في الأسهم الخاصة، ما أدى إلى ضخ مئات الملايين من الدولارات في النظام، وقد تسبب هذا في اضطراب كبير وتشويه للسوق، حيث ارتفعت التعويضات بشكل حاد، ما خلق سلسلة تداعيات دفعت المنافسين إلى محاولة تعويض خسائرهم من الكوادر بسرعة».

وتظهر البيانات أن شركتي المحاماة الأمريكيتين «كيركلاند آند إليس» و«بول وايس» كانتا في طليعة الشركات، التي قامت بالتوظيف خلال 2024، حيث شملت التعيينات 155 محامياً، تمت ترقيتهم إلى مناصب شراكة.

وفي سياق هذا التوسع نجحت «بول وايس» في مضاعفة حجم أعمالها عشر مرات في أوروبا، خلال العام الماضي، وافتتحت مكتباً في بروكسل لتلبية احتياجات عملائها من صناديق الأسهم الخاصة الأمريكية في السوق الأوروبية.

وقال نيل ساشديف، الرئيس المشارك لمكتب «بول وايس» في لندن: «يركز عملاؤنا في مجال الأسهم الخاصة والشركات على وجود مستشارين قانونيين من النخبة في جميع أنحاء نيويورك ولندن، وتسعى شركات عديدة إلى تكرار نموذج النمو في لندن، لأنها سوق قانوني رئيسي لعمليات الاندماج والاستحواذ، وأسواق رأس المال وبوابة إلى أوروبا».

وفي خضم هذه التحولات استفادت بعض شركات المحاماة البريطانية متوسطة الحجم من الفرص، التي خلقها انسحاب الشركات الكبرى من مجالات العمل الأقل ربحية، مثل الخدمات القانونية الروتينية منخفضة القيمة لشركات الخدمات المالية.

وتظهر البيانات أن شركة «سيمونز آند سيمونز» استفادت من هذا الوضع، حيث عينت 16 شريكاً جديداً هذا العام، لتصبح ثاني أكبر شركة من حيث التوظيف في 2024.

وقال جيريمي هويلاند، الشريك الإداري لشركة «سيمونز آند سيمونز»: «لا يمكن التقليل من تأثير الشركات الأمريكية على السوق، فقد أصبحنا نرى شركات تلتزم بأهداف ربحية محددة تؤثر على استراتيجياتها، حتى إنها لم تعد قادرة على تقديم خدماتها في بعض قطاعات السوق». وأضاف: «نلاحظ أن بعض الشركاء الذين نتواصل معهم لم يعودوا يشعرون بنفس التقدير، الذي ربما اعتادوا عليه في السابق» من الشركاء في شركات المحاماة.

وأدت حمى التوظيف في السوق إلى خسائر كبيرة في صفوف الشركات الرائدة، خاصة «لاثام آند واتكينز» و«لينكليترز» اللتين سجلتا أعلى معدلات المغادرة، فقد خسرت «لاثام» ثمانية شركاء لصالح «سيدلي أوستن» وحدها من أصل 13 شريكاً غادروا الشركة هذا العام، كما شهدت «لينكليترز» موجة مغادرات لصالح منافسين أمريكيين.

وأكد إد بارنيت، الشريك الإداري لمكتب «لاثام» في لندن، أن «العاصمة البريطانية ظلت أولوية استراتيجية للشركة على مدى عقود»، وأن «الشركة حققت عاماً استثنائياً»، وامتنعت «لينكليترز» عن التعليق.

وقال مؤسس شركة «هارفي آند بارتنرز» للتوظيف القانوني تشارلي هارفي: «رغم أن بعض حالات المغادرة قد لا تشكل خسارة حقيقية للشركات، إلا أن حزم الرواتب المذهلة، التي تعرض على الشركاء، تجعل المنافسة شبه مستحيلة». وأضاف: «لقد عملنا مع شركاء في سوق لندن، تمكنوا من مضاعفة رواتبهم ثلاث مرات عند انتقالهم لشركات أخرى، ولا نرى في عام 2025 أي مؤشرات على تباطؤ حركة توظيف الشركاء في السوق».

01 يناير 2025

هاشتاغ

التعليقات

الأكثر زيارة