يسابق الرئيس الأمريكي جو بايدن الزمن لإتمام أمور لم تُنجز بعد في محاولة لتعزيز إرثه وحماية أبرز سياساته في اللحظات الأخيرة قبل تسليم مفاتيح البيت الأبيض.
ومع عودة خصمه الأبرز دونالد ترامب إلى السلطة، اكتسبت جهود بايدن لحماية إجراءات إدارته وسمعته زخما إضافيا، بحسب الخبراء.
ويقول استاذ قسم الاتصال في "جامعة كنزس" روبرت رولاند " يحاول الرؤساء المنتهية ولاياتهم عادة تحقيق أكبر قدر من الإنجازات قبل مغادرة السلطة وتشكيل الرأي العام تجاه إداراتهم".
بدوره، يشير استاذ التاريخ في "جامعة برينستن" جوليان زيليزر إلى وجود "أمثلة كثيرة على تحرّكات مكثفة للرؤساء الذين انتهت فترة نفوذهم".
ولا يشكل بايدن الذي كشفت إطلالاته العلنية النادرة عن تدهور حالته الصحية، استثناء. وأثار قراره مؤخرا تخفيف عقوبة الإعدام الصادرة بحق 37 من أصل 40 محكوماً حفيظة خصمه الجمهوري الذي تعهّد في ردّه عليه السعي باتجاه صدور مزيد من أحكام الإعدام بحق المدانين.
وقال رونالد إن "بايدن خائف مما يخشى أن يفعله الرئيس ترامب".
وأضاف أن "هذا الخوف يدفعه للضغط أكثر لمحاولة الحد من أجندة إدارة ترامب المقبلة وتكريس إنجازات إدارته".
سبق للرئيس المنتهية ولايته أن أصدر 39 عفوا رئاسيا وخفف الأحكام الصادرة بحق نحو 1500 شخص، في ما وصفه البيت الأبيض بـ"أكبر عفو يصدر في يوم واحد في التاريخ الحديث".
وأوضحت استاذة العلوم السياسية لدى "جامعة براون" ويندي شيلر "يستخدم كل الرؤساء سلطتهم لإصدار قرارات عفو أو تخفيف العقوبات على المحكومين في نهاية فتراتهم الرئاسية".
وأشارت إلى أن هذه القرارات القضائية قد تكون مدفوعة بسعي بايدن "للإيفاء ببعض الوعود التي قطعها خلال حملته والمرتبطة بالعدالة الجنائية".
لكن اللافت كان قراره العفو عن نجله هانتر بايدن الذي قال إنه تم التعامل معه بشكل غير منصف من قبل المحاكم والمدعين. أثارت هذه الخطوة انتقادات شديدة من ترامب والجمهوريين كما من حلفائه الديموقراطيين المقربين منه.
ويؤكد رولاند أن هذا القرار "بكل تأكيد أثر سلبا بشكل كبير" على سمعة بايدن، وهو ما شكّل حافزا أكبر له للعمل على إعادة تشكيل الرأي العام حيال إدارته في أيامها الأخيرة.
شملت تعهدات بايدن التحرّك في ما يتعلق بالديون الطلابية المترتبة على ملايين الأمريكيين. وقبل أيام من حلول عيد الميلاد، أعلن الرئيس المنتهية ولايته إلغاء الديون الطلابية لـ55 ألف موظف في القطاع العام.
وقال بايدن إنه بذلك، بات عدد "الأشخاص الذين تمّت الموافقة على إعفائهم من الديون الطلابية في عهد إدارتي حوالى خمسة ملايين".
لكن رولاند يرى أن "القرار اللافت أكثر" من أي قرارات أخرى صدرت عن ترامب في أيامه الأخيرة في البيت الأبيض كان "السعي لتقديم أكبر قدر ممكن من المساعدات لأوكرانيا قبل تولي ترامب الرئاسة".
وفي ديسمبر، أعلنت واشنطن عن أربع شحنات جديدة من المعدات العسكرية لكييف بقيمة مليارات الدولارات، دعما لأوكرانيا.
وبينما ما زالت سياسة ترامب المرتقبة حيال أوكرانيا فور وصوله إلى المكتب البيضوي غير واضحة، عبّر الجمهوريون عن معارضتهم الشديدة لإطلاق صواريخ أمريكية باتّجاه روسيا، وهو أمر وافق عليه بايدن بعد الانتخابات.
كما كثف بايدن مؤخرا التزامات الولايات المتحدة في ما يتعلق بخفض انبعاثات غازات الدفيئة. وقد يحاول ترامب المعروف بتشكيكه في تغير المناخ التراجع عن هذه الخطوات، وخصوصا بوجود كونغرس جمهوري يدعم قراراته.
عمل البيت الأبيض والديموقراطيون في مجلس الشيوخ الذي يتوقع أن ينتقل إلى سيطرة الجمهوريين إلى جانب مجلس النواب، على وجه السرعة لتثبيت أكبر عدد ممكن من القضاة.
وجعل بايدن من تعيين مرشحين من مختلف الأطياف في المحكمة الفدرالية أولوية لإدارته عبر تعيين أول امرأة متحدرة من أصول إفريقية في المحكمة العليا هي كيتانجي براون جاكسون.
بالمجمل، ثبّت مجلس الشيوخ تعيين 235 قاضيا فدراليا على الأقل خلال سنوات بايدن الأربع في السلطة، وهو عدد قياسي لولاية واحدة منذ عهد جيمي كارتر، بحسب ما يقول البيت الأبيض.
وفي وقت تسعى المجموعات المتحالفة مع الديموقراطيين إلى عرقلة أجندة ترامب عبر الاحتكام إلى القضاء، قد يساعد القضاة المعيّنون من بايدن موقتا في هذا الصدد، رغم أن القضايا الأبرز قد تنتهي في نهاية المطاف أمام المحكمة العليا حيث يحظى المحافظون بغالبية كبيرة "ستة قضاة مقابل ثلاثة".