أثار صانع المحتوى الأميركي الذي اشتُهر باسم مستر بيست، والذي يتابعه 337 مليون مشترك على قناته في يوتيوب، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد إعلانه أنه “استأجر” الأهرامات لمدة أربعة أيام، حيث احتدم النقاش بين المصريين حول مدى قانونية الاستئجار وما إذا كان يساهم في ترويج السياحة، إضافة إلى العائدات المالية.
وأعلنت الحسابات الرسمية لمستر بيست، واسمه الحقيقي جيمي دونالدسون، أنه سيتم التصوير في الأهرامات لمدة 100 ساعة، بصحبة مرشد سياحي لتزويد فريق التصوير بمعلومات تاريخية والكشف عن غرف داخل الأهرامات لأول مرة وصيد الأشباح، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية.
وانتشرت تعليقات متباينة على موقع إكس ردا على إعلان مستر بيست، فهناك بعض الأشخاص يطلبون منه إحضار كاميرا 360 درجة “حتى يتمكن متابعوه من مشاهدة الاستكشاف” في الواقع الافتراضي.
وهناك آخرون أشاروا إلى الكارثة التي قد يسببها هذا للسياحة، وسخر البعض قائلا “تخيل أنك تخطط لرحلة إلى مصر وعندما تصل إلى هناك لا يمكنك رؤية الأهرامات لأن مستر بيست يصنع مقطع فيديو.”
وقال ناشط:
BrhmVG@
اليوتيوبر مستر بيست أعلن أنه استأجر الأهرامات الثلاثة لمدة 100 ساعة لتصوير مقطع سيرد في قناته. الأهرامات ستكون له لمدة 4 أيام يستكشف فيها ويصور وينام ولا أحد يقترب منها!
ونشر آخر مقطع فيديو من بودكاست يظهر فيه اليوتيوبر الأميركي في بودكاست، وعلق قائلا:
mahmoud12211852@
الولد في البودكاست يظهر مع أفارقة وهو يتكلم بكل ثقة عن تأجير الأهرامات بشكل حصري لمدة 100 ساعة.
وحاولت حسابات وهمية ومنصات إعلامية محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين الترويج للأمر تحت شعار “بيع البلد”. وكثيرا ما تُستخدم التصريحات التي تخرج عن سياقها ذريعة للهجوم على الحكومة وحشد فئات لها علاقة بالقضية المطروحة، بحيث يتم توسيع أزمة غياب الثقة بالمؤسسات أو على الأقل الجهة التي طالها الخبر أو التصريح المفبرك، ويجد معارضون ما يبتغونه للهجوم على الحكومة بشكل عام.
وردت وزارة السياحة والآثار في بيان رسمي مؤكدة أن ما يتردد حول تأجير منطقة الأهرامات يعد أمراً غير منطقي وغير وارد بأي شكل من الأشكال، وأوضحت أن هذا اليوتيوبر لم يقم بتأجير المنطقة وإنما حصل على تصريح بالتصوير في غير أوقات العمل الرسمية، كما أنه قد انتهى من أعمال التصوير بالكامل، ولم يتم غلق المنطقة خلال فترة التصوير كما أُشيع ولا حتى لساعة واحدة.
وأشارت الوزارة أيضًا إلى أن اليوتيوبر صوّر “سلسلة أفلام قصيرة داخل المنطقة، مما يعد ترويجا سياحيا لمصر،” مؤكدة أنه “تم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والأمنية قبل البدء في أعمال التصوير وهو الأمر المتبع بصفة عامة قبل التصوير داخل المواقع الأثرية.” وسيرافق اليوتيوبر خبراء آثار من المنطقة، للتأكد من التزامه هو وطاقم التصوير الخاص به بكافة الإجراءات التي تحافظ على المنطقة الأثرية، وفق بيان وزارة السياحة.
واتفق العديد من الناشطين مع رأي الوزارة معتبرين أن الترخيص للتصوير أمر طبيعي ويساهم في دعم السياحة، وقال أحدهم:
radwa_rody88@
أين تكمن المشكلة التي يدور حولها الحوار؟ يحصل هذا منذ قديم الزمان. أمر غريب أن يتفاجأ الناس كثيرا من أن يتم تأجير الأهرامات لتصوير الأفلام والكليبات وعروض أزياء…، وهو ما سيعود علينا بالخير كترويج السياحة والانتفاع بعائدات الإيجار.
بدوره رد عالم الآثار المصري زاهي حواس على مستر بيست قائلا “لا يوجد شيء في القوانين المصرية اسمه ‘تأجير الأهرامات’، التصريحات التي ذكرها كانت زلة لسان أو مبالغة،” وبحسب القوانين يتم السماح بالتصوير في منطقة الأهرامات نظير مبلغ مالي، وهو إجراء متبع في العديد من دول العالم.
وأضاف حواس “هذا الشاب يتابعه مئات الملايين حول العالم وسيقيم في منطقة الأهرامات لمدة 4 أيام وبالتالي سيقوم بدعاية كبيرة للسياحة في مصر، ونعتبر تجربة مستر بيست القادمة على أراضينا ذات أهمية كبيرة للسياحة في بلدنا.”
وعلق ناشط على تصريح حواس ساخرا:
ALharbi_soud68@
من نصدق مستر بيست أم زاهي حواس؟
أنا شخصيا أصدق بيست.
لكن آخر رأى أن كلام عالم الآثار منطقي وصحيح:
AhmedAliAbourai@
سمعت ما جاء في الفيديو… ولم أعثر على كلمة تأجير. كلامه هو كلام حواس نفسه. نسّق مع المسؤولين… والمسؤولون أكيد سيتعاونون مع واحد مثل هذا.
وأوضح اليوتيوبر مستر بيست، الذي اختير وفق مجلة “تايم” عام 2023 كأحد أكثر مئة شخصية مؤثرة، في تصريحات عبر بودكاست الأربعاء أنه لم يحظ بتجربة دخول الأهرامات من قبل ويرغب في “اكتشاف أسرارها”. وتابع “أنا سعيد لأن هناك كل تلك الممرات السرية، ولا أستطيع توقع ما يمكن أن أراه.”
ويحظى مستر بيست بشعبية واسعة، فقناته هي الأكثر اشتراكاً وتقدم مقاطع ترفيهية لتحديثات مثيرة وتوزع جوائز ضخمة.
وبدأ أول مرة عام 2012، وأقام شراكات مع شركات في مجال الأغذية، رغم أنه يدير سلسلة مطاعم للبرغر تحمل اسمه، وتنتشر في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، وفقًا لما ذكرته صحيفة الغارديان البريطانية.
وقدرت مجلة “فوربس” أرباح بيست بـ54 مليون دولار في عام 2022، من خلال الجمع بين عائدات الإعلانات من مقاطع الفيديو وصفقات الرعاية، ومنذ ذلك الحين اكتسب 60 مليون مشترك إضافي على قناته الرئيسية.
وأشار متابعون إلى أن الحكومة المصرية تستفيد من شهرة المؤثرين في الدعاية والإعلان للأماكن السياحية، وكانت قد حددت عام 2018 آلية لمنح تراخيص لتصوير الأفلام الأجنبية في مصر من خلال مدينة الإنتاج الإعلامي، والتي شُكلت باسم “لجنة مصر للأفلام” التي تتعاون مع شركات عالمية لإصدار التصاريح والتسهيلات اللازمة لتصوير الأفلام الأجنبية في مصر، وتلقت اللجنة طلبات تصوير لأكثر من 45 عملا فنيا تمت الموافقة عليها، وفق تصريحات صحفية سابقة لمدير اللجنة أحمد سامي.
ونقلت مجلة “نيوزويك” عن إحدى السائحات، وتدعى جانيس بي 92، قولها إنها استأجرت الهرم الأكبر “لعدة ساعات في ليلة واحدة” في عام 2014.
وقالت “يا لها من تجربة مذهلة، استئجار الهرم الأكبر من الساعة 10:00 مساءً حتى 1:00 صباحًا في ليلة واحدة، بقي الحراس بالخارج، وتمكنا من استكشاف الداخل بقدر ما يحلو لنا. لقد قمت أيضًا بزيارة الهرم عدة مرات خلال النهار، ولكن الزيارة الليلية مع عدد قليل منا فقط كانت مذهلة وهو أمر لن أنساه أبدًا.”