أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الخميس أن الإطاحة بحليفه الوثيق في دمشق الرئيس السابق بشار الأسد ليس "هزيمة" لموسكو، معتبرا أن الجيش الروسي الموجود في سوريا منذ عام 2015 "حقق هدفه"، مشيرا إلى أن بلاده قدمت اقتراحات للحكام الجدد في سوريا بشأن إبقاء القاعدتين العسكريتين هناك.
وفي أول تصريح علني منه عن هذه المسألة، قال بوتين خلال مؤتمره الصحافي السنوي بثه التلفزيون الرسمي، وهو الحدث الذي يستخدمه لتعزيز سلطته وإظهار سيطرته الشاملة على المشهد السياسي في البلاد، إنه لم يلتق بعد بالأسد لكنه يعتزم مقابلته.
واضطر الأسد للفرار إلى موسكو هذا الشهر بعد تقدم قوات من المعارضة المسلحة وسيطرتها على دمشق.
وردا على سؤال عن مصير الصحافي الأميركي أوستن تايس المفقود في سوريا، قال بوتين إنه سيسأل الأسد عن مصيره ومستعد أيضا لسؤال حكام سوريا الجدد عن مكانه.
وأضاف "سأقول لكم بصراحة، لم أر الرئيس الأسد بعد منذ مجيئه إلى موسكو. لكنني أعتزم القيام بذلك. سأتحدث معه بالتأكيد".
وأشار بوتين إلى مسألة الانسحابات المتكررة للجيش السوري من مواقع القتال سواء في حلب أو درعا أو حمص وغيرها من المدن قائلا إن "350 مقاتلا من المعارضة دخلوا حلب فيما انسحب 30 ألف جندي من الحكومة والقوات الموالية لإيران دون قتال".
وشكل سقوط الأسد ضربة مؤلمة لروسيا، التي بدأت تدخلا عسكريا في سوريا قبل تسع سنوات لدعم حكومة الأسد وسط الحرب الأهلية.
وسعت موسكو بسرعة إلى إقامة اتصالات مع الفصائل المعارضة لتأمين موظفيها الدبلوماسيين والعسكريين في البلاد ومحاولة تمديد عقد الإيجار لقواعدها الجوية والبحرية في البلاد.
وقال بوتين إن معظم من تواصلت معهم روسيا في سوريا بشأن مستقبل قاعدتيها العسكريتين الرئيسيتين هناك يدعمون بقاءهما، لكن المحادثات جارية.
وأضاف "علينا أن نبحث ما إذا كنا سنحتفظ بقواعدنا العسكرية في سوريا، واقترحنا أن يستخدم شركاؤنا قاعدتنا الجوية في سوريا لأغراض إنسانية وكذلك القاعدة البحرية".
كما لفت إلى أن روسيا أجلت "4 آلاف مقاتل إيراني من سوريا"، الذين كانوا يقاتلون في صفوف قوات الأسد.
وذكر أن روسيا، التي تدخلت في سوريا في 2015 وحولت دفة الحرب الأهلية هناك لصالح الأسد، أبلغت دولا أخرى أيضا بأنها تستطيع استخدام قاعدتيها الجوية والبحرية لإيصال مساعدات إنسانية لسوريا.
وقال "ثمة من يحاول تصوير ما حدث في سوريا على أنه هزيمة لروسيا. أؤكد لكم أن الأمر ليس كذلك". وأضاف "لقد جئنا إلى سوريا قبل عشر سنوات لمنع إنشاء جيب إرهابي فيها، كما في أفغانستان. وبصورة عامة، حققنا هدفنا".
وتابع قائلا "حققنا هدفنا في المجمل. وليس نابعا من فراغ أن العديد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة تريد اليوم إقامة علاقات معهم (الحكام الجدد في سوريا). إذا كانوا منظمات إرهابية، فلماذا تذهبون (الغرب) إلى هناك؟ هذا يعني أنهم تغيروا".
وفيما يتعلق بمسألة الأكراد الذين يسيطرون على مناطق بشمال سوريا، أكد بوتين "هذه مشكلة خطرة بالنسبة لتركيا والمسألة الكردية يجب أن تحل" معربا عن أمله "ألا يكون هناك تصعيد جديد للعنف". قائلا "ندعم دائما القانون الدولي ووحدة أراضي الدول بما في ذلك سوريا.
وندد بوتين باستيلاء إسرائيل على أراض سورية وقال إنه يشعر بأن إسرائيل لا تعتزم سحب قواتها من سوريا. واعتبر أن المستفيد الأول من الأحداث في سوريا هي إسرائيل.
ويواصل الجيش الإسرائيلي التوغل في جنوب سوريا ووصل الأربعاء إلى عمق تسعة كيلومترات داخل ريف درعا، بعد سيطرته على مرتفعات الجولان، ورغم أن إسرائيل تقول إنها ستبقى في موقع جبل الشيخ الإستراتيجي إلى حين التوصل لترتيب مختلف، إلا أن المخاوف تتزايد من احتلالها للموقع المطل على سوريا ولبنان والأردن.
وتشير هذه التحركات إلى محاولة إسرائيل السيطرة على أراض سورية جديدة رغم وصف مسؤولين إسرائيليين الخطوة بأنها محدودة وإجراء مؤقت لضمان أمن الحدود، خاصة أنهم لم يشيروا إلى موعد محدد لاحتمال انسحاب القوات
كما تحدث بوتين خلال مؤتمره السنوي عن الاقتصاد الروسي مؤكدا أنه "مستقر" رغم "التهديدات الخارجية"، في حين تواجه روسيا عقوبات غربية مشددة منذ عام 2022 رداً على هجومها على أوكرانيا.
وقال بوتين إن "وضع الاقتصاد كله في روسيا مستقر، على الرغم من التهديدات الخارجية ومحاولات التأثير علينا"، مشيراً إلى أنّ ارتفاع معدّل التضخم في روسيا "مؤشر مقلق".
وأكد أن روسيا مستعدة لإجراء محادثات والتوصل إلى تسوية بشأن أوكرانيا لكن الأمر يتطلب استعداد الطرف الآخر لذلك بالمثل.
ومن ناحية أخرى قال بوتين إن القوات الروسية تقترب من تحقيق أهدافها الأساسية في ساحة المعركة في أوكرانيا، وأشاد بما قال إنه صاروخ روسي جديد فرط صوتي "لا يقهر".
وردا على أسئلة خلال لقاء الأسئلة والأجوبة السنوي مع الشعب الذي بثه التلفزيون الرسمي قال بوتين "يجب أن أقول إن الوضع يتغير بشكل كبير... هناك حركة على امتداد خط المواجهة بالكامل. كل يوم".
وفيما يتعلق باستمرار وجود قوات أوكرانية في منطقة كورسك الروسية، قال بوتين إن قوات كييف سوف تُجبر بالتأكيد على الخروج، لكنه رفض أن يقول متى قد يحدث ذلك على وجه التحديد.
واتهم بوتين أوكرانيا بارتكاب أعمال إرهابية ضد مواطنين روس، في إطار الحديث عن مقتل جنرال روسي بارز في موسكو.
وقتل اللفتنانت جنرال إيجور كيريلوف قائد قوات الحماية النووية والبيولوجية والكيميائية الروسية خارج البناية السكنية التي يقطن فيها، كما قتل مساعده عندما انفجرت قنبلة كانت مخبأة في دراجة كهربائية (سكوتر).