كتب رون بن يشاي المحلل الإسرائيلي في موقع واي نت العبري، أنه لن ينهي التهديد الحوثي إلا عمل إسرائيلي أميركي جدي. وقال لقد فرضت الضربة الإسرائيلية على أهداف حوثية في اليمن في وقت مبكر من يوم الخميس ثمنا اقتصاديا باهظا على قوات المتمردين ولكنها أثرت أيضا على قدرتهم على القيادة.
وجاء ذلك بينما حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الخميس الحوثيين من أن من يمس إسرائيل "سيدفع ثمنا باهظا للغاية" بعدما شنت قوات الجو الاسرائيلية غارات جوية على "أهداف عسكرية" تابعة للمتمردين في اليمن المدعومين من إيران.
وقال نتنياهو في بيان "بعد حركة حماس وحزب الله ونظام الأسد في سوريا، أصبح الحوثيون تقريبا الذراع الأخير المتبقي لمحور الشر الإيراني"، مضيفا "يتعلم الحوثيون وسيتعلمون بالطريقة الصعبة أن من يمس إسرائيل سيدفع ثمناً باهظا للغاية".
وتابع بن يشاي أن الهجوم كان بمثابة ضربة مهينة بعد استهداف البنية التحتية الحيوية للطاقة الكهربائية في صنعاء، عاصمة اليمن ومعقل وكيل إيران. ومن المؤسف أن هذا لن يردع الحوثيين عن مواصلة ضرباتهم الصاروخية والطائرات بدون طيار على إسرائيل أو على الطرق البحرية التي تسببت في أضرار مالية للتجارة العالمية.
وأشار إلى أن الحوثيين جماعة عرقية ودينية شيعية جهادية تصر على إثبات للعالم أنها على عكس حزب الله وحماس وإيران، لا تزال سالمة من الأذى وتواصل القتال دعما لحماس. وإلى جانب الميليشيات الشيعية في العراق، تنتظر الجماعة وقف إطلاق النار في الحرب في غزة.
وهذا هو السبب الذي دفع الحوثيين إلى زيادة هجماتهم في الشهر الماضي، لكنهم أيضا في حالة من النشوة بسبب النجاحات العسكرية ويدعمهم في ذلك أيديولوجيتهم الإسلامية المتطرفة ويتوقعون بمجرد الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة أن يخرجوا منتصرين ويتم الاعتراف بهم كقوة تسيطر على حركة المرور البحري، بما في ذلك تجارة النفط في مياه الخليج على حساب المستهلكين الأوروبيين.
واعتبر أن الحوثيين لا يهتمون لأمر السكان المدنيين اليمنيين. وقد أثبتوا ذلك منذ هجومهم على المملكة العربية السعودية في عام 2015 والغارات السعودية التي تلتها والتي أسفرت عن مقتل العديد.
ودفعت الإدارة الأميركية السعودية إلى وقف هجماتها، بل ورفعت الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية، للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية عبر ميناء الحديدة، وهو نفس الميناء الذي هاجمته إسرائيل في ساعات الصباح الأولى، للمرة الثالثة منذ الحرب، ما أدى إلى إغلاقه.
كل هذا يعني أنه من أجل التعامل مع التهديد الحوثي للجبهة الداخلية لإسرائيل والتجارة العالمية، يجب أن تكون هناك عملية عسكرية حاسمة لن تؤذي الاقتصاد المحلي وتذل نظام الحوثيين فحسب، بل يجب أيضا القضاء على قادته وتدمير قدراته العسكرية.
وقال المحلل الإسرائيلي "الحوثيون ليسوا مجرد مجموعة بدائية من القبائل الحافيّة، بل هم قوة عسكرية إرهابية حقيقية ومسلحة بأحدث الأسلحة الإيرانية بما في ذلك الطائرات بدون طيار والصواريخ الباليستية، ولن يكفي استهدافهم للدفاع ضدهم، بل يجب إيقاف إنتاجهم في اليمن -بخبرة إيرانية- وتدمير مستودعاتهم حتى لا يعودوا مشكلة للعالم."
وشدد على أنه يتعين على إسرائيل والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في الخليج أن يحددا الحوثيين باعتبارهم تهديدا أساسيا يجب التعامل معه بمساعدة معلومات استخباراتية دقيقة عن مواقع الإطلاق والإنتاج حتى يمكن تدميرهم. ولكن إسرائيل وحتى القيادة المركزية الأميركية قد لا تملك هذه المعلومات الاستخباراتية.
ورأى أن الحصول على المعلومات من مسافة بعيدة يتطلب جهودا كبيرة يبدو أن الأميركيين لا يرغبون في بذلها، ولا تملك إسرائيل الموارد اللازمة للحصول عليها. كما تشكل المسافة بين إسرائيل واليمن تحديا كبيرا. وفي الهجمات الثلاث التي شنتها ضد المتمردين هناك، اضطرت طائرات الجيش الإسرائيلي إلى التزود بالوقود في منتصف الرحلة التي استغرقت ساعتين، وكانت بحاجة إلى طائرات قيادة وسيطرة في الجو، وتنسيق إقليمي وغير ذلك.
وتقع معظم مواقع الإطلاق ومراكز القيادة الحوثية حول صنعاء في المنطقة الوسطى من اليمن. وضرب تلك الأهداف يتطلب استخدام عشرات الطائرات المقاتلة وربما أكثر من 100، حتى تكون هناك نتائج مهمة.
وتمتلك القيادة المركزية والبحرية الأميركية أسطولا كبيرا من الطائرات والصواريخ المجنحة والصواريخ الاعتراضية على حاملاتها وسفنها الحربية في البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن، لكن إدارة بايدن حدت من تحركاتها لمنع الحرب الإقليمية، على الرغم من أن إسرائيل أثبتت أن مهاجمة الحوثيين وإيران نفسها، تؤدي إلى مثل هذا السيناريو.
وبسبب مخاوف البيت الأبيض، فإن الهجوم الذي نفذته الولايات المتحدة وبريطانيا في وقت سابق من هذا الشهر، كان على مراكز قيادة فارغة بالقرب من صنعاء ولم يتسبب إلا في أضرار طفيفة دون أن يترك أي تأثير حقيقي على القدرات العسكرية للحوثيين. ولعل إدارة ترامب القادمة تقرر التصرف بشكل مختلف.
وخلص رون بن يشاي إلى أن عملية مشتركة إسرائيلية أميركية من شأنها أن تردع الحوثيين إذا ما هوجمت مواقع أسلحتهم وإنتاجهم. كما يجب قصف مركزهم المدني للحكم في صعدة شمال اليمن.
وقال إنه لا شك في أن إيران تدعم هجمات الحوثيين، لكن لا بد من استهداف قادتهم كما حدث مع قيادات حزب الله وحماس وهذا قد يدفع الحكام الشرعيين في اليمن إلى الانتفاض ضد المتمردين وإسقاطهم كما حدث في سوريا. وفي غياب عمل عسكري كبير، فإن التهديد الذي يشكله اليمن سوف يستمر.