قال مسؤول بوزارة الدفاع التركية الخميس إنه لا يوجد حديث عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من الولايات المتحدة في شمال سوريا، في وقت يقول فيه أكراد سوريا إنهم مستعدون للقتال ضد "الاحتلال" التركي، ما يؤكد أن التغييرات العسكرية والسياسية في سوريا ستعجل بالمواجهة بين الأكراد وتركيا على عكس ما كان متوقعا.
وكان محللون قد توقعوا أن تلجأ تركيا إلى التهدئة مرحليا مع الأكراد لحين تأمين الاستقرار السياسي والأمني لصالح المجموعات المسلحة المدعومة منها، وأن الأكراد بدورهم كانوا يراهنون على أن الوضع الجديد، الذي تضع فيه تركيا يدها على أغلب الأراضي السورية عن طريق وكلائها الإسلاميين سيجعلها تؤجل المواجهة مع قسد.
لكن تركيا اختارت أسلوبا آخر يقوم على الاستفادة القصوى من الفراغ السياسي والأمني في سوريا ما يمكنها من أن تكون اللاعب الأول في البلاد، وفي نفس الوقت استغلال الزخم المعنوي لدى المجموعات المسلحة بالسيطرة على سوريا ودفعها إلى فتح حرب مع الأكراد.
ويعرف الأتراك أن هزيمة الأكراد أمر صعب عسكريا وان الأمر قد يأخذ وقت طويلا ويمكن أن يؤثر على الترتيبات التي نجح الرئيس التركي رجب أردوغان في فرضها داخل سوريا، ولذلك فإن الخيار العسكري هدفه دفع المقاتلين الأكراد إلى التراجع إلى جيب محدود داخل الأراضي السورية والابتعاد عن حدود تركيا.
وقال المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه، للصحفيين "بالنسبة لتركيا، من غير الوارد أن نجري محادثات مع أي منظمة إرهابية. لا بد أن التعليقات (الأميركية) كانت زلة لسان".
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد قالت إنه جرى تمديد وقف لإطلاق النار حول مدينة منبج حتى نهاية هذا الأسبوع.
وتوسطت واشنطن في وقف مؤقت لإطلاق نار بين فصائل في المعارضة السورية المسلحة مدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية الأسبوع الماضي بعد اندلاع مواجهات في وقت سابق من الشهر الجاري مع تقدم المعارضة نحو دمشق.
وفي مقابلة مع وكالة فرانس برس، قال القائد العسكري لهيئة تحرير الشام أبو حسن الحموي إن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد في شمال شرق البلاد “ستُضّم” إلى الإدارة الجديدة للبلاد، مؤكدا رفض وجود أي فدرالية.
وتراهن أنقرة على أن الضغط الذي تمارسه سياسيا وعسكريا على الأكراد قد يدفع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب حال استلامه الحكم إلى التعجيل بقرار الانسحاب، الذي سبق أن وعد به خلال ولايته الأولى. لكن المحللين يعتبرون أن التوقعات التركية غير دقيقة، وأن وجود الأميركيين في شمال شرق سوريا ليس مرتبطا بالوجود الروسي فقط، وإنما تمثل المنطقة الكردية بالنسبة إليهم موقعا استراتيجيا لمراقبة إيران والميليشيات الحليفة لها في العراق.
واتهمت قوات سوريا الديمقراطية تركيا بعرقلة الجهود الدولية الرامية للتوصل لوقف إطلاق النار.
وقالت في بيان "الاحتلال التركي ومرتزقته لم يلتزموا بهذا القرار ويستمرون في هجماتهم على الجبهة الجنوبية لمدينة كوباني"، وتعهدت بمواصلة القتال وحثت أهالي كوباني على حمل السلاح "ضد الاحتلال".
وتظاهر الآلاف الخميس في مدينة القامشلي في شمال شرق سوريا دعما لقوات سوريا الديمقراطية وتنديدا بالتدخّل التركي.
ورفع المتظاهرون لأول مرة علم الانتفاضة المنادية بالديمقراطية التي انطلقت في 2011، وتتوسطه ثلاث نجوم، إلى جانب أعلام الإدارة الذاتية التي تسيطر على مناطق في شمال شرق البلاد، وقوات سوريا الديمقراطية.
وردّدوا هتافات مثل “لتعش مقاومة قسد”، و”الشعب السوري واحد” و”لا للحرب ونعم للسلام في سوريا المستقبل”. كما هتف بعضهم “لا للحرب على مناطقنا، لا للهجوم التركي على روجآفا”، وهو الاسم الذي يطلقه الأكراد على الإدارة الذاتية في المنطقة.
وتشارك قوات سوريا الديمقراطية في تحالف أميركي ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية. وتقود القوات وحدات حماية الشعب الكردية، وهي مجموعة تعتبرها أنقرة امتدادا لمسلحي حزب العمال الكردستاني الذين يقاتلون الدولة التركية منذ 40 عاما.
وردا على سؤال عما إذا كانت أنقرة تدرس القيام بعملية برية جديدة في شمال سوريا، قال المسؤول التركي إن أنقرة لا تزال ترى تهديدا لحدودها من تلك المنطقة.
وقال "سنواصل استعداداتنا واحتياطاتنا في إطار مكافحة الإرهاب حتى يُلقي حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب السلاح ويغادر مقاتلوهم الأجانب سوريا".
وذكر المسؤول أن أنقرة ترى أن قوات (الجيش الوطني السوري) التي تدعمها "ستحرر" المناطق التي يحتلها حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا، مما يشير إلى أن أنقرة لا تخطط لعملية وشيكة يقوم بها جيشها في المنطقة.