تقارير

الحوثيون يحتمون بعرض التسوية السياسية لتلافي مصير الأسد
الحوثيون يحتمون بعرض التسوية السياسية لتلافي مصير الأسد
أعلنت جماعة الحوثي الثلاثاء استعدادها “الفوري” لتسوية سياسية تنهي الصراع في اليمن، في وقت يظهر فيه هذا الاستعجال أن هناك مخاوف يسعى الحوثيون لتجنبها بالاحتماء بمسار السلام وترتبط بالضربات التي تلقاها “محور المقاومة” في غزة ولبنان وخاصة في سوريا، وتهاوي النفوذ الإيراني.

ولا يشعر الحوثيون بجدوى استمرار التصعيد العسكري في اليمن واللعب على معطى التخويف باستهداف المنشآت النفطية السعودية والإماراتية، خدمة لأجندة إيران في الضغط على الخليجيين وتوجيه رسائل إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، ذلك أن الوضع تغير في ظل انحسار الدور الإيراني والتقارب بين طهران والخليجيين.

ولا تريد جماعة أنصارالله أن تجد نفسها بين قطبي الرحى، حرب في الداخل وأخرى في الخارج، مع استمرار القصف الأميركي لمواقع في صنعاء وتنفيذ إسرائيل ضربات قوية قد تتكرر في حال استمر الحوثيون في لعب دور البطولة من بوابة “إسناد” حماس وحزب الله.

الحوثيون يؤكدون أن وضعهم يختلف عن حماس وحزب الله، لكن سرعة سقوط الأسد دفعتهم إلى التفكير في تهدئة داخلية

ورغم أن الحوثيين يسعون للتأكيد على أن وضعهم يختلف عن حماس وحزب الله، فإن سرعة إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد قد تكون دفعتهم إلى التفكير في البحث عن تهدئة داخلية عبر إطلاق تصريحات داعمة للتسوية السياسية، والهدف منع أي محاولة يمنية داخلية مدعومة خارجيا لاستنساخ الخيار العسكري ضد جماعة أنصارالله في وقت تبدو فيه معزولة بسبب صعوبة وصول الدعم الإيراني.

ويتخوف الحوثيون من أن تراهن تركيا وقطر على تحريك حزب الإصلاح الإخواني لاستنساخ ما قامت به هيئة تحرير الشام في سوريا بالهجوم على صنعاء، وأن يكون قد تم تجهيز خطة شبيهة لتنفيذ تحرك حاسم يلاقي قبولا لدى بعض دول الإقليم وكذلك الولايات المتحدة ويندرج في سياق تفكيك النفوذ الإيراني في المنطقة.

وبدأت أولى بوادر ذلك من خلال التصريحات التي أدلى بها القيادي في حزب الإصلاح عبدالرزاق الهجري قبل أيام ودعا فيها إلى نبذ خلافات الماضي، معتبرا ذلك “ضرورة وطنية لهزيمة الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة.”

وقال الهجري في كلمة أثناء فعالية كبرى انتظمت في مأرب معقل نفوذ الحزب الإخواني، إحياءً لذكرى مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح على يد الحوثيين قبل سبع سنوات، إنّ “الخلافات بين القوى الوطنية كانت السبب في سيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية على العاصمة صنعاء.”

ويسعى الحوثيون للظهور بمظهر الطرف القوي، لكن العرض المفاجئ بإعلان الاستعداد للتسوية السياسية يؤكد وجود معطيات أو تقارير عن وجود خطة لتحرك داخلي قوي يستفيد من عزلة الحوثي بعد الهزائم التي لحقت بأذرع إيران الأخرى.

ويرى المحلل السياسي اليمني عبدالسلام قائد في تصريح للأناضول أن استمرار هجمات الحوثيين على إسرائيل في هذا التوقيت محاولة لإثبات أنهم مازالوا قوة صلبة، غير مبالين بالضربات التي أضعفت حلفاءهم فيما يُعرف بـ”محور المقاومة”.

وأضاف قائد أن الحوثيين، بخبرتهم الطويلة، اعتادوا تقليل آثار الضربات الجوية، مشيرا إلى أن الخطر الحقيقي بالنسبة إليهم يتمثل في معركة برية تنطلق من الداخل اليمني، لا ضربات من الخارج.

وكان الحوثيون والحكومة اليمنية قد التزموا في ديسمبر من العام الماضي بخارطة طريق تقودها الأمم المتحدة لإنهاء الحرب، تشمل وقفا شاملا لإطلاق النار وتحسين ظروف عيش المواطنين، واتفق الطرفان على العمل من أجل استئناف عملية سياسية شاملة. لكن هجمات جماعة الحوثي على سفن في البحر الأحمر وسيرها في مسار “إسناد غزة” حالا دون تنفيذ الخطة.

وقال جمال عامر، وزير الخارجية في حكومة الحوثيين، الثلاثاء إن “موقف صنعاء واضح ولا يحتمل أي لبس بشأن استعدادها الفوري للتوقيع على خارطة الطريق باعتباره المدخل لبدء عملية التسوية السياسية في اليمن.”

مخاوف حوثية من أن تراهن تركيا وقطر على تحريك حزب الإصلاح الإخواني لاستنساخ ما قامت به هيئة تحرير الشام في سوريا بالهجوم على صنعاء

واعتبر أن “الحديث عن أن خارطة الطريق مجمدة في الوقت الحالي يأتي في إطار الاستجابة للضغوط الأميركية على صنعاء لوقف عملية دعم وإسناد قطاع غزة.”

وأكد عامر أن “صنعاء ترفض جملة وتفصيلا أي محاولة للربط بين ملف السلام والتوقيع على خارطة الطريق وملف التصعيد في البحر الأحمر،” محذرا من أن “أي ضغط بهذا الاتجاه سيأتي بنتائج عكسية.”

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ دعا الأسبوع الماضي جميع أطراف الصراع إلى الانخراط الجاد في تنفيذ خارطة الطريق التي أُعلن عنها قبل نحو عام.

لكنّ مراقبين يمنيين يقولون إن عرْض الحوثيين المضيّ قدما في التسوية السياسية ليس الأول ولن يكون الأخير، مشيرين إلى أن جماعة أنصارالله سبق أن أعلنت في مرات سابقة الموقف نفسه ضمن سياسة تقوم على المناورة، وأنّ ما تقوم به هو مجرّد تلاعب بورقة السلام لكسب الوقت.

ومنذ قرابة عامين ونصف العام يشهد اليمن تهدئة من حرب بدأت قبل نحو عشر سنوات بين القوات الموالية للحكومة، المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية، وقوات الحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات ومدن، من بينها صنعاء، منذ سبتمبر 2014.

19 ديسمبر 2024

هاشتاغ

التعليقات