تواجه خطّة الاتحاد الأوروبي للتحول نحو الطاقة النظيفة كجزء من “الصفقة الأوروبية الخضراء”، التي تهدف إلى إعادة هيكلة النظام الاقتصادي ليكون أكثر استدامة، تحديات عديدة قد تمنع أوروبا من تحقيق هدف الصفقة الخضراء بالوصول إلى 40 في المئة من إنتاج الطاقة المتجددة بحلول عام 2030 وتقليل الانبعاثات الكربونية بنسبة 55 في المئة.
ومؤخرا نشرت مؤسسة بروغل، وهي مؤسسة طاقة مقرها بروكسل، موجزًا سياسيًا يركز على ما يحتاجه الاتحاد الأوروبي للوصول إلى أهدافه المعلنة المتمثلة في صافي صفر من الانبعاثات وكم سيكلف ذلك.
ويبدو أنه لتحقيق هذه الأهداف سيحتاج الاتحاد إلى إنفاق 1.3 تريليون يورو، أو حوالي 1.4 تريليون دولار، كل عام حتى عام 2030. وبعد ذلك يقفز سعر الانتقال إلى 1.54 تريليون سنويًا ويبقى على هذا القدر حتى عام 2050.
وتقسم بروغل المبلغ الهائل من المال الذي يجب إنفاقه على التحوّل إلى ثلاث فئات: إمدادات الطاقة، والطلب على الطاقة، والنقل.
وقد يكون هذا أيضا تقديراً أقل من الواقع من جانب الاتحاد الأوروبي نفسه؛ لأنه لا يشمل كل التكاليف المرتبطة بالتحول، ويغفل على سبيل المثال تكاليف التمويل التي قد تكون كبيرة في حد ذاتها.
التحول الأخضر قد يكلف 1.3 تريليون يورو سنويا حتى عام 2030 و1.54 تريليون يورو سنويا حتى عام 2050
وكما تشير بروغل “ستكون كلفة تمويل الاستثمار كبيرة بالنسبة إلى الوكلاء المقيدين بالسيولة النقدية، وسوف تحتاج المالية العامة إلى التدخل بأدوات تخفيف المخاطر لتسهيل الاستثمار الخاص.”
وتقول الباحثة إيرينا سلاف في تقرير على موقع أويل برايس إن هذا يعني أن الاتحاد الأوروبي سوف يحتاج إلى زيادة الإعانات في كل اتجاهاته الانتقالية من أجل تحفيز المستثمرين من القطاع الخاص على الانضمام إليه في تمويل التحول.
وقد تكون هذه مهمة صعبة في ظل السياق الحالي في تكنولوجيات التحول، وهو السياق الذي يتسم بالطلب الضعيف على الرغم من الدعم الحكومي القوي في شكل إعانات.
ولكن الاتحاد الأوروبي -ممثلا في ذراعه التنفيذية، المفوضية الأوروبية- يغفل أيضا تكاليف أخرى من خططه المالية للتحول. فهو لا يتضمن تكاليف التصنيع المرتبطة بهذا الانتقال في الموازنة، وقد تكون باهظة أيضا.
وكما تشير بروغل، فإن بناء القدرة التصنيعية المحلية بما يتماشى مع سياسة تتطلب تصنيع 40 في المئة من تكنولوجيات التحول الأوروبية في الكتلة سوف يتطلب استثمارات إضافية تبلغ 100 مليار يورو سنويا بين هذا العام وعام 2030.
ويبدو الأمر وكأن الفاتورة تستمر في إضافة عناصر إليها، ولكن من سيتحملها وكيف سيتمكن من تحمل كلفتها أصبحا غير واضحين بشكل متزايد.
وبطبيعة الحال، في ظاهر الأمر يبدو الدافعون واضحين تمامًا؛ إنهم الحكومات والمستثمرون من القطاع الخاص. ولكن تحت هذا الوجه تصبح الأمور مثيرة للاهتمام وتشكل تحديًا.
وتتلقى الحكومة أموالاً من دافعي الضرائب. ولذلك فإن الجزء الحكومي من فاتورة الانتقال سوف يتحمله في الواقع الأشخاص الذين يدفعون الضرائب والذين يصوتون.
ولكن مع اقتراب التحول من أن يصبح أكثر كلفة مما هو عليه بالفعل، ستحتاج الحكومات الأوروبية إلى إيجاد المزيد من الأموال مما كان متوقعًا في السابق بهدف القيام بدورها من أجل الصالح الأخضر المشترك، وهذا يعني بالضرورة زيادة الضرائب، في حين تحاول تحفيز دافعي الضرائب على تبني أنماط حياة أكثر خضرة وأكثر كلفة.
ووفقًا لبروغل “ستكون هناك حاجة ماسة بين عامي 2025 و2030 إلى التعامل مع الآثار التوزيعية المعقدة لإزالة الكربون من المباني والنقل، والتي كانت تخفيضات الانبعاثات منها حتى الآن صغيرة نسبيًا. إن تجنب ردود الفعل السياسية قد ينطوي على تقديم حوافز مالية للأسر في مقابل تبني تقنيات خضراء أكثر كلفة.”
ويتلخص الأمر في قيام الحكومات الأوروبية بأخذ الأموال من الناس بيد واحدة وإعطائهم بعضها منها باليد الأخرى، وكل هذا بغرض خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 55 في المئة عن مستويات التسعينات بحلول عام 2030 ثم تحقيق وضع صافي الصفر بحلول عام 2050. وبالحكم على الأحداث السياسية الأخيرة في أوروبا، وخاصة ألمانيا ورومانيا والآن فرنسا، فإن الأمر لا يسير على ما يرام.
وقد تزداد الأمور سوءا في المستقبل القريب لأن بروغل لديها اقتراحات حول كيفية ضمان توفر الأموال اللازمة للتحول من خلال ربط جميع السياسات الوطنية بالصفقة الأوروبية الخضراء بشكل فعال.
وأحد التحديات الرئيسية هو أن البنية التحتية للطاقة الحالية في الاتحاد الأوروبي مصممة بشكل رئيسي لدعم الوقود الأحفوري. وتحويل هذه البنية إلى دعم مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والشمس يحتاج إلى تطويرات كبيرة في شبكات الكهرباء وتكنولوجيا تخزين الطاقة، وهو أمر يتطلب وقتًا وموارد مالية كبيرة.