سيطرت جماعات معارضة سورية مدعومة من أنقرة على مدينة منبج في شمال سوريا، وفق ما قال مصدر أمني تركي لرويترز اليوم الاثنين، وذلك ضمن مساعي الرئيس رجب طيب أردوغان لمنع استفادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من الفراغ الذي تركته قوات الجيش السوري بانسحابه من القامشلي والحسكة ودير الزور.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة تسيطر على المدينة واندلعت معارك عنيفة مع الجماعات المدعومة من تركيا في الأيام القليلة الماضية، فيما أعلنت المعارضة السورية في الجنوب الأحد الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد بعد السيطرة على دمشق.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي يوثق أعمال العنف في سوريا، الاثنين "انسحب المسلحون الأكراد، الذين يسيطرون على منبج منذ فترة، باستثناء بعض المواقع الخلفية، بعد سيطرة الفصائل المدعومة من تركيا على المدينة والانتشار في أحيائها".
ودارت اشتباكات عنيفة بالتوازي مع قصف بري مكثف، إضافة لاستهداف القوات التركية جسر قرقوزاق لمنع تقدم التعزيزات العسكرية لـ"قسد".
وأشار المرصد إلى مقتل 15 عنصرا من الفصائل المدعومة من تركيا و35 من "مجلس منبج العسكري" وقوى الأمن الداخلي "الأسايش".
وشهدت منطقة منبج بريف حلب الشرقي اشتباكات عنيفة بين قوات "مجلس منبج العسكري" من جهة، والفصائل المدعومة تركيا من جهة أخرى على عدة محاور، شملت قرى توخار وعون دادات وعرب حسن والعريمة تزامناً مع تحليق مسيّرات تركية في الأجواء لدعم حركة تقدم الفصائل. وفقا للمرصد.
وتأتي هذه الاشتباكات بعد تمكّن الفصائل الموالية لتركيا الأسبوع الماضي من السيطرة على تل رفعت التي كان يسيطر عليها الأكراد.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية قد تحركت مبكرا لمجاراة التطورات الميدانية حيث أعلنت في 3 ديسمبر إطلاق "معركة العودة" ضد النظام السوري والميليشيات الإيرانية وتمكنت من السيطرة على سبع قرى في مدينة دير الزور.
كما تحركت في مناطق محاذية للحدود التركية مثل الطبقة وأرياف الرقة وخط الرصافة، وذلك في محاولة للسيطرة على هذه المناطق التي تقول إنها تخشى سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عليها.
والأحد قال المرصد إنّ "الفصائل الموالية لتركيا سيطرت على أحياء كبيرة داخل مدينة منبج بريف حلب الشرقي بعد اشتباكات عنيفة مع مجلس منبج العسكري".
وينتمي مجلس منبج العسكري إلى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يهيمن عليها الأكراد وتدعمها واشنطن وتسيطر على مناطق واسعة في شمال شرق سوريا.
من جهتها، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية أنّ قوات المجلس العسكري في كلّ من منبج وبلدة الباب المجاورة لها وجّهت "ضربات قوية" إلى المقاتلين المدعومين من تركيا، مشيرة إلى "اشتباكات عنيفة" لا تزال تدور في المنطقة.
بالمقابل، قالت الفصائل الموالية لأنقرة في بيان نشرته عبر قناتها على تطبيق تلغرام إنّها "سيطرت على مدينة منبج شرقي حلب بعد معارك ضارية". كما نشرت هذه الفصائل مقاطع فيديو التقطت على ما يبدو داخل منبج وظهر فيها مقاتلون يؤكدون أنهم سيطروا على المدينة.
وقالت قسد السبت إن الفصائل الموالية لتركيا، مثل "أحرار الشام والعمشات والحمزات والسلطان مراد وفصائل أخرى تمولها تركيا"، بدأت مهاجمة المجالس العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية في منطقة منبج، شمال سوريا.
وحذرت قسد من أن أغلب هذه الفصائل تضم قياديين مصنفين على لائحة الإرهاب وتصل أعدادهم إلى عشرات الآلاف من المقاتلين.
وتثير هذه الاشتباكات الكثير من المخاوف من سقوط سوريا في دوامة من العنف بسبب الصراعات الإقليمية والدولية فالولايات المتحدة الداعم الأكبر لقوات سوريا الديمقراطية أكدت انها لا تنسحب من قواعدها العسكرية بذريعة مكافحة داعش.
في المقابل تعبر تركيا عن مخاوفها من توسع نفوذ قسد التي تسلمت الكثير من المواقع من الجيش السوري قبل انهياره وانسحابه من مواقعه.
وأعلن البنتاغون أن طائراته أغارت الأحد على أكثر من 75 هدفا لتنظيم الدولة الإسلامية الجهادي في سوريا "من أجل منع التنظيم الإرهابي من تنفيذ عمليات خارجية وضمان عدم سعيه للاستفادة من الوضع الحالي لإعادة تشكيل نفسه في وسط سوريا".
وقالت القيادة الأميركية الوسطى "سنتكوم" في بيان إنّ "الغارات الجوية الدقيقة" نفّذتها طائرات متنوعة من بينها قاذفات بي-52 ومقاتلات إف-15 وطائرات إيه-10، و"استهدفت معسكرات وعناصر" في التنظيم الجهادي في وسط سوريا.
وأوضح البيان أنّ "الغارات استهدفت قياديين وعناصر ومعسكرات" للتنظيم الجهادي وذلك "في إطار المهمّة المستمرة لتعطيله وإضعافه وهزيمته" مضيفا "أنّ تقييم نتائج الغارات لا يزال مستمرا و"لا مؤشرات إلى وقوع إصابات بين المدنيين".
وشدّدت سنتكوم في بيانها على أنّها "ستواصل، جنبا إلى جنب مع الحلفاء والشركاء في المنطقة، تنفيذ عمليات تهدف إلى إضعاف القدرات العملانية لتنظيم الدولة الإسلامية حتى خلال هذه الفترة الديناميكية في سوريا".
ونقل البيان عن قائد سنتكوم الجنرال مايكل كوريلا قوله "ينبغي أن لا يكون هناك أيّ شكّ - لن نسمح لتنظيم الدولة الإسلامية بأن يعيد تشكيل صفوفه أو الاستفادة من الوضع الحالي في سوريا. يجب على جميع التنظيمات في سوريا أن تعلم أنّنا سنحاسبها إذا دخلت في شراكة أو دعمت تنظيم الدولة الإسلامية بأيّ شكل من الأشكال".