عربي ودولي

دبلوماسية نشطة تبقي على كردستان العراق في قلب الاهتمام الدولي
دبلوماسية نشطة تبقي على كردستان العراق في قلب الاهتمام الدولي
أظهر اختيار باريس على رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني للمشاركة ضمن خمسين من رؤساء وقادة دول العالم وكبار المسؤولين فيها بينهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب في المراسم التاريخية التي أقيمت لإعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام بالعاصمة الفرنسية، وجود الإقليم على خارطة الاهتمام الدولي نتيجة حيوية دبلوماسيته ونجاحها في تسويق صورة إيجابية له باعتباره موطنا للاستقرار والانفتاح الثقافي والتسامح الديني ضمن العراق الذي لا يخلو من مشاكل في هذه المجالات نتيجة حكم الأحزاب والفصائل الطائفية له.

وأتاحت المناسبة تجديد التعبير عن العلاقات الوثيقة التي جمعت على مدى عقود من الزمن بين ساسة تاريخيين فرنسيين وزعامة الحزب الديمقراطي الكردستاني ممثلة بالمرجع الكردي المخضرم مسعود بارزاني، فيما أظهر اللقاء الذي جمع بين نيجيرفان بارزاني والرئيس الأميركي ترامب استقرار العلاقات بين الإقليم وواشنطن في عهده، في وقت تبدو علاقة إدارته بالدولة الاتّحادية العراقية مقبلة على اضطرابات ومشاكل نتيجة موقف الإدارة الجمهورية من القوى الشيعية القائدة لحكومة بغداد واستعدادها لمعاملتها باعتبارها أذرعا لإيران بما سيستتبع ذلك من ضغوط سياسية واقتصادية متوقّعة على العراق بدءا بإجباره على تنفيذ العقوبات الأميركية المفروضة على طهران.

ويقود الرئيس نيجيرفان منذ توليه منصب رئاسة الإقليم حراكا ديبلوماسيا نشطا اتّجه جزء منه نحو بلدان المنطقة وأفضى إلى إقامة علاقات متوازنة معها لم تستثن حتى إيران ذات الموقف السلبي والتصرفات العدوانية في بعض الأحيان من الإقليم من قبيل قصف حرسها الثوري لأراضيه أو الإيعاز للميليشيات العراقية بالقيام بذلك على خلفية اتهامات غير مستندة لأدلة ووقائع ما تنفكّ توجهها لسلطاته بالتواطؤ ضدّها مع أعدائها.

وأقامت حكومة الإقليم أيضا علاقات وثيقة مع تركيا انبنت على مصالح اقتصادية وتنسيق أمني مفيد للطرفين، ووفرت قاعدة لتطوّر كبير في العلاقات بين أنقرة والحكومة الاتّحادية العراقية انعكس في تغيير بغداد لموقفها الرسمي من نشاط مسلّحي حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية وتمت ترجمته إلى تعاون من المجال الاقتصادي وتوافق على حلحلة خلافات الطرفين بشأن ملف المياه.

وتفيد العلاقات التي تقيمها القيادة السياسية لكردستان العراق مع الدول وخصوصا قواه الكبرى في مساعدة الإقليم في التماسك والصمود في وجه حلفاء إيران النافذين في الدولة الاتحادية العراقية وضغوطهم التي يجسدونها خصوصا على الصعيد الاقتصادي والمالي بالتشدّد في تمكينه من حصّته من الموازنة الاتّحادية ووضع المزيد من الشروط المعقّدة لذلك ما يضع سلطاته أمام تحدّيات مالية ذات أبعاد اجتماعية.

وإلى جانب لقائه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التقى نيجيرفان بارزاني بالرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب خلال تواجدهما في باريس لحضور مراسم إعادة افتتاح الكاتدرائية.

◄ لقاء بارزاني - ترامب مؤشر على استقرار علاقات الإقليم بإدارته على عكس العلاقة المتوقعة بين بغداد وواشنطن في عهده

كما التقى أيضا بعدد كبير من قادة الدول ومسؤوليها من بينهم الرئيس الألماني فرانك والتر شتاينماير والملياردير الأميركي إيلون ماسك والرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته ورئيس الوزراء الصربي ميلوش فوتشيفيتش والمستشار النمساوي كارل نيهامر.

وتعليقا على مشاركة بارزاني في مراسم إعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام قالت رئاسة الإقليم في بيان إنّ الدعوة التي وجّهت إليها تعكس “عمق الصداقة والعلاقة المتينة بين فرنسا وإقليم كردستان وأهمية دوره ومكانته على الصعيد الإقليمي وعلى صعيد العلاقات الدبلوماسية الدولية.”

وهنأ رئيس الإقليم الرئيس الفرنسي بمناسبة إعادة افتتاح الكاتدرائية واصفا الحدث بالتاريخي والمجسّد لجهود الحفاظ على إرث إنساني مشترك. وعبّر ماكرون في كلمة ألقاها بالمناسبة عن امتنان الأمة الفرنسية لجميع من شاركوا في ترميم الكاتدرائية.

وأعيد افتتاح الكاتدرائية بعد نحو خمس سنوات من تعرضها إلى حريق هائل أدى إلى انهيار برج سهمها الشهير ما أثار صدمة عالمية.

وأقيم الأحد أول قداس في الكاتدرائية بعد اكتمال أشغال ترميمها الطويلة والمكلفة. وشارك في القداس الذي رعاه كبير أساقفة باريس المونسينيور لوران أولريك مئة وخمسون أسقفا وكاهنا.

وتجمع علاقة عريقة بين قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني وفرنسا بنيت على الدعم الفرنسي لنضالات أكراد المنطقة والعراق ونصرة قضيتهم.

وأعيد مؤخّرا تسليط الأضواء على تلك العلاقات من خلال احتفالية انتظمت في مدينة أربيل مركز إقليم كردستان العراق إحياء للذكرى المئوية لميلاد دانيال ميران زوجة الرئيس الفرنسي الأسبق فرانسوا ميتران حضرها رئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني وأثنى خلالها عن دور دانيال في الدفاع عن حقوق الشعب الكردي.

وقال الرئيس بارزاني إنّ “تلك السيدة لها حق على الشعب الكردي الذي لعبت دورا كبيرا في سبيل قضيته وكانت تريد فعل المزيد لكن ربما هذا ما كان بالإمكان.” وأضاف ” التقيت بالسيدة ميتران في باريس عقب جرائم الانفال وكانت وقتها قادمة للتو من زيارة للنازحين الأكراد حيث أردت شرح مأساتنا لها إلا أنها كانت على اطلاع كبير بأحوال الأكراد، وذرفت الدموع من أجلهم وكانت المرة الأولى التي أرى فيها شخصية أوروبية تذرف الدموع من أجل الأكراد.”

وأوضح أنّه “عقب انتفاضة سنة واحد وتسعين جاءت السيدة ميتران إلينا كما أنها زارت كردستان عام 2009 وألقت كلمة في برلمان كردستان وكادت أن تفقد حياتها في تفجير سيارة مفخخة نجت منه بأعجوبة، ورغم ذلك تابعت برنامج زيارتها وتوجهت الى حلبجة أيضا.”

وسبق لباريس أن لعبت دورا في نقل قضية الأكراد إلى الأمم المتحدة وجلب اهتمام مجلس الأمن الدولي بها وإصداره قرارا يتعلّق بحمايتهم وإيجاد منطقة حظر للطيران في مناطقهم بشمال العراق.

09 ديسمبر 2024

هاشتاغ

التعليقات