يدرس الأتراك والقطريون في الدوحة على عجل طرق معالجة نقطة الضعف الأساسية التي تعرقل مرحلة جني المكاسب الإستراتيجية لتحالفهما بعد أن تمكنا من قلب معادلة الجمود السورية لصالحهما خلال أيام قليلة.
وتعتبر أنقرة والدوحة هشاشة وضع حماس، ميدانيّا في غزة وإستراتيجيّا خارجها، عقبة في طريق الاستمكان من نتائج عملية حلب والصعود المكتسح لهيئة تحرير الشام كقوة قلبت حالة الجمود في سوريا لصالحها وصالح تركيا وقطر، على حساب النظام السوري وحلفائه، ما يجعل البلدين في موقع تفاضلي أقوى ضمن معادلة القوى في المنطقة، خصوصا مع اقتراب تسلم إدارة دونالد ترامب الحكم في الولايات المتحدة.
وعقد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان لقاء مع أعضاء المكتب السياسي لحركة حماس، في العاصمة القطرية الدوحة، من دون الإفصاح عن محتوى هذا اللقاء، ما يؤكد أن أنقرة والدوحة مستعدتان للضغط على حماس للقبول بتسوية من نوع ما تسمح بإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وتترك للأتراك والقطريين فرصة بداية قوية في التعامل مع إدارة ترامب القادمة.
ونشرت وزارة الخارجية التركية عبر حسابها على منصة إكس صورا من اللقاء، دون تفاصيل أخرى.
وستجد حماس أن حجم الإنجاز الكبير الذي تحقق لحليفتيها قطر وتركيا يستحق التضحية، خصوصا أنه جاء على حساب شخصية مكروهة من الحركة، هي شخصية بشار الأسد، ومن ورائه نظامه، ما قد يدفعها إلى القبول بالهدنة والتنازل عن شرطها وقف الحرب وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة.
ولا شك أن قطر وتركيا لن تسمحا لأي مناورة جديدة من حماس بتفويت فرصة الوصول إلى اتفاق هدنة تطلق الحركة بمقتضاها ما بقي من محتجزين إسرائيليين مقابل إطلاق أعداد من الأسرى الفلسطينيين وفتح الطريق أمام تدفق المساعدات على القطاع وتحسين شروط عيش سكانه بعد أربعة عشر شهرا من القصف والتدمير.
◙ يمكن للقبول بالهدنة أن ينقذ حماس نفسها من غضب قطر، التي قررت تحت الضغوط الإسرائيلية والأميركية أن تطالب الحركة بالبحث عن دولة تستضيفها
ويمكن للقبول بالهدنة أن ينقذ حماس نفسها من غضب قطر، التي قررت تحت الضغوط الإسرائيلية والأميركية أن تطالب الحركة بالبحث عن دولة تستضيفها، وهو أمر غير وارد في ظل موقف تركي قاطع برفض احتضان مقر حماس، وفي خضم ظروف إيرانية معقدة تجعل انتقال قادة حماس إلى البلاد أشبه بعملية انتحار إذ سيكونون مكشوفين أمام إسرائيل لتصفيتهم كما فعلت مع رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، هذا إن قبلت إيران باستقبالهم، وهي التي تخطط لتبديد التوتر بينها وبين الغرب.
ويوفر استرضاء قطر وتخفيف الضغوط عنها لقادة حماس البقاء في ظروف مريحة وفي مستوى عيش عال، فضلا عن البقاء في الصورة كطرف فلسطيني يمكن أن يتم اللجوء إليه للتفاوض أو الاستشارة بشأن مرحلة ما بعد الحرب.
وتعرف حماس كذلك أن قطر هي الملاذ الوحيد الممكن، بعد تفكيك حزب الله وتصفية قياداته العسكرية والسياسية، وتحتاج إلى أن تتنازل هذه المرة من دون اشتراطات لأن لا أحد سيلتفت إليها في ذروة التطورات السورية وظهور مجاميع إسلامية جديدة تعرض نفسها لتكون محاورا للغرب مقابل ضمان مصالحه، وهو مسار مهم لتركيا التي لن تقبل بأن تخذلها حماس أو تُوتر العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة أو إسرائيل، فكيف تفكر الحركة مجرد التفكير في أن تركيا يمكن أن تكون حليفا لها لو غضب عليها القطريون وطردوها.
وسبق أن أرسلت تركيا أكثر من مرة إشارات واضحة برفض استقبال قادة حماس. وقبل فترة قصيرة نفت مصادر في وزارة الخارجية التركية صحة ادعاءات تفيد بنقل حركة حماس مكتبها السياسي إلى تركيا. ونقلت وكالة الأناضول التركية عن هذه المصادر قولها “ادعاءات نقل مكتب حماس السياسي إلى تركيا لا تعكس الحقيقة.” وكان أردوغان قد رد على تكهنات سابقة بشأن استضافة قادة حماس في بلاده إذا غادروا قطر بالقول إن “مكانهم الطبيعي هو الدوحة.”