عربي ودولي

هل ينسحب ترامب من سوريا لتحقيق رغبة أردوغان في حصار الأكراد
هل ينسحب ترامب من سوريا لتحقيق رغبة أردوغان في حصار الأكراد
توقع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن تعيد إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب النظر في علاقتها بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، في موقف يقول مراقبون إنه لا يستند إلى أيّ مبررات سياسية، وإن المسؤولين الأتراك يسقطون تمنياتهم على إدارة لم تبدأ عملها بعد ولم تعلن موقفها بشكل واضح بشأن سوريا.

ويعكس هذا التوقع عجزا تركيا عن محاصرة الأكراد بالرغم من تدخلها العسكري في شمال سوريا. وللتغطية على هذا العجز يطلق المسؤولون الأتراك تصريحات للبحث عن حلول من بوابة التطبيع مع الرئيس السوري بشار الأسد، أو التقارب مع إدارة ترامب القادمة وافتراض أنها ستنسحب من سوريا بمجرد استلامها السلطة.

وكان ترامب قرر خلال ولايته الأولى في 2018 الانسحاب من سوريا، لكن تراجع عن القرار بعد اعتراض وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون). وبعد عام من ذلك (2019) نفّذ الجيش التركي عملية عسكرية مع فصائل سورية معارضة، وتمكن من خلالها من السيطرة على مدينتي رأس العين وتل أبيض ضمن عملية أسماها حينها بـ”نبع السلام”.

وأيا كانت مبررات أنقرة في الرهان على تغيير في الموقف الأميركي، فإن محللين يستبعدون انسحابا أميركيا من شمال سوريا دون ضمانات، لافتين إلى أن هذه الضمانات لا يمكن أن تكون من تركيا لوحدها لأن هناك فاعلين آخرين بينهم موسكو ودمشق، ويحتاج الأمر إلى حوارات مباشرة للتوصل إلى تفاهمات تمهد للانسحاب الأميركي إن كان سيحصل من حيث المبدأ.

وهناك سؤال آخر مهم، وهو هل سينسحب الأميركيون دون ضمانات لصالح حلفائهم الأكراد، ويتركونهم يواجهون مصيرهم في مواجهة أنقرة ودمشق. هذا الخيار مستبعد لأن من شأنه أن يهزّ من صورة الولايات المتحدة لدى شركاء آخرين في المنطقة، بينهم أكراد العراق.

أيضا، هل ستترك واشنطن آبار الغاز والنفط التي هي بحوزة شركائها الأكراد في مرمى نفوذ إيران أو روسيا وتقدم هدية مجانية لخصومها.

وحذّرت الرئيسة المشتركة لـ”مجلس سوريا الديمقراطية” إلهام أحمد من اندلاع صراع في شمال شرقي سوريا إذا انسحبت الولايات المتحدة، مؤكدة أن المنطقة “ستنحدر إلى الفوضى بسرعة،” وأنه “إذا انسحب الأميركيون، فسيكون هناك من يستغل فراغ السلطة، وخاصة تركيا وسيندلع القتال على الفور”.

ولا يتعلق احتمال الانسحاب فقط بالوضع في سوريا حتى تقرر واشنطن الانسحاب ضمن مقاربتها للأمن القومي الأميركي. وصار الوجود الأميركي في سوريا مربوطا بشكل مباشر بالعراق وإيران، والتوتر بين واشنطن والميليشيات الموالية لطهران، وأي انسحاب أميركي من سوريا سيعني انتصارا لخيار “التطفيش” الذي اعتمدته هذه الميليشيات من خلال قصف يومي روتيني على مواقع الأميركيين.

ويعتبر الحديث عن انسحاب واشنطن من سوريا أو العراق في خضم التوترات الإقليمية الحالية أمرا مستبعدا على الأقل إلى حين اتضاح اتجاه التصعيد بين إسرائيل وإيران. وسيبدو الانسحاب في التوقيت الحالي بمثابة هدية لإيران من ترامب، الذي يرفع شعار ممارسة المزيد من الضغوط عليها.

لكن، لماذا يكرر المسؤولون الأتراك رهانهم على الانسحاب الأميركي من شمال شرق سوريا؟ هل حصلوا على تعهدات غير معلنة من ترامب خلال تواصل معه قبل انتخابه، أو خلال اتصال بتهنئته، أم أن الأمر مجرد افتراض.

◄ هل ينسحب الأميركيون دون ضمانات لصالح حلفائهم الأكراد، ويتركونهم يواجهون مصيرهم

وكان أردوغان قال مؤخرا “سأناقش الانسحاب الأميركي من سوريا وأطلب من أميركا خفض الدعم لوحدات حماية الشعب الكردية وأعتقد أن محادثاتي مع ترامب ستمهد لذلك”.

وكشف مسؤول في حزب العدالة والتنمية الحاكم أن أنقرة تتوقع أن تكون إدارة ترامب أكثر مرونة وتفهما لاحتياجاتها الأمنية، ضد الأكراد في سوريا والعراق.

وتوجد إلى اليوم قوات أميركية في المناطق الخاضعة لسيطرة قسد في شمال شرق سوريا، ومن بينها محافظتا الحسكة والرقة. كما تسيطر الولايات المتحدة منذ عام 2016 على قاعدة التنف الموجودة في منطقة نائية عند المثلث الحدودي العراقي – الأردني في محافظة حمص. ووفقا للبنتاغون، يبلغ عدد القوات الأميركية في سوريا حاليا نحو 900 جندي.

وقال أردوغان في تصريحاته إن إدارة ترامب “ستؤثر بشكل كبير على التوازنات السياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط،” موضحا أنه يعوّل على “دبلوماسية الهاتف” مع الرئيس المقبل للولايات المتحدة.

وأعاد الرئيس التركي التأكيد على القضية المتعلقة بنية تركيا إنشاء “حزام أمني” من 30 إلى 40 كيلومترا على طول حدود البلاد مع سوريا والعراق، مضيفا “سنواصل محادثاتنا مع ترامب في الفترة الجديدة، ونناقش كيف سنشكل تطورات الشرق الأوسط حسب التطورات، عبر دبلوماسية الهاتف كما في السابق”.

وكرّر وزير الخارجية التركي، خلال لقائه ممثلي صحف ووسائل إعلام تركيا السبت، نفس المفردات المتفائلة، حيث قال “انطباعي عن ترامب هو أنه قد يستمر (بعد توليه المنصب رسميا) في خطابه الحالي بشأن بعض القضايا، بينما يترك الأمور الحرجة على حالها دون أن يتخذ بخصوصها قرارات جذرية في البداية“.

وأكد الوزير التركي أن “المشكلات الإستراتيجية” بين أنقرة وواشنطن ستستمر طوال مواصلة الولايات المتحدة دعم تنظيم “واي بي جي/ بي كي كي” الإرهابي في سوريا.

وشدد على أن الولايات المتحدة التي تنتهج سياسة خارجية تتركز على العامل الأمني، من المفترض أن تكون الأكثر قدرة على فهم مخاوف تركيا.

وأفاد بأن تركيا كانت وما زالت تؤكد موقفها بهذا الشأن سواء من خلال خطواتها الدبلوماسية أو سياساتها على أرض الواقع.

وأشار إلى اعتزام ترامب خلال ولايته الأولى سحب القوات الأميركية من سوريا، مبينا أنه حاول وجرّب ذلك “إلا أن النظام الأميركي آنذاك لم يسمح بتحقيق هذا الهدف“.

ورأى فيدان أن إدارة ترامب ستبني سياساتها بشأن سوريا خلال المرحلة المقبلة، على نتائج تقييم مدى تأثير ما يحدث في البلد العربي على إسرائيل وأمنها.

وأكد وزير الخارجية التركي أن “الولايات المتحدة تدرك جيدا أنّنا مستعدون لاتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان أمننا في المنطقة، وهي ترى أن تركيا تنتظر منها تغييرا في بعض مواقفها“.

وأردف “إذا كانت تركيا تنفذ عمليات معينة بطرق مختلفة، فإن ذلك يأتي بهدف إتاحة الفرصة لتحقيق توقعاتنا. ومع ذلك، إذا فرضت الظروف الميدانية علينا نوعا آخر من العمليات، فإننا سنتخذ الإجراءات اللازمة دون تردد“.

 

24 نوفمبر 2024

هاشتاغ

التعليقات

الأكثر زيارة