قال القيادي في حركة حماس خليل الحية إن الحركة وافقت على تشكيل لجنة لإدارة شؤون قطاع غزة، على أن تكون محلية بشكل كامل، وهو المقترح الذي سبق أن رفضته حماس في مفاوضات سابقة ضمن حزمة من الشروط لوقف إطلاق النار، ما يثير التساؤل عن سبب رفضه في السابق والقبول به الآن بعد تدمير قطاع غزة وتشريد سكانها.
وتبحث حماس الآن عن وقف إطلاق النار بأي صيغة للحفاظ على ما تبقى من هيكلها التنظيمي، خاصة بعد مقتل رئيس مكتبها السياسي في الداخل يحيى السنوار ورئيس المكتب في الخارج إسماعيل هنية وتفكيك جهازها العسكري، وتجد في مقترح مصر تسليم حكم غزة إلى “إدارة محايدة” فرصة للخروج من الورطة.
لكن طبيعة الإدارة الجديدة، التي تطرحها مصر، ليست معروفة. وهل أنها فعلا إدارة من خارج الفصائل أو هي في الظاهر إدارة محايدة وفي الواقع تخضع للمحاصصة بين حماس وفتح كنتيجة للاجتماعات التي رعتها القاهرة بين الحركتين.
إسرائيل تتعامل مع الإدارة المقترحة من مصر كما لو كانت غير موجودة، وهو ما يفسر الحديث عن إقامة منطقة عازلة
وتقلل أوساط سياسية فلسطينية، مطلعة على المسألة، من شأن فكرة وجود إدارة محايدة، محذرة من أن حماس يمكن أن تدفع بوجوه موالية لها وغير معروفة وتتبع أجهزتها السرية للسيطرة على الهيكل الجديد وتوظيفه في أجندتها، خاصة أن دوره سيكون بالأساس متابعة الشؤون المدنية وتوزيع المساعدات التي تدخل إلى القطاع على السكان الذين يعيشون أوضاعا صعبة.
وقال خليل الحية في مقابلة مع فضائية تابعة لحماس إن “الفكرة المطروحة اليوم هي تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، وهو اقتراح قدمه إخوتنا المصريون، ونحن تعاملنا معه بشكل مسؤول ومتجاوب.”
وأضاف “نحن موافقون على هذا المقترح، ولكن مع شرط أساسي؛ أن تدير هذه اللجنة غزة بشكل محلي كامل، وتشرف على كل الأمور المتعلقة بالحياة اليومية هناك.”
وحذرت المصادر من أن استلام حماس ملف المساعدات سيعني الاستئثار بجزء كبير منها لصالح مقاتليها وأنصارها، ما يجعل من المبادرة المصرية تسجيلا لموقف سياسي أكثر من كونها هيكلا قادرا على إدارة شؤون غزة ولو مرحليا إلى حين انتهاء الحرب.
أما بالنسبة إلى إسرائيل فإنها تتعامل مع الإدارة المقترحة من مصر كما لو كانت غير موجودة، وهو ما يفسر الحديث عن إقامة منطقة عازلة شمال غزة يتم من خلالها توزيع المساعدات عن طريق شركات أمنية أجنبية، وليس عن طريق طرف فلسطيني. كما تخطط إسرائيل للاستمرار في السيطرة العسكرية على القطاع والاحتفاظ بقوات في مناطق على الحدود مع مصر.
وكانت الرئاسة الفلسطينية قد أعربت الأربعاء عن رفض إنشاء منطقة عازلة شمال قطاع غزة لتوزيع المساعدات بواسطة شركة أميركية.
وقال المتحدث باسم الرئاسة نبيل أبوردينة إن “الحديث عما يسمى بإنشاء منطقة عازلة في شمال قطاع غزة وجباليا، لتوزيع المساعدات في قطاع غزة عبر شركة خاصة أميركية وبتمويل أجنبي، خطط مرفوضة وغير مقبولة بتاتا،” وفق ما نقلته وكالة وفا.
وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن “رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، أجريا نقاشا لمدة أربع ساعات بخصوص غزة مع مختصين، تناول خطة لجلب شركة أمن أميركية خاصة إلى غزة،” دون الإشارة إلى هويتها.
وقالت الإذاعة “من المتوقع أن يناقش مجلس الوزراء السياسي والأمني المصغر (الكابينت) هذه الخطة التي يدعمها كل من رئيس الوزراء ووزير الدفاع.”
وعن مناطق وجود هذه الشركة قالت الإذاعة “القرار الواضح في إسرائيل: إذا أزيلت الحواجز وأصبح من الممكن تنفيذ الخطة، فسيتم تنفيذها في منطقة جباليا (بمحافظة شمال غزة) التي يقوم الجيش الإسرائيلي الآن بتطهيرها بالكامل.”
وفي ظل عجز السلطة الفلسطينية عن إدارة غزة ومعارضة إسرائيل كليا أي دور لسلطة الرئيس محمود عباس في القطاع، جرى الحديث عن إيكال المهمة إلى مقاتلين من العشائر في شكل صحوات كتلك التي عرفها العراق بعد غزو 2003، وهي الخطوة التي استفزت حماس ودفعتها إلى التهديد باستهداف الصحوات في حال تم تشكيلها.
وفي مطلع الشهر الجاري استضافت القاهرة اجتماعات بين حركتي فتح وحماس، لبحث إنشاء لجنة لإدارة شؤون قطاع غزة، فضلا عن استمرار جهود التوصل إلى وقف إطلاق نار في القطاع.
ونقلت قناة القاهرة الإخبارية حينذاك عن مصدر مصري تأكيده أن “الاجتماعات شأن فلسطيني خالص، والجهود المصرية هدفها توحيد الصف الفلسطيني والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني.”
وأضاف المصدر أن لجنة الإسناد المجتمعي تتبع السلطة الفلسطينية وتتضمن شخصيات مستقلة، مشيرا إلى أن فتح وحماس لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية.
وشدد على أن لجنة الإسناد تصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وتتحمل مسؤولية إدارة قطاع غزة.
وفيما يتعلق بمفاوضات تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، قال الحية “دون وقف الإبادة الإسرائيلية، لا يوجد تبادل أسرى، فهي معادلة مترابطة، ونحن نقول بكل وضوح: نريد أن يتوقف هذا العدوان، ويجب أن يتوقف أولا لكي يتم أي تبادل للأسرى.” وتابع “نحن جاهزون لإبرام (اتفاق) وقف إطلاق النار، لكن الأهم وجود إرادة حقيقية لدى الاحتلال (الإسرائيلي)”.
وأشار الحية إلى “وجود اتصالات جارية مع الدول والوسطاء (تحديدا مصر وقطر) لتحريك مفاوضات وقف إطلاق النار.”