قال مصدر مطلع اليوم الأربعاء إن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر سيزور السعودية والإمارات الشهر المقبل، وذلك في إطار سعي بريطانيا لتعميق علاقاتها مع دول الخليج الغنية بالنفط.
وأكد مصدر آخر مطلع على خطط سفر ستارمر إلى الإمارات بشكل منفصل الزيارة إلى أبوظبي. وتحدث المصدران شريطة عدم الكشف عن هويتهما لأنه لم يتم الإعلان رسميا عن خطط السفر.
وقالت المصادر إن بريطانيا تأمل في جذب استثمارات من دول الخليج، بما في ذلك مشاريع الطاقة في الإمارات العربية المتحدة.
ومن المتوقع أيضًا أن يناقش ستارمر القضايا الإقليمية، بما في ذلك الصراع في غزة وإسرائيل ولبنان.
وستكون هذه الزيارة هي الأولى التي يقوم بها ستارمر إلى الخليج منذ فوز حزب العمال بالانتخابات العامة البريطانية في يوليو.
وكانت صحيفة فايننشال تايمز أول من أوردت أنباء عن زيارة ستارمر اليوم الأربعاء نقلا عن أشخاص مطلعين على خططه.
وذكرت الصحيفة أيضًا أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد يزور لندن العام المقبل، لكن خطط سفره لم يتم الانتهاء منها بعد.
وتحرص المملكة المتحدة على تأمين الاستثمارات من دول الخليج في قطاعات تتراوح بين الطاقة والبنية التحتية، بما في ذلك مشاريع مثل محطة سايزويل سي للطاقة النووية في شرق إنجلترا.
وتبلغ قيمة العلاقات التجارية بين المملكة المتحدة والدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي 57 مليار جنيه إسترليني، وفقًا لمسؤولين بريطانيين.
لدى المملكة العربية السعودية استثمارات كبيرة في المملكة المتحدة، بما في ذلك مصانع الكيماويات في تيسايد، كما أن صندوق الثروة السيادية في البلاد، صندوق الاستثمارات العامة، هو المساهم الأكبر في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم.
وحثت الرياض بريطانيا واليابان وإيطاليا على السماح لها بأن تصبح شريكا كاملا في مشروع طائرات مقاتلة من الجيل التالي يسمى البرنامج العالمي القتالي الجوي. وكانت الحكومة المحافظة السابقة منفتحة على فكرة العضوية السعودية.
وحضر وزير التجارة البريطاني دوغلاس ألكسندر منتدى الاستثمار للمملكة في الرياض الشهر الماضي في محاولة لتعميق العلاقات التجارية، بينما التقى وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي بنظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان في أبوظبي في سبتمبر.
وقال مسؤولون بريطانيون إن الوزراء البريطانيين يريدون تقديم حكومة حزب العمال إلى الشركاء الخليجيين ويعملون على إصلاح العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة.
وفي عام 2021، تعهدت الإمارات باستثمار 10 مليارات جنيه إسترليني في التكنولوجيا الجديدة والطاقة في المملكة المتحدة، لكن المسؤولين الخليجيين اشتكوا من قلة الاهتمام البريطاني حيث كانت حكومة المحافظين السابقة تمر بأوقات مضطربة.
وتأتي زيارة ستارمر بعد أن تخلت السعودية عن خطط لزيارة الأمير محمد إلى لندن في الخريف الماضي قبيل زيارة الرئيس الروسي فلادمير بوتين إلى الرياض، مما دفع نواب حزب المحافظين إلى طرح تساؤلات حول قوة العلاقات الثنائية.
وسعت حكومة ستارمر إلى إصلاح العلاقات مع الإمارات العربية المتحدة، والتي كانت متوترة بشكل خطير في ظل حكومة المحافظين السابقة، بسبب حملات بريطانية لا مسوغ لها واقعيّا ولا تتماشى مع حجم العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين.
وتجنبت الإمارات الرد على تلك الحملات بعد إحباط المسؤولين الإماراتيين المتزايد من تعليقات سياسيين بريطانيين حول محاولة مرتبطة بأبوظبي لشراء صحيفة التلغراف.
وتعاملت الحكومة البريطانية بالحد الأدنى من الكياسة في موضوع التلغراف وفاقم نواب من المحافظين المشكلةَ باستخدام لغة غير دبلوماسية على الرغم من أن أبوظبي تستثمر في بريطانيا بناء على طلبات ملحة من البريطانيين.
وفي مايو، أجرى أوليفر دودن، نائب رئيس الوزراء المحافظ آنذاك، رحلة دبلوماسية سرية إلى الإمارات لمحاولة بناء الجسور.
وشكلت زيارة دودن أحدث تحرك في جهد منسق لإصلاح العلاقات. وقال مكتب مجلس الوزراء البريطاني إن دودن ناقش "تعميق علاقاتنا الدبلوماسية والاستثمارية وتعزيزها".
ويأتي القلق المتزايد من سلوك المملكة المتحدة بينما ترتفع منزلة الإمارات باعتبارها قوة عربية يتنامى تأثيرها إقليميّا ودوليّا، وتبدو مهمة أكثر بالنسبة إلى البريطانيين الذين يكافحون للحصول على استثمارات من الصناديق السيادية الخليجية.
وسيقوم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بزيارة دولة إلى المملكة المتحدة يومي 3 و4 ديسمبر، حيث سيستضيفه الملك تشارلز والملكة كاميلا في قصر باكنغهام.
واستضاف الملك تشارلز، الأسبوع الماضي، ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة في قلعة وندسور.
وزار وزراء التجارة البريطانيون منطقة الخليج في سبتمبر في مسعى لدفع المفاوضات نحو التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرة مع مجلس التعاون الخليجي الذي يضم البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
وتقدر وزارة الأعمال والتجارة البريطانية أن اتفاق التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي يمكن أن يعزز الاقتصاد البريطاني بمقدار 1.6 مليار جنيه استرليني (2.10 مليار دولار) على المدى الطويل.
ومن المرجح أن تؤدي رحلة ستارمر في الأسابيع المقبلة إلى تعميق انتقادات شخصيات حزب العمال القلقة بشأن الوقت الذي قضاه رئيس الوزراء خارج المملكة المتحدة منذ فوزه في الانتخابات العامة في يوليو.
وهو موجود حاليًا في ريو لحضور قمة مجموعة العشرين، وسافر إلى باكو الأسبوع الماضي لحضور اجتماع للأمم المتحدة بشأن المناخ، وأمضى أيضًا الجزء الأكبر من خمسة أيام بعيدًا عن المملكة المتحدة لحضور اجتماع رؤساء حكومات الكومنولث في ساموا الشهر الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، زار ستارمر الولايات المتحدة ثلاث مرات وزار العديد من الوجهات الأوروبية، بما في ذلك باريس وبرلين وروما وبروكسل ودبلن، خلال الأشهر الأربعة والنصف الماضية منذ أن أصبح رئيسًا للوزراء.