تداولت مواقع التواصل الاجتماعي وثيقة صادرة عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء عن حظر تصنيع وبيع المشروبات الكحولية في نادي العلوية وغيره من النوادي الاجتماعية، وسط حالة من الجدل بشأن الحريات الشخصية ووضع السياحة في البلاد وسخرية من تحول البلاد إلى ولاية الفقيه.
وأشارت وزارة الداخلية في كتاب موجه إلى “نادي العلوية” إلى أن هذا الحظر يشمل جميع النوادي المسجلة وفقا لقانون المنظمات غير الحكومية، مع تحذير باتخاذ إجراءات قانونية في حال المخالفة. ومنذ عام 2020، تنفذ الوزارة حملات لإغلاق النوادي الليلية والملاهي التي تبيع مشروبات كحولية غير مجازة في بغداد.
وتم تعميم الوثيقة على جميع النوادي الاجتماعية، ما أدى إلى انتقادات واسعة بشأن القرار وتبعاته في ظل تفشي المخدرات في البلاد وتحذير من انتشار تجارة غير شرعية تطال جميع أنواع المحظورات ولن يكون أحد مستفيد منها سوى الميليشيات والعصابات المسلحة والضحية الشباب العراقي.
وسخر العديد من الناشطين من تفشي ظاهرة التدين المزيف التي جرت البلاد إلى ويلات وأدت إلى مختلف الانتهاكات ضد المواطنين باسم التدين، وقال ناشط:
rasol_haki8630@
منع الخمور بشكل نهائي في جميع العراق تاريخ 18 /11 شنو السالفه يمعودين كعدنه الصبح لكينه نفسنه قندهار وتابعين لولايه الفقيه.
وعلق ناشط:
alsaidmohsin@
منع المشروبات الكحولية في العراق هو بالون #اختبار_الذلة_والخنوع.
إذا نجح ولم يعترض عليه العراقيون ستكون تجربة طالبان في أفغانستان مجرد مزحة لما سيحدث في العراق.
واعتبر العديد من الناشطين أن منع الكحول سينعش تجارة المخدرات القادمة من إيران، والتي يأتمر مصدرو القانون بأمرها، وجاء في تعليق:
Abdulmajee5015@
تاريخ العراق منذ 1400 سنة لم نر سيطرة وسلطة لرجال الدين بالحكم في العراق
المصيبة أن المرجعيات الشيعية في العراق هي تحت سيطرة الخامنئي والنظام الإيراني
والمصيبة أيضا أن منع الخمور سينعش تجارة المخدرات القادمة من إيران.
وعلق ناشط:
abbassgailan@
فقط في العراق، يمنعون المشروبات الكحولية ويستوردون المخدرات والحشيشة، لكي تستفاد إيران.
ورأى آخرون أن الهدف الأساسي هو التغطية على فشل الحكومة في وضع حد للفساد في البلاد وعدم قدرتها على السيطرة على المتنفذين والموالين لهم:
alkesarmessi@
كل ما تصير قضية #فساد كبيرة الحكومة تتخذ قرارا تثير من خلاله حفيظة الشعب وتغطي على القضية الأساسية.
أخو السوداني الذي هرب إلى تركيا وهرب معه 2 مليار دولار والسوداني راح لتركيا لحل القضية وفشل.
قضية تهريب سبائك ذهب في مطار بغداد الدولي.
أسهم تجارة المخدرات سترتفع في العراق بعد التضييق الصارم على المشروبات الكحولية فالعلاقة عكسية بين المشروبات والمخدرات، كلما ضاق الخناق على واحدة ازدهرت تجارة واقتناء الثانية، ومعلوم أن المخدرات هي من الموارد الاقتصادية لميليشيات القتل التي هي نفسها تدعوا إلى منع المشروبات الكحولية.
ويرى النائب السابق مثال الآلوسي أن “الأحزاب السياسية تسعى إلى تحويل بغداد إلى قندهار”، فضلا عن العمل على تسهيل انتشار “تجارة المخدرات”، معتبرا أن ما يجري “مؤشر خطير على الحريات”.
وقال الآلوسي، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن “قرار حظر بيع المشروبات الكحولية في العاصمة بغداد داخل النوادي الاجتماعية، مستغرب وهذا القرار يؤكد وجود نوايا سياسية من أطراف معروفة باتباعها للمرشد الإيراني بأن تحول بغداد إلى قندهار من خلال هكذا قرارات، تساهم في الوقت نفسه بانتشار آفة المخدرات وتعاطيها داخل المجتمع العراقي.”
واعتبر السياسي أن هكذا قرارات لها تأثيرات كبيرة وخطيرة على قطاع السياحة في العراق، كذلك لها تأثير على سمعة العراق أمام المجتمع الدولي، بعدم احترامه للتنوع الديني والمجتمعي، فلا يمكن فرض هكذا قرارات على جميع الشعب العراقي، بسبب رغبة سياسية إسلامية، فهذا مؤشر خطير على الحرية، ويجب التصدي له وفق الأطر القانونية والدستورية.
وأعلنت السلطات العراقية بدء سريان منع استيراد الكحول، في مارس العام الماضي 2023، تنفيذا لقانون تم التصويت عليه في 2016، ولم ينشر في الجريدة الرسمية إلا في فبراير الماضي.
ويفرض القانون غرامة على المخالفين تتراوح بين 10 ملايين و25 مليون دينار عراقي (أي بين 7 آلاف و19 ألف دولار).
ويحذر محللون من أن تبعات هذا القانون قد تكون “كارثية”، إذ إنه قد يدفع البعض إلى البحث عن المخدرات بدلا من المشروبات الكحولية، رغم أن الإفراط في تناول الأخيرة يفرض مخاطر صحية أيضا.
وفي الرابع عشر من فبراير، أقر مجلس الوزراء العراقي فرض رسوم جمركية تبلغ 200 في المئة على المشروبات الكحولية المستوردة إلى العراق، على أن يطبق لمدة أربع سنوات.
وقدّم النواب الخمسة في الكتلة المسيحية في البرلمان طعنا أمام المحكمة الاتحادية بعدم دستورية هذه المادة وعدم احترامها لحقوق الأقليات، كما أكد النائب دريد جميل.
واعتبر ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي أن الأديان غير المسلمة لا تحرم المشروبات الكحولية ولكن هذه القوانين تفرض عليهم نفس العقوبات.
وأضافوا أنه بينما ينفتح العالم على الأفكار الجديدة والحريات وإعطاء الإنسان حق الاختيار، يقود رجال الدين والأحزاب الإسلامية البلاد للتراجع ويتم فرض إرادة طبقة محددة على الناس.
وأعربت كتلة “الوركاء الديمقراطية” المسيحية عن اعتراضها الشديد على القرار الحكومي بحظر المشروبات الكحولية في النوادي الاجتماعية في العراق. وحذرت الكتلة في الوقت ذاته من انتشار المخدرات بعد هذا القرار من قبل أصحاب “السلاح المنفلت”.
سياسيون يحذرون من تأثير القرارات المماثلة على قطاع السياحة في العراق، وسمعته أمام المجتمع الدولي
وقال رئيس الكتلة النائب السابق جوزيف صليوا إن “موضوع المشروبات الكحولية أصبح ملفا تجاريا بغطاء ديني، والغاية من هذا الأمر كسب الأموال، وفتح الطريق أمام انتشار المخدرات التي تسيطر عليها بعض الأطراف التي تمتلك السلاح خارج إرادة الدولة، وهذه الأطراف تغطي على الموضوع بحجة أن القضية لها علاقة بالجانب الديني”.
وأضاف “الأغلبية الذين يشربون المشروبات الكحولية هم المسلمون، كما أنه ليس هناك إجماع على تحريم المشروبات الكحولية، هناك نواد عريقة في بغداد منذ مئات السنين، تعمل على بيع المشروبات الكحولية، ولم تحظر هذا الأمر، فهل السنوات الماضية كانت حلالا والآن أصبحت حراما؟ بل حتى في زمن العباسيين لم تكن تلك المشروبات محرمة أو ممنوعة في بغداد”.
وبيّن أن “قرار حظر المشروبات الكحولية في النوادي الاجتماعية فيه جنبة سياسية وفيه جنبة مالية، وله تأثيرات اجتماعية خطيرة جدا على المجتمع العراقي، كما سيؤثر على الجانب الاقتصادي، حيث إن هذه المشروبات والنوادي تدخل ملايين الدولارات إلى خزينة الدولة العراقية سنويا”.
وتابع أن “هذا القرار يبرر بغطاء ديني، لكن الحقيقة هو لأغراض مالية من خلال سيطرة أطراف مسلحة على هذه التجارة وفرض إتاوات بحجة منع المشروبات الكحولية، لكنهم يتسامحون بذلك مقابل الأموال”.