عربي ودولي

قطر تلجأ إلى التمويه لمنع الجزم بمن بقي من قادة حماس ومن غادر
قطر تلجأ إلى التمويه لمنع الجزم بمن بقي من قادة حماس ومن غادر
أكدت قطر الثلاثاء أن قياديي حركة حماس المكلفين بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة مع إسرائيل، غير موجودين في الدوحة حاليا، نافية إغلاق مكتب الحركة في العاصمة القطرية. وتثير صيغة النفي القطرية التساؤلات: هل مغادرة قادة حماس المفاوضين مؤقتة أو نهائية؟ لماذا التركيز على المفاوضين دون غيرهم من القادة؟ هل سيظل الباقون في قطر أو سيتم ترحيلهم دون ضجة؟

وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري خلال مؤتمر صحفي في الدوحة إن “قياديي حماس الذين هم ضمن فريق المفاوضات، ليسوا الآن في الدوحة، وكما تعلمون يتنقلون بين عدة عواصم.”

ومن الواضح أن الأنصاري يحاول التمويه بالمفردات حتى لا يقول إن قطر طلبت من قادة حماس المشاركين في المفاوضات الخروج من بلاده بعد فشل الوساطة، وهي خطوة تخفي تحميل قطر لحماس مسؤولية فشل هذه الوساطة بعد رفضها إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والتمسك بشرط وقف الحرب.

وتريد قطر أن تنهي علاقتها بحركة حماس قبل استلام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مهامه، واكتفاء الإدارة الحالية بتسيير الأمور بشكل روتيني إلى حين تسليم المهمة للإدارة القادمة. ويعرف القطريون أن ترامب لا يتّصف بالمرونة التي اتسمت بها إدارة جو بايدن، وأنهم لن يجدوا معه بابا للمناورة واللعب على عنصر الوقت بشأن الموقف من حماس كما كان يحصل في السنوات الأخيرة.

وتعرف الدوحة حجم الصداقة بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما يجعل قطر في مرمى الاتهامات من جديد برعاية حماس ودعمها، ويزيد الضغوط عليها وعلى مصالحها مع الولايات المتحدة، لذلك قررت التخلص من وجود الحركة على أرضها.

ويتضمن كلام المتحدث باسم الخارجية القطرية رسالة مبطنة إلى إسرائيل تفيد بأن بلاده قامت بما يجب فعله، وأخرجت قادة حماس من عندها، وأنتم افعلوا ما تريدون معهم خلال الشهرين المتبقين على استلام ترامب مهامه.

ويشير متابعون لملف حماس وقطر إلى أن المشكلة لن تحل بمطالبة الفريق التفاوضي بالمغادرة والتمويه بشأن مصير المقر، وهل سيبقى مفتوحا شكليا أو سيسمح لقادة آخرين من غير المفاوضين بأن يتحركوا ضمنه ويرعوا نشاط حماس متعدد الوجوه في قطر، وهو نشاط يسبق تاريخ 2012.

كلام الأنصاري يتضمن رسالة مبطنة إلى الإسرائيليين تفيد بأن بلاده عملت ما عليها، وأنتم اعملوا ما بدا لكم

وتستضيف قطر مكتبًا سياسيّا لحركة حماس منذ عام 2012، بمباركة الولايات المتحدة، ولطالما أدت دور الوسيط بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وأوضح الأنصاري أن “مكتب حماس في الدوحة تأسس من أجل عملية الوساطة. ومن الواضح أنه عندما لا تكون هناك عملية وساطة فإن المكتب نفسه لا تكون له أي وظيفة،” مؤكدا أن “مكتب حماس إذا اتُّخذ قرار بأن يغلق بشكل نهائي، فستسمعونه من هذا المنبر أو في تصريح من وزارة الخارجية،” رافضا التعليق على ما إذا كانت قطر قد طلبت من مسؤولي حماس مغادرة أراضيها.

وقال مسؤول في حركة حماس الاثنين “لم يطلب منا أحد المغادرة،” و”أعضاء المكتب السياسي وعدد من القادة من مختلف المستويات في القيادة السياسية في حماس يقومون بزيارات منسقة إلى تركيا بين الحين والآخر.”

وجاءت تصريحات المتحدث باسم الخارجية القطرية بعد مرور يوم على إعلان تركيا رفضها المطلق استقبال حماس بشكل دائم، وهو ما يظهر حجم الورطة التي صارت تعيشها الحركة عقب تخلي حلفائها المباشرين عنها، ما قد يدفع قادة حماس إلى التوجه نحو إيران رغم محاذير هذه الخطوة سياسيا وأمنيا.

لكن إيران نفسها، التي تسعى بكل الطرق لبناء الثقة مع إدارة ترامب ومنع التصعيد العسكري واستمرار سياسة الضغوط القصوى، قد ترى في استضافة قادة حماس عائقا أمام التهدئة مع واشنطن.

وقادت قطر مع الولايات المتحدة ومصر وساطة بين إسرائيل وحماس منذ التوصل إلى هدنة وحيدة في الحرب في غزة خلال نوفمبر 2023، استمرت أسبوعا وأتاحت إطلاق سراح رهائن كانوا محتجزين في القطاع مقابل معتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل.

لكن الدوحة أعلنت في وقت سابق من نوفمبر الحالي أنها علّقت وساطتها إلى حين “توافر الجدّية اللازمة” في المفاوضات.

وقال الأنصاري الثلاثاء إنه “في اللحظة التي تكون فيها هناك جدية (…) لن تتوانى قطر وستكون سباقة ليكون لها دور محوري في الوصول إلى اتفاق.”

وكان مسؤول أميركي قال قبل أيام إن واشنطن أبلغت قطر بأن وجود حماس في الدوحة لم يعد مقبولا بعدما رفضت الحركة أحدث مقترح بخصوص وقف لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن.

وأضاف المسؤول الأميركي “بعد رفض حماس للمقترحات المتكررة للإفراج عن الرهائن، لم يعد من الممكن الترحيب بقادتها في عواصم أيّ شريك للولايات المتحدة. أوضحنا ذلك لقطر في أعقاب رفض حماس قبل أسابيع لمقترح آخر للإفراج عن الرهائن.”

وكشف المسؤول أن قطر قدمت هذا الطلب إلى قادة حماس قبل نحو عشرة أيام. وكانت واشنطن على اتصال بقطر بشأن موعد إغلاق المكتب السياسي للحركة، وأبلغت الدوحة أن الوقت قد حان الآن.

20 نوفمبر 2024

هاشتاغ

التعليقات

الأكثر زيارة