أعادت تونس إحياء مشروع توسع مطار قرطاج الدولي، الأكبر في البلاد، بعد تلكؤ دام لأكثر من ثماني سنوات بسبب البيروقراطية العميقة وسوء إدارة الحكومات المتعاقبة لملف النقل بشكل عام، ما جعل مستواه في تراجع بشكل لافت.
وكشفت الحكومة عن خطة طال انتظارها لتطوير المطار، والذي تظهر المعطيات أنه بلغ طاقته القصوى في استقبال المسافرين، وبات لا يعكس صورة دولة تسعى إلى استعادة ثقة السياح وتحقيق نسب توافد قياسية كانت تحققها قبل الأزمة في 2011.
وقال وزير النقل رشيد العامري أثناء جلسة برلمانية مساء الثلاثاء الماضي إن “خطة الوزارة لعام 2025 تتمثل في تحسين البنية التحتية للمطارات يشمل تأهيل المطارات الداخلية وتوسيع مطار قرطاج بإنجاز محطة جوية جديدة ملاصقة للمحطة الحالية”.
مليون سائح نسبة زيادة عدد المسافرين عبر مطارات تونس الثمانية بنهاية العشرية الحالية
وتبلغ مساحة المحطة الجديدة 80 ألف متر مربع بطاقة تقدر بثمانية ملايين مسافر سنويا، وهو ما سيرفع طاقة المطار إلى 13 مليون مسافر، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء التونسية الرسمية.
ولم يذكر الوزير كلفة التوسعة، لكن بعض المعطيات تشير إلى أنها قد تصل إلى 300 مليون دينار (95.3 مليون دولار).
ورغم أن تونس بنت مطارا في مدينة النفيضة البعيدة عن العاصمة جنوبا بنحو 90 كيلومترا وتم تدشينه في أبريل 2010، والذي يتوقع أن يستقبل قرابة 30 مليون مسافر سنويا بحلول 2040، لكنه لم يخفف الضغط عن مطار قرطاج.
وتتضمن التوسعة، وفق بيان لرئاسة الحكومة بعد مصادقتها على المشروع، تغيير الممر العلوي للمطار وبناء برج مراقبة جديد مع ربط المطار بوسط العاصمة بخط حديدي مع ربط مطاري قرطاج والنفيضة بخط حديدي.
وكان المشروع ضمن أهداف الخطة الخمسية للتنمية والتي انتهت في عام 2020، باعتباره أحد معالم البلد التي يمكن أن تغير وجه تونس إلى الأفضل مستقبلا، لكنه ظل حبيس الأدراج لأسباب غير مفهومة.
ولطالما أكدت أوساط النقل في البلاد أنه لزيادة زخم صناعة السفر، فإنه لا بد من القيام بإصلاحات جذرية كبيرة تتضمن تطوير البنية التحتية وترقية الخدمات وزيادة جودتها وجذب شركات طيران وازنة مثل رايان أير الأيرلندية كما هو الحال في الأردن والمغرب.
وتسهم صناعة السياحة بنحو 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لتونس وتعد من أهم القطاعات لأنها توفر أكبر نسبة من فرص العمل بعد الزراعة، حيث تشير البيانات إلى أن 400 ألف شخص يعملون في القطاع.
وتأمل الحكومة الآن في أن تساعد خطتها الجديدة في تحقيق أهداف اتفاقية السماوات المفتوحة، التي وقعتها تونس قبل سنوات، والمتمثلة في زيادة عدد المسافرين عبر مطاراتها الثمانية ليصل إلى حوالي 20 مليون سائح بنهاية العشرية الحالية.
كما تطمح إلى مواكبة التطورات الدولية في مجال النقل الجوي بشكل سريع، ما يفرض عليها تطويع التقنيات الجديدة في قطاع الطيران مع احتدام المنافسة في السوق.
ورغم كل الجدل حول بطء تنفيذ الإصلاحات، إلا أن وزارة النقل يبدو أنها حريصة على تطبيق مقتضيات اتفاقية الطيران المدني الدولي وبذل كل الجهود لإدراج بنودها في القوانين والتراتيب المحلية، وتنفيذ المبادئ التي تنظم أنشطة الطيران المدني بشكل عام.
وبحسب العامري، يحظى مجال الطيران المدني باهتمام وزارة النقل باعتبارها تعمل على مراجعة الإطار التشريعي من خلال إعداد مجلة الطيران المدني ووضع خطة لإعادة تنظيم القطاع لاستقطاب الاستثمارات.
وتقدر ميزانية وزارة النقل ضمن مشروع ميزانية 2025 نحو 1.07 مليار دينار (340 مليون دولار)، أي بزيادة قدرها 2.4 في المئة عن ميزانية هذا العام، لكن مع ذلك يرى الخبراء أنه مبلغ ضئيل لا يمكنه تحقيق الأهداف في ظل التحديات.
وأنهت مطارات تونس العام الماضي بقفزة كبيرة في حركة السفر هي الأكبر في تاريخ البلد رغم الصعوبات التي لا تزال قائمة نتيجة التكاليف بسبب الحرب في أوكرانيا.
وأعطى ارتفاع عدد المسافرين الذين قدموا إلى البلاد سنة 2023 إلى مستوى غير مسبوق ليتجاوز ثمانية ملايين مسافر جرعة تفاؤل لأوساط القطاع والمسؤولين بانتعاش أكبر على الرحلات الجوية خلال العالم الحالي.
◄ الحكومة تأمل في أن تساعد خطتها الجديدة في تحقيق أهداف اتفاقية السماوات المفتوحة، التي وقعتها تونس قبل سنوات
وأظهرت بيانات ديوان الطّيران المدني والمطارات، المسؤول عن إدارة وتشغيل بوابات النقل الجوية بالبلاد، أن عدد المسافرين نما بواقع 21.9 في المئة بنهاية العام الماضي ليبلغ 8.8 مليون مقارنة بالعام السابق.
وأشار الديوان إلى أن إجمالي المسافرين عبر مطار قرطاج الدولي نما بنحو 19.7 في المئة ليبلغ 6.64 مليون، وهو رقم قياسي، بينما في مطار جربة جنوب البلاد فقد نمت حركة السفر بواقع 28.4 في المئة مع استقبال 1.96 مليون مسافر.
وفي عام 2018 طفت على السطح خطط لإنشاء مطار جديد في ولاية (محافظة) بنزرت شمال البلاد ليكون بديلا عن مطار قرطاج، والذي يصفه الخبراء بأنه لا يعدو أن يكون موقفا لسيارات الأجرة قياسا بما تتمتع به مطارات العالم المتطورة.
وكانت تونس تهدف من المشروع، الذي لم ير النور حتى الآن لأسباب غير معلومة، إلى جذب المزيد من الزوار خاصة وأن مطارات البلاد السبعة دون احتساب مطار قرطاج كانت حينها تتأهب لاستقبال شركات الطيران الأوروبية منخفضة الكلفة.