دفع الانتشار السريع للصواريخ والقذائف الإيرانية في مختلف أنحاء الشرق الأوسط إسرائيل إلى حافة نشر نظام اعتراض بالليزر تم تطويره حديثاً تحت مسمى ” الشعاع الحديدي” ما قد يفتح آفاقاً جديدة في منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلي.
والشعاع الحديدي هو نظام سلاح ليزر عالي الطاقة يعد بنهج جديد لمواجهة التهديدات الجوية الصادرة عن الصواريخ والقذائف والطائرات دون طيار المعادية ويستخدم الطاقة الموجهة وهي شعاع مركّز من الطاقة الكهرومغناطيسية لتدمير التهديد الجوي القادم.
وعلى عكس الطاقة الحركية، فإنه يستخدم الألياف الضوئية لتوليد نبضة ليزر بقوة 100 كيلووات، بمدى فعال يتراوح من 7 إلى 70 كيلومترًا. ويمكن لنبضة الليزر هذه تسخين المقذوف الوارد لمدة 4 إلى 5 ثوانٍ، وإذابته وتحييده في الهواء.
ولكن السؤال المطروح هو ما إذا كان نشر الشعاع الحديدي سيمثل تحولاً محورياً في دفاعها الجوي أم لا. وهل سيكون بمثابة عامل تغيير مثل القبة الحديدية؟
ويقول هارش كومار أوبادهياي ، الباحث في المعهد الهندي للتكنولوجيا في تقرير نشره موقع مودرن بوليسي أنه لا يمكن الإجابة على هذه الأسئلة بشكل قاطع إلا بعد اختبار الشعاع الحديدي في القتال.
المنظومة سوف تعمل على زيادة قدرة الدفاع من خلال خفض التكاليف التشغيلية ومعالجة الثغرات والنقاط الضعيفة
ويضيف أوبادهياي أنه وفي الوقت الحالي، لا يمكن إلا فحص مواصفاته وتقييم نقاط قوته وضعفه المحتملة وقياس مدى فعاليته المحتملة في سيناريوهات ساحة المعركة.
ويرجع سعي إسرائيل للحصول على أشعة الليزر القتالية إلى يوليو 1996، عندما انضمت إلى الولايات المتحدة للشروع في مشروع لتطوير نظام الليزر التكتيكي عالي الطاقة (THEL).
ومع ذلك، أظهر مشروع THEL استعدادًا تشغيليًا منخفضًا، وكانت هناك مشكلات تتعلق بسرعة حركته من مكان إلى آخر. وبعد ذلك تم تعديل المنصة وإعادة تطويرها لتصبح نظامًا مرنًا وقابلًا للحمل يُدعى مجمع MTHEL (الليزر التكتيكي المحمول عالي الطاقة).
ورغم أن MTHEL كان أفضل من نسخته السابقة ونجح في تدمير 28 صاروخ كاتيوشا غير موجه في تجارب الاختبار، إلا أن الجيش الإسرائيلي لم يكن راضيًا عن سهولة استخدامه وتعقيده العالي إلى جانب تكلفته العالية وميزاته المتواضعة للغاية.
وفي نهاية المطاف، انسحبت إسرائيل من مشروع MTHEL في عام 2005 واختارت تطوير Kippat Barzel، المعروف الآن باسم “القبة الحديدية.” وقد فضلت القبة الحديدية على النظام القائم على الليزر لأن الأخير لم يتطور بعد إلى استثمار قابل للتطبيق اقتصاديًا أو موثوق به من الناحية التشغيلية.
ومع ذلك، في عام 2014، بُذلت جهود متجددة لتطوير نظام ليزر قتالي عندما كشفت شركة Rafael Advanced Defense Systems Ltd (وهي شركة إسرائيلية تصمم وتصنع أنظمة دفاع عالية التقنية) عن مشروع جديد لمجمع دفاعي بالليزر يسمى Karen Barzel أو “الشعاع الحديدي.”
يمكن أن يصبح النظام غير فعال بسبب الظروف الجوية القاسية، وخاصة في حالة انخفاض الرؤية أو أثناء الغطاء السحابي الكثيف
وتم تصميم مجمع الليزر Iron Ray كنظام متحرك يتم وضعه على هيكل سيارة. ويتكون مجمع الليزر هذا من حاويتين كبيرتين مثبتتين على شاحنتين.
وتتمثل الميزة الأكثر أهمية لاستخدام نظام الشعاع الحديدي في فعاليته من حيث التكلفة. فحتى الآن، تبلغ تكلفة صاروخ حماس أو حزب الله النموذجي ما بين 300 إلى 800 دولار أميركي. ومن ناحية أخرى، تنفق إسرائيل ما بين 50 ألفاً إلى 10 آلاف دولار أميركي لاعتراض وتدمير هذه الصواريخ القادمة باستخدام القبة الحديدية وغيرها من الصواريخ الاعتراضية.
وبالمقارنة بهذه الأسلحة الدفاعية الجوية التقليدية، فإن تكلفة نظام الشعاع الحديدي سوف تبلغ 3.50 دولار أميركي فقط لكل اعتراض. ويؤكد التفاوت الصارخ في التكلفة على الميزة الاقتصادية الكبيرة التي يتمتع بها نظام الشعاع الحديدي مقارنة بالخيارات الحركية التقليدية.
وبجانب تكلفته المنخفضة نسبياً، يمكن لأشعة الليزر القتالية استهداف وإطلاق المقذوفات القادمة دون إجراء حسابات معقدة للمسار.
وتعتبر أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية متعددة الطبقات التي تستخدم الصواريخ الاعتراضية فعالة ضد المقذوفات بعيدة المدى التي تتبع مسارات يمكن التنبؤ بها. ولكن من الصعب على نظام الدفاع الجوي تعقب المقذوف المعادي القادم إذا تم إطلاقه من مسافة قريبة للغاية. فإذا تم إطلاق صاروخ معاد من موقع قريب، فلن يكون لدى الصاروخ المعترض سوى بضع ثوانٍ للرد. وقد تؤدي هذه الهوامش الضيقة في بعض الأحيان إلى اعتراض غير ناجح. وفي مثل هذه السيناريوهات، يوفر الشعاع الحديدي استجابة حاسمة شبه فورية لتحييد التهديدات الجوية.
الأسلحة الليزرية لها مدى إستراتيجي محدود ولا يمكنها ضرب أهداف بعيدة المدى تصل إلى مئات الكيلومترات
وتتعلق الميزة الأخرى لاستخدام نظام الليزر القتالي بوقت إعادة شحنه. فبطارية الدفاع الجوي، بمجرد استخدامها، تستغرق بضع ساعات لتجديدها وإعادة تحميلها. وخلال هذه الفترة، تصبح المنطقة المحمية بالبطارية بلا دفاع. وعلى النقيض من ذلك، يطلق الليزر النار طوال الوقت. ولا يتطلب إعادة التعبئة، وبالتالي تقليل المطالب اللوجستية وتقليل الضعف.
ومع ذلك، فإن منظومة الشعاع الحديدي لها حدودها أيضًا. ويمكن أن يصبح النظام غير فعال بسبب الظروف الجوية القاسية، وخاصة في حالة انخفاض الرؤية أو أثناء الغطاء السحابي الكثيف.
وتخطط إسرائيل لتركيب النظام على متن طائرة لإلغاء اعتمادها على الطقس وتجاوز الاضطرابات المرتبطة بالطقس. ومن بين العيوب الأخرى ارتفاع تكاليف صيانتها. فعلى الرغم من كونها أرخص من الناحية التشغيلية من أنظمة الدفاع الجوي الأخرى، فإن تكلفة الصيانة نظام باهظة للغاية.
ولا يمكن تحديد تأثير الشعاع الحديدي باعتباره عامل تغيير محتمل إلا بعد اختباره في القتال الفعلي. ومع ذلك، لا شك أنه سيضيف قوة إلى قدرة الدفاع الجوي الإسرائيلي ويساعد في مواجهة التهديدات المتزايدة باستمرار للصواريخ وأسراب الطائرات بدون طيار، فضلاً عن الصواريخ وقذائف الهاون.
وسوف يعمل على زيادة القدرة الإجمالية للدفاع الجوي الإسرائيلي من خلال خفض التكاليف التشغيلية ومعالجة الثغرات والنقاط الضعيفة.
وسوف يزيد الشعاع الحديدي من الدقة لأنه مصمم لضرب الأهداف بدقة. وسوف يتمتع أيضًا ببعض المزايا الطفيفة على أنظمة الدفاع الجوي التقليدية، لأنه لن يتطلب ذخيرة أو إعادة تحميل.
ومع ذلك، فإن الأسلحة الليزرية لها مدى إستراتيجي محدود ولا يمكنها ضرب أهداف بعيدة المدى تصل إلى مئات الكيلومترات.
ولذلك، وعلى الرغم من التكنولوجيا المتطورة والتصميم المستقبلي، فإن الأسلحة الليزرية لم تتطور بعد كبديل لأنظمة الدفاع الجوي التقليدية. وبدلاً من ذلك، فإنها ستكمل وتعزز الفعالية الإجمالية لأنظمة الدفاع الجوي الحالية في الخدمة الفعلية.