عربي ودولي

أرض الصومال تتطلع إلى فتح أبواب الاعتراف بها إثر الانتخابات الرئاسية
أرض الصومال تتطلع إلى فتح أبواب الاعتراف بها إثر الانتخابات الرئاسية
أدلى الناخبون في أرض الصومال بأصواتهم الأربعاء لاختيار رئيس في وقت تحاول فيه المنطقة انتزاع اعتراف دولي، وبرهنة أنها أصبحت خارج دائرة نفوذ مقديشو، حيث تشعر بالتفاؤل بأن إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، ستعيد النظر في اعتراف واشنطن القديم بسيادة مقديشو على المنطقة.

وصوت الناخبون في أرض الصومال الأربعاء لاختيار رئيس حيث يتنافس في السباق الرئيس موسى بيهي عبدي، الذي يتولى السلطة منذ 2017 ومرشح المعارضة الرئيسي عبدالرحمن سيرو. وكان من المقرر إجراء التصويت في 2022، لكن المشرعين اختاروا تمديد ولاية بيهي لعامين.

وقال بيهي للصحافيين بعد الإدلاء بصوته “ندعو الله أن يجعل الانتخابات تجري بطريقة ديمقراطية وسلمية وأن يكون انتقال السلطة سلميا كالعادة”.

وأظهرت لقطات مصورة بثها التلفزيون الرسمي الناخبين وهم يصطفون في طوابير بمختلف المدن في انتظار دورهم للإدلاء بأصواتهم.

وهيمنت قضايا الدفاع عن سيادة ووحدة الإقليم وحل المشاكل الداخلية، واستمرار مسيرة البحث عن الاعتراف الرسمي، على برامج مرشحي الأحزاب السياسية وفي خطابات المنافسة على موقع الرئاسة، منذ اليوم الأول لبدء الحملات الانتخابية بشكل رسمي.

غير أن مصادر محلية، ذكرت أن سكان الإقليم يدركون أن البرامج والمشاريع المطروحة مجرد شعارات انتخابية يتم الترويج لها فقط أثناء الحملة الانتخابية، ولا يتوقعون الكثير ممن سيفوز لأن أصوات الناخبين لا تتعلق بالأداء السياسي للأحزاب بقدر ارتباطها بدوافع عشائرية.

ويختلف المرشحان بشأن قضايا داخلية لكنهما أكدا دعمهما لمذكرة التفاهم مع إثيوبيا. وقال محمد محمود ممثل أرض الصومال في كينيا للصحافيين إن الحكومة ستستكمل الاتفاق بعد الانتخابات بغض النظر عن الفائز.

وأتى الاتفاق بين إثيوبيا وصوماليلاند بعد عودة المحادثات بين الأخيرة والصومال التي توقفت منذ 11 عاما، واجتمعت حكومة جيبوتي، والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، ورئيس أرض الصومال موسى بيهي عبدي، بحسب بيان صادر عن المكتب الرئاسي لأرض الصومال.

وبحسب البيان، فإن الهدف من هذه الزيارة الرسمية هو مواصلة المفاوضات على المستوى الرئاسي بين أرض الصومال والصومال. وقال وزير الإعلام داود عويس إن زيارة الرئيس حسن تهدف إلى “استئناف المحادثات بين الطرفين، في مجموعة واسعة من الموضوعات، منها تخفيف عبء الديون، وإدارة المشروعات الوطنية، وتخصيص الموارد، والأزمات، والتوترات الأخيرة في البحر الأحمر.” وهذا يتزامن مع سعي صوماليلاند إلى الحصول على اعتراف الولايات المتحدة، لأنها تقدم نفسها كثقل مواز للنفوذ الصيني في القرن الأفريقي.

غير أن الصفقة التي أبرمتها حكومة بيهي عبدي مع الدولة الإثيوبية كانت كفيلة بنسف الجهود التي بذلتها جيبوتي لاستئناف المحادثات وأعادت الأمور بين مقديشو وهرجيسا إلى مربع الصفر، وبدأت دورة جديدة من التوترات والاتهامات المتبادلة، بما في ذلك حول إدارة المجال الجوي، في تنصّل من الاتفاقيات السابقة التي تمحورت حول قضايا الأمن، وعدم تسييس المساعدات الدولية وإدارة المجال الجوي.

◄ أرض الصومال تحاول برهنة أنها خارج نفوذ مقديشو التي "تفتقر لعناصر القوة والمقومات اللازمة لفرض السيادة عليها"

ففي السابع عشر والثامن عشر من يناير، منعت هيئة الطيران المدني الصومالية طائرتي شحن كانتا متجهتين إلى هرجيسا، الأولى إثيوبية بحجة أنها كانت تحمل وفدا إثيوبيا رفيع المستوى لإتمام الاتفاق البحري مع أرض الصومال في صيغته النهائية، فيما الثانية تايلندية، بزعم أنّها تحوي شحنة أسلحة إلى المنطقة الانفصالية، لينشأ نزاع جوي هو الأول من نوعه منذ تولّت الحكومة الفيدرالية الصومالية إدارة المجال الجوي للبلاد نهاية عام 2017، وقد أثار هذا النزاع المخاوف من تأثيراته على حركة الملاحة الجوية، ومثل تحديا جديدا لأصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين المعنيين بالحفاظ على الأمن الإقليمي.

ويقول متابعون إن الصومال يسعى إلى تعزيز موقعه الإستراتيجي، بتوسيع الشراكات الدفاعية والاقتصادية مع دول مثل تركيا ومصر، وتدعيم موقفه بشأن قضية صوماليلاند باعتبارها “شأنا داخليا”، وفي المقابل تحاول صوماليلاند برهنة أنها أصبحت خارج دائرة نفوذ مقديشو، وأن الأخيرة تفتقر لعناصر القوة والمقومات الأساسية اللازمة لفرض السيادة عليها، ولذا تعمد باستمرار إلى التقليل من فعالية تحركات حكومة شيخ محمود بهذا الشأن، وتحذير القوى الخارجية من مغبة الاصطفاف مع الصومال ضد “إرادة شعب أرض الصومال”.

وتأمل حكومة هرجيسا في أن تضع اللمسات النهائية قريبا على اتفاق أولي وقعته في يناير مع إثيوبيا الحبيسة ومن شأنه أن يمنح أديس أبابا أراضي ساحلية في مقابل الاعتراف الدبلوماسي. كما تأمل هرجيسا في أن يكون ترامب مؤيدا لقضيتها.

وكانت هناك دعوات متزايدة لواشنطن إلى إنشاء مكتب تمثيلي في أرض الصومال، التي رحبت بوفد من موظفي الكونغرس إلى عاصمتها هرجيسا أواخر 2022.

وعبّر عدد من كبار المسؤولين الأميركيين الذين عملوا على السياسة تجاه أفريقيا خلال ولاية ترامب الأولى عن دعمهم للاعتراف بأرض الصومال.

وقال محمد محمود “نتمنى أن تتحدى الإدارة الجديدة بعض السياسات الأميركية (التقليدية)”. وأضاف أن الانتخابات التي تتنافس فيها أحزاب متعددة، دليل على مؤهلات أرض الصومال من الناحية الديمقراطية.

وذكرت لجنة الانتخابات الوطنية بالإقليم أن الانتخابات الرئاسية والحزبية لهذا العام تتميز بمشاركة واسعة، حيث يشارك فيها مليون و720 ألف ناخب، أي بنسبة تزيد عن 60 في المئة مقارنة بالانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2017، حيث كان عدد الناخبين المسجلين حينها 704 آلاف و980 ناخبا.

وأعلنت أرض الصومال، التي تحتل موقعا إستراتيجيا قرب مدخل البحر الأحمر، استقلالها عن حكومة مقديشو في عام 1991 دون أن تنال اعترافا من أي دولة لتواجه قيودا تتعلق بالحصول على التمويل الدولي وقدرة سكانها البالغ عددهم ستة ملايين نسمة على السفر.

وتتمتع أرض الصومال بالسلام إلى حد كبير منذ حصولها على الحكم الذاتي في عام 1991 وهو الوقت الذي انزلقت فيه الصومال إلى حرب أهلية لم تخرج منها بعد، غير أنها في السنوات السابقة عصفت الخلافات السياسية بالاستقرار السياسي والأمني فيها.

وبالنسبة لمقديشو، ليست أرض الصومال إلا جزءا لا يتجزأ من الجمهورية الصومالية، وعلى هذا الأساس مُنحت القبائل الساكنة فيها تمثيل في مجلسي البرلمان الفيدرالي (الأعيان والشعب)، إضافة إلى مشاركتها بالحكومة ومختلف مؤسسات الدولة.

14 نوفمبر 2024

هاشتاغ

التعليقات

الأكثر زيارة