قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن الروس موجودون في سوريا ويمكنهم أن يساهموا في منع حزب الله من إعادة التسلح، في رد على دعوات إلى مشاركة روسيا في المفاوضات الجارية حاليا لوقف الحرب في لبنان.
وترى أوساط سياسية لبنانية أن حديث ساعر هو رسالة إلى روسيا، ومن ورائها السوريون والإيرانيون، مفادها أن من يرِدْ وقف الحرب في لبنان عليه أولا أن يوقف تهريب السلاح إلى حزب الله قبل مناقشة أي تفاصيل أخرى.
ويأتي حديث ساعر عن شروط التهدئة في وقت بدأت فيه دعوات إلى مشاركة روسيا في المفاوضات حول وقف الحرب في لبنان لوجودها في سوريا ولعلاقتها مع طهران ودمشق.
إيران تريد أن تجعل من الأراضي السورية واجهة لمشاغبة إسرائيل ومنع انتقال الحرب إلى أراضيها، تماما مثل مشاغبات الحوثيين في اليمن وميليشيات الحشد في العراق
ويوجه التصريح إشارة واضحة إلى موسكو مفادها أنها إذا كانت تريد حماية الرئيس السوري بشار الأسد ومنع تحويل الأراضي السورية إلى ساحة للمواجهات فعليها، وعلى الأسد، وقف تهريب السلاح إلى حزب الله، في وقت يقول فيه الإسرائيليون إن حركة تهريب السلاح زادت وتيرتها في الفترة الأخيرة، ما يفسر تكثيف الضربات الإسرائيلية على مواقع مختلفة في سوريا.
ويرسل الأسد عبر القنوات الدبلوماسية إشارات إلى إسرائيل والولايات المتحدة مغزاها أنه يريد أن يظل خارج الصراع في المنطقة بين إيران وأذرعها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، لكنه لا يفعل ما يظهر رغبته في الحياد، حيث تتغاضى دمشق عن نشاط حزب الله الواسع على الأراضي السورية، التي باتت ممرا لتهريب الأسلحة من إيران إلى لبنان.
ويعطي الوجود الإيراني لإسرائيل صورة معاكسة لما يَنْويه الأسد الذي يريد أن ينأى ببلاده عن الحرب ولا يريد استعداء إسرائيل لحساب مصالح إيران أو حزب الله، ويبحث عن كسر البرود الذي وسم العلاقة بين دمشق وواشنطن حتى لا تعارض إعادة تأهيله إقليميا ودوليا، خاصة عقب انتخاب دونالد ترامب لولاية رئاسية جديدة.
ويوفر الضغط الإسرائيلي على إيران واستهداف شبكات حزب الله على الأراضي السورية فرصة مهمة للأسد من أجل التخلص من العبء الإيراني. لكن الأمر يحتاج إلى خطوات واضحة أقلها إطلاق تصريحات تؤكد معارضة دمشق لتهريب الأسلحة أو تخزينها وتنفيذ عمليات ضد إسرائيل انطلاقا من أراضيها.
وتريد إيران أن تجعل من الأراضي السورية واجهة لمشاغبة إسرائيل ومنع انتقال الحرب إلى أراضيها، تماما مثل المشاغبات التي يقوم بها الحوثيون في اليمن وميليشيات الحشد في العراق.
وكرر الجيش الإسرائيلي في الآونة الأخيرة شنّ ضربات جوية هدفها “تقليص محاولات نقل الأسلحة من إيران عبر سوريا إلى حزب الله في لبنان،” متهما الحزب المدعوم من طهران بـ”إنشاء بنية لوجستية لنقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان” عبر المعابر الحدودية، التي خرج اثنان منها من الخدمة جراء غارات إسرائيلية الشهر الماضي.
وأثار قرار روسيا إنشاء نقطة مراقبة قبالة منطقة فض الاشتباك بين الجيشين السوري والإسرائيلي في الجولان جنوبي سوريا تساؤلات حول توقيته والرسائل المبتغاة من ورائه، وهل أنه يحمل رسالة إلى إسرائيل تحضها على ضرورة التوقف عن استهداف الأراضي السورية أم أن التوقيت لا يحمل أي دلالة؟
وقال نائب قائد القوات الروسية العاملة في سوريا الجنرال ألكسندر روديونوف “مع هذه النقطة الجديدة، نكون قد افتتحنا ثماني نقاط مراقبة من أجل إتمام العملية والحفاظ على أمن وسلام الأراضي السورية من أي خروقات.”
وأكد أن الطواقم العسكرية الروسية موجودة في مواقعها المحددة في نقاط المراقبة على طول الخط الأممي الخاص بفض الاشتباك بين الجيشين السوري والإسرائيلي ولا يوجد أي انسحاب منها كما يشاع، مضيفا “نحن مازلنا متواجدين، وننفذ جميع مهامنا على طول ‘خط برافو’.”
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي إن الحرب مع حزب الله لم تنته بعد. وأضاف أن تنفيذ أي اتفاق لوقف إطلاق النار سيكون هو التحدي الرئيسي على الرغم من إحراز “بعض التقدم” في المحادثات.
وأضاف ساعر في مؤتمر صحفي بالقدس أن إسرائيل تعمل مع الولايات المتحدة على وقف إطلاق النار. وأضاف أن إسرائيل ترغب في تراجع حزب الله إلى شمال نهر الليطاني على بعد نحو 30 كيلومترا من الحدود، فضلا عن منعه من معاودة التسلح.
وذكر أن الركيزة الأساسية لأي اتفاق يجب أن تقوم على منع حزب الله من إدخال أسلحة إلى لبنان من سوريا. وقال “إنه أمر حيوي لنجاح أي ترتيب في لبنان.”
وتابع “الروس، كما تعلمون، موجودون في سوريا. وإذا كانوا متفقين على هذا المبدأ، فأعتقد أن بإمكانهم المساهمة بفاعلية في تحقيق هذا الهدف.”
ونشرت روسيا قوات في سوريا منذ ما يقرب من عشر سنوات لدعم الأسد في الحرب الأهلية هناك. كما أرسل حزب الله مقاتلين لمساعدة الأسد واكتسب نفوذا كبيرا على الأرض إلى جانب جماعات أخرى مدعومة من إيران.
ويُنظر إلى سوريا على نطاق واسع باعتبارها ممرا رئيسيا لنقل الأسلحة من إيران إلى حزب الله في لبنان، ودأبت إسرائيل على ضرب أهداف في سوريا خلال الصراع.
وذكرت وسائل إعلام سورية أن غارة جوية إسرائيلية قطعت مؤقتا الطريق السريع الرئيسي بين حمص ودمشق أمس الاثنين. وفي بيروت ربط مسؤول العلاقات الإعلامية لحزب الله محمد عفيف الاتصالات السياسية المكثفة بالتغيير الوشيك في القيادة الأميركية.
وقال عفيف خلال مؤتمر صحفي إن هناك تحركا كبيرا بين واشنطن وموسكو وطهران وعدد من الدول. وعبر عن اعتقاده بأن الاتصالات لا تزال في مرحلة جس النبض وطرح أفكار مبدئية وإجراء مناقشات إيجابية، لكن لا يوجد شيء فعلي حتى الآن.
والأحد ذكرت صحيفة “إسرائيل اليوم” أنه تسنى إحراز تقدم كبير في المفاوضات الدبلوماسية بشأن مقترح لوقف إطلاق النار في لبنان ينص على انسحاب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني ومنع وجوده العسكري بالقرب من الحدود الإسرائيلية، بينما سيعود الجيش الإسرائيلي إلى الحدود الدولية.