عربي ودولي

القمة العربية - الإسلامية فرصة أصحاب الصوت العالي للاستعراض دون التزام
القمة العربية - الإسلامية فرصة أصحاب الصوت العالي للاستعراض دون التزام
تعد القمة العربية – الإسلامية فرصة للدول التي تعرف بصوتها العالي ومواقفها المتشددة وغير الواقعية إزاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي للاستعراض دون أن تكون ملزمة بتنفيذ تلك الاستعراضات.

ويقول محللون إن “المحسوبين على مواقف الصوت العالي من أمثال تركيا والجزائر سيجدون القمة ملجأ لهم واحتماء خلف الموقف السعودي أو الموقف الجماعي للدول.”

وتستند توقعات المحللين على استذكار ما قامت به الجزائر مثلا خلال قمة الرياض العام الماضي حيث تزعمت تحركات تهدف إلى “ردع إسرائيل”. وذكرت تسريبات نشرتها مواقع قطرية بعد القمة أن الجزائر ولبنان اقترحا جملة من الإجراءات، من بينها منع الرحلات الجوية من إسرائيل وإليها باستخدام المجال الجوي للدول العربية، ومنع نقل المعدات الأميركية إلى إسرائيل من قواعد في دول عربية، وقطع العلاقات مع الدولة العبرية وإشهار ورقة النفط.

ومنذ بدء الصراع في أكتوبر العام الماضي لم تقدم الجزائر شيئا واضحا للشعب الفلسطيني، فحتى أخبار الوقفات الاحتجاجية المساندة لغزة على غرار أغلب الدول العربية والإسلامية، اختفت من الصحف ووكالة الأنباء بسبب منع السلطات لها.

المحسوبون على مواقف الصوت العالي مثل تركيا والجزائر سيجدون القمة ملجأ لهم واحتماء خلف الموقف السعودي

وهو الشيء نفسه تقريبا بالنسبة إلى تركيا التي لا يتوقف رئيسها رجب طيب أردوغان عن مهاجمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كل مناسبة، دون تقديم أي شيء ملموس لمساعدة الفلسطينيين، وفي مقابل ذلك ارتفعت عائدات الصادرات التركية مع إسرائيل العام الماضي والضفة الغربية قبل نحو شهر حيث تضاعفت 6 مرات بعد إعلان أنقرة وقف التجارة مع تل أبيب، وهو ما يثير توقعات بأن تكون أنقرة تستخدم الضفة الغربية لإيصال السلع التركية إلى إسرائيل.

واستغل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الاجتماع التمهيدي للقمة الذي عقد الأحد، لترويج مبادرة فرض حظر توريد السلاح على إسرائيل، التي تروج لها تركيا كحل لوقف الحرب، لكن مراقبين يقللون من أهمية الخطوة حتى لو تحققت باعتبار أن إسرائيل تنتج أغلب الأسلحة بالإضافة إلى كونها من أبرز الدول المصدرة للسلاح في العالم.

وقال فيدان إن ما ينقص العالم الإسلامي من أجل القضية الفلسطينية ليس التصميم أو الأرضية الأخلاقية، “بل الإجراءات الملزمة.” وأضاف “هناك إجراءات ملموسة يمكن اتخاذها لوقف إراقة الدماء ومنع الحرب الإقليمية الوشيكة.”

وذكر فيدان أن حفنة من الدول تواصل إرسال الأسلحة والذخيرة إلى إسرائيل حتى تتمكن تل أبيب من مواصلة هذه الحرب. وتابع “كخطوة أولى، يمكننا أن نضغط من أجل فرض حظر الأسلحة على إسرائيل.”

ولفت إلى أن تركيا أطلقت مبادرة في الأمم المتحدة لوقف شحن الأسلحة إلى إسرائيل. وأضاف “تلقينا تأييدا من 52 دولة، بينها دول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. يجب علينا جميعا أن نفعل كل ما يلزم لتحمل المزيد من المسؤولية بشأن هذه القضية. حان الوقت لإظهار وحدتنا.”

وأشار إلى أن هناك وسائل أخرى مثل وقف التجارة مع إسرائيل والانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية. وبدأ الأحد قادة الدول العربية والإسلامية يصلون إلى السعودية استعدادا لقمّة تعقد الإثنين لمناقشة الحرب في غزة ولبنان والمستجدات في المنطقة.

وفي أواخر أكتوبر الماضي أعلنت وزارة الخارجية السعودية عن القمّة خلال الاجتماع الأوّل لتحالف دولي أنشئ بغرض الدفع قدما بحلّ الدولتين لإنهاء النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. وتعقد القمة بهدف “بحث استمرار العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية ولبنان وتطورات الأوضاع في المنطقة”، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء السعودية الأحد.

وتأتي “امتدادا للقمة العربية – الإسلامية المشتركة التي عقدت في الرياض في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023” بمبادرة من الجامعة العربية (القاهرة) ومنظمة التعاون الإسلامي (جدّة). وبثّت قناة “الإخبارية” السعودية مشاهد من وصول الرئيس النيجيري بولا تينوبو ورئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي.

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عمرو الشوبكي إن انعقاد أي قمة تجمع بين الدول العربية والإسلامية يعد مفيدا ويشير إلى أن مساعي تشكيل تكتل عربي وإسلامي واسع بات قابلاً للتحقق بحثَا عن تحقيق السلام المفقود في المنطقة، وأن قرارات القمة من المتوقع أن تدعم إنهاء الحرب الدائرة في قطاع غزة وعلى الأراضي اللبنانية، كما أن قراراتها في الدورة الأولى كانت في مجملها جيدة، لكنها افتقدت الآليات المناسبة لمتابعة ما جرى التوافق عليه.

الجزائر لم تقدم شيئا واضحا للشعب الفلسطيني، فحتى أخبار الوقفات الاحتجاجية المساندة لغزة على غرار أغلب الدول العربية والإسلامية، اختفت من الصحف ووكالة الأنباء

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن نجاح القمة العربية الإسلامية في تحقيق أهدافها يتطلب تجاوز سلبيات جامعة الدول العربية والذهاب باتجاه الضغط لتنفيذ ما يتم التوصل إليه، وأن القمة الثانية يمكن أن تتحرك بشكل أكثر إيجابية مع اقتناع المجتمع الدولي كله بضرورة التوصل إلى اتفاق سلام على أساس حل الدولتين بما في ذلك الولايات المتحدة، وأن الاعتراض الوحيد يأتي من إسرائيل التي ترفض التوصل إلى أي تسوية سلمية وترفض كذلك التعامل مع جميع ممثلي الدولة الفلسطينية بما فيهم السلطة الحالية.

وأشار إلى أن مواقف قطر وتركيا تبدو أكثر تشددا من باقي الدول العربية والإسلامية لكنها تدخل في إطار الخط العام لمسألة حل الدولتين خلافَا للموقف الإيراني الذي ينادي بدولة فلسطينية واحدة، وأن مواقف أنقرة والدوحة تهدف بالأساس للتوصل إلى تسوية سلمية وهو ما يجعل هناك فرصة للحد من المواقف المتشددة.

وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس جهاد الحرازين أن الشعب الفلسطيني ينتظر القمة العربية الإسلامية للنظر في الأوضاع الحالية بخاصة مع اشتعال الجبهة اللبنانية، وأن التعويل يبقى على تسويق المواقف العربية والإسلامية دوليّا والدفع نحو تحقيقها من خلال اللجنة الوزارية التي انبثقت عنها، وأن المتغيرات الجديدة بعد انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب تتطلب الوصول إلى موقف عربي أكثر قوة تجاه قضيتي غزة ولبنان.

وشدد على أن الرغبة العربية في وقف جرائم الإبادة بحق الفلسطينيين ومساعي الدول العربية نحو إحياء مطالب حل الدولتين والدفع باتجاه محاسبة إسرائيل على جرائمها يجعل هناك توقعات بإمكانية التوافق العربي الإسلامي هذه المرة، والتأكيد على أنه لن تكون هناك مواقف مجانية تجاه السلام مع إسرائيل، وأن البداية يجب أن تكون عبر الالتزام بالاتفاقيات الدولية والبحث عن صيغة جديدة للسلام في المنطقة، وذلك سيكون بحاجة إلى حراك سياسي ودبلوماسي موسع خلال الفترة المقبلة.

11 نوفمبر 2024

هاشتاغ

التعليقات

الأكثر زيارة