وجهت إيران السبت رسائل إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب من أجل بناء الثقة وتجنب سياسة “الضغوط القصوى” التي كان اتبعها في السابق، في خطوة تظهر تسليم إيران بأن هامش المناورة محدودة في المرحلة القادمة، وأن أمامها خيارين إما التراجع عن التصعيد أو التهيؤ لمواجهة غير محسوبة العواقب.
ونفى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في منشور على منصة إكس السبت اتهامات الولايات المتحدة بوجود صلة بين طهران ومؤامرة مزعومة لقتل ترامب، ودعا إلى بناء الثقة بين البلدين. كما لفت إلى أن “إيران لا تسعى إلى امتلاك أسلحة نووية”، وهي تصريحات الهدف منها تهدئة الخطاب لإظهار رغبة طهران في فتح قنوات التواصل.
وحض نائب الرئيس الإيراني للشؤون الإستراتيجية محمد جواد ظريف، من جانبه، ترامب على “تغيير” سياسة “الضغوط القصوى” التي اتبعها مع الجمهورية الإسلامية خلال ولايته الأولى.
وقال ظريف للصحفيين “يجب على ترامب أن يظهر أنه لا يتبع سياسات الماضي الخاطئة”.
واعتبرت الخارجية الإيرانية السبت أن الاتهامات لإيران بالوقوف وراء مخطط يستهدف ترامب “لا أساس لها إطلاقا”.
وقطعت طهران وواشنطن العلاقات الدبلوماسية بينهما بعد وقت قصير من قيام الثورة الإسلامية عام 1979.
وخلال ولايته الأولى التي بدأت عام 2017، سعى ترامب إلى تطبيق إستراتيجية “الضغوط القصوى” من خلال فرض عقوبات على إيران، ما أدى إلى ارتفاع التوتر بين الطرفين إلى مستويات جديدة.
وقام في مايو 2018 بسحب بلاده من جانب واحد من الاتفاق النووي الذي أبرمته إيران مع القوى الكبرى في 2015، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية قاسية على طهران، خصوصا على القطاعين النفطي والمالي.
وردت إيران بالتراجع عن التزاماتها بموجب الاتفاق، ومنذ ذلك الحين قامت بتخصيب اليورانيوم حتى 60 في الئمة، أي أقل بنسبة 30 في المئة فقط من الدرجة النووية.
ونفت طهران مرارا الاتهامات الغربية بأنها تسعى إلى تطوير سلاح نووي.
ورأى ظريف السبت أن نهج ترامب السياسي الذي اتبعه تجاه إيران أدى إلى زيادة مستويات التخصيب.
وأوضح “لا بد من أنه (ترامب) أدرك أن سياسة الضغوط القصوى التي بدأها تسببت في وصول تخصيب إيران إلى 60 في المئة من 3.5 في المئة”.
وأضاف ظريف “كرجل حسابات، عليه أن يقوم بالحسابات ويرى ما هي مزايا وعيوب هذه السياسة وما إذا كان يريد الاستمرار في هذه السياسة الضارة أو تغييرها”.
وأعلنت السلطات القضائية الأميركية الجمعة توجيه اتهامات إلى “عميل للنظام الإيراني” في إطار مخطط إيراني مفترض لاغتيال ترامب وصحافية إيرانية – أميركية معارضة بارزة.
ويشتبه بأن قوات الحرس الثوري الإيراني تقف وراء مخطط الاغتيال، وذلك انتقاما لمقتل اللواء قاسم سليماني في 2020 في العراق في غارة شنتها طائرة دون طيار أميركية بأمر من ترامب خلال ولايته الأولى، وفقا لوزارة العدل الأميركية.
وأضافت الوزارة في بيان أن الحرس الثوري “كلف” فرهاد شاكري (51 عاما)، وهو مواطن أفغاني يعتقد بأنه في إيران، تقديم خطة لقتل ترامب.
وقال وزير العدل ميريك غارلاند في بيان “قليلة هي الجهات في العالم التي تشكل تهديدا خطيرا كهذا على الأمن القومي للولايات المتحدة مثل إيران”.
وأضاف “هذا العميل للنظام الإيراني كلّفه النظام بأن يقود شبكة من المتواطئين الإجراميين، لتنفيذ خطط إيران لاغتيال أهدافها، بمن فيهم الرئيس المنتخب دونالد ترامب”.
ووُجّهت اتهامات منفصلة لشاكري وشخصين آخرين هما الأميركيان من نيويورك كارلايل ريفيرا (49 عاما) وجوناثان لودهولت (36 عاما) بالتخطيط لقتل معارضة أميركية من أصل إيراني في نيويورك.
وتعرض ترامب الذي هزم نائبة الرئيس كامالا هاريس في الانتخابات الرئاسية الثلاثاء، لمحاولتي اغتيال أخريين هذا العام أصيب في إحداهما في أذنه عندما أطلق مهاجم النار عليه أثناء تجمّع انتخابي.
وكان ترامب قد اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر 2017، وفي العام التالي قام بنقل السفارة الأميركية إلى هناك.
واعترف ترامب أيضا بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي احتلتها الدولة العبرية من سوريا عام 1967 وضمتها لاحقا.
كذلك، أصدر ترامب خلال ولايته أمرا باغتيال اللواء قاسم سليماني، القائد السابق لفيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني ومهندس إستراتيجية النفوذ الإقليمي لطهران، بضربة جوية قرب مطار بغداد في يناير 2020.
والخميس، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن فوز ترامب يمثل “فرصة لمراجعة وإعادة النظر في المقاربات الخاطئة السابقة” لواشنطن.
وكان ترامب أكد الثلاثاء أنه “لا يسعى إلى إلحاق الضرر بإيران”.
وقال بعد الإدلاء بصوته “شروطي سهلة للغاية. لا يمكنهم امتلاك سلاح نووي. أود منهم أن يكونوا دولة ناجحة للغاية”.
وتصر إيران على أنها تستخدم التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية.