أظهر تقرير للأمم المتحدة الخميس أن حجم التمويل المقدم للدول النامية لمساعدتها على التكيف مع آثار تغير المناخ أقل بكثير من 359 مليار دولار سنويا المطلوبة حتى بعد أكبر زيادة سنوية حتى الآن.
وذكر تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة السنوي أن التمويل من الاقتصادات المتقدمة بلغ نحو 28 مليار دولار في عام 2022 بعد زيادة قدرها 6 مليارات دولار، وهو الأكبر في أيّ عام منذ اتفاق باريس في عام 2015 لمحاولة الحد من آثار الاحتباس الحراري العالمي.
وتستعد البلدان للاجتماع في أذربيجان في مؤتمر الأطراف كوب 29 من الحادي عشر إلى الثاني والعشرين من نوفمبر الجاري للجولة التالية من محادثات المناخ في عام يتسم بالطقس المتطرف، الذي تفاقم بسبب تغير المناخ، بما في ذلك الفيضانات في بنغلاديش والجفاف في البرازيل.
ومن المتوقع أن يكون مقدار الأموال التي توافق البلدان الغنية على إرسالها إلى البلدان النامية لمساعدتها على التكيف محور المحادثات في باكو.
وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن إن “تغير المناخ يدمر بالفعل المجتمعات في جميع أنحاء العالم، وخاصة الأكثر فقرا وضعفا”.
وأوضحت في بيان أن العواصف الهائجة تدمر المنازل، وتدمر الحرائق الغابات، ويؤدي تدهور الأراضي والجفاف إلى تدهور المناظر الطبيعية.
وأكدت أنه “دون اتخاذ إجراء، فإن هذا مجرد معاينة لما يحمله لنا المستقبل ولماذا لا يوجد ببساطة أيّ عذر للعالم لعدم التعامل بجدية مع التكيف الآن”.
ويغطي تمويل التكيف أنشطة بما في ذلك بناء دفاعات ضد الفيضانات وضد ارتفاع مستويات سطح البحر، وزراعة الأشجار في المناطق الحضرية للحماية من الحرارة الشديدة وضمان قدرة البنية الأساسية على تحمل الأعاصير.
وبالإضافة إلى التمويل، تحتاج الدول إلى إرشادات حول كيفية استخدامه. وفي حين أن 171 دولة لديها سياسة أو إستراتيجية أو خطة قائمة، فإن الجودة تتفاوت، وعدد صغير من الدول الهشة أو المتضررة من الصراعات ليس لديه خطط، وفق التقرير.
وفي تقرير منفصل للأمم المتحدة الشهر الماضي، قال إن “العالم في طريقه لتجاوز هدفه المتمثل في الحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية فوق متوسط ما قبل الصناعة بحلول 2050، ويتجه إلى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 2.6 و3.1 درجة مئوية”.
وتتزايد التحذيرات من كون تقاعس القطاع المصرفي في الاقتصادات الناشئة والنامية عن تمويل خطط مكافحة التغير المناخي سيعرقل إستراتيجية الحكومات نحو تحقيق أهدافها للحياد الكربوني.
وأكد البنك الدولي في تقرير نشره في سبتمبر الماضي أن الإقراض المخصص لأغراض الاستثمارات المرتبطة بالمناخ في نحو 60 في المئة من البنوك في هذه الاقتصادات يمثل أقل من 5 في المئة من إجمالي محافظها الاستثمارية. وأشار في تقرير “التمويل والرخاء 2024” إلى أن أكثر من ربع البنوك لا يقدم أيّ تمويل للأنشطة المناخية على الإطلاق.
ويُعد هذا الأمر في غاية الأهمية نظراً إلى أن البنوك في الاقتصادات النامية تهيمن على القطاع المالي، على عكس الاقتصادات المتقدمة، حيث يكون القطاع المالي أكثر تنوعاً.
◙ 359 مليار دولار قيمة الأموال السنوية التي تحتاجها الدول الضعيفة لمجاراة الاحتباس الحراري
وثمة قناعة بأن يكون لتغير المناخ تأثير كبير على الفرص الاقتصادية ونواتج التنمية في هذه الدول، ما يتطلب استثمارات أكبر بكثير مما تحصل عليه حاليا. وفي ضوء ذلك، فإنه يمكن لبنوك الدول النامية أن تضطلع بدور أكبر في سد فجوة تمويل الأنشطة المناخية.
وقال أكسيل فان تروتسنبرغ المدير المنتدب الأول لشؤون سياسات التنمية والشراكات بالبنك الدولي حينها إن هذه الاقتصادات “تواجه فجوات تمويلية كبيرة في الاستثمارات المخصصة للحد من الانبعاثات الكربونية وبناء القدرة على الصمود في وجه تغير المناخ”.
وأضاف “هناك ضرورة لتكثيف العمل المناخي وجذب الاستثمارات الخاصة، وهذا الأمر يتطلب عملاً جماعياً، ولا غنى عن القطاع المصرفي في هذه العملية الانتقالية”. وأكد تروتسنبرغ أن القطاع الخاص يمكن أن يؤدي دوراً محورياً في تمويل مسار التنمية الخضراء والمستدامة ومنخفضة الكربون.
وتقوم السلطات المصرفية في مناطق أخرى من العالم باختبار أساليب جديدة لدعم تمويل الأنشطة المناخية، دون المساس بالأهداف المهمة التي تتمثل في تحقيق استقرار القطاع المالي والشمول المالي للفئات المحرومة من الناس. وبين عامي 2012 و2023، ارتفع حجم قروض البنوك التي تقدمها كديون حكومية بنسبة تتجاوز 35 في المئة.