أعلن الزعيم الكردي رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني أن الوقت قد حان للتفاوض على تشكيل الحكومة الجديدة في إقليم كردستان العراق بعد انتهاء الانتخابات التشريعية التي وصفها بالتاريخية.
وقال برزاني في كلمة له خلال مراسم انطلاق فعاليات مؤتمر ميزوبوتاميا الطبي في مدينة أربيل عاصمة الإقليم "اختلفت مواقف بعض الأطراف قبل وبعد الانتخابات. الآن انتهت الانتخابات والنتائج أُعلنت، وحان وقت الحوار بين كافة الأطراف.
وأضاف "المقياس هو الاستحقاق الانتخابي، ولكن ما يهم أكثر هو تشكيل الحكومة المقبلة في إقليم كردستان بناءً على المبادئ التالية: إقليم واحد، برلمان واحد، حكومة واحدة، وقوة بيشمركة موحدة".
وأشاد الزعيم الكردي المخضرم بنجاح الانتخابات ووصفها بالتاريخية، كما عبر عن "فخره بإجراء هذه الانتخابات في أجواء هادئة ودون حدوث أي مشاكل تذكر، على الرغم من توقعات البعض بظهور العديد من المشاكل التي قد تعيق العملية الانتخابية".
ومع دخول مرحلة تشكيل الحكومة في الاقليم ذروتها، وفي خضم السباق السياسي نحو استحصال المناصب، ذكرت وسائل إعلام عراقية أن الاتحاد الوطني يسعى إلى عدم تجربة التحالف مع غريمه الحزب الديمقراطي الكردستاني رغم دعوة الأخير جميع القوى السياسية دون إقصاء أي طرف منها إلى الحوار لتشكيل الحكومة المقبلة.
فقد كشف موقع "بغداد اليوم" عن بدء تحرك الاتحاد الوطني الكردستاني للتواصل مع جميع القوى السياسية الفائزة في الانتخابات باستثناء الحزب الديمقراطي الكردستاني، وذلك اعتبارا من الأسبوع المقبل.
ونقل الموقع عن مصدر وصفه بالمطلع –دون أن يسمه- قوله إن "وفدا من الاتحاد الوطني الكردستاني سيبدأ بزيارة جميع الأحزاب الفائزة في الانتخابات بعد إعلان النتائج النهائية، باستثناء الحزب الديمقراطي الكردستاني".
وأضاف أن "الاتحاد الوطني يهدف من خلال هذه الزيارات إلى معرفة آراء الكتل الفائزة وإصلاح العلاقات معها، كما ستشمل الزيارات أيضا حراك الجيل الجديد، على أن يبدأ الاتحاد بعدها بمفاوضات تشكيل حكومة إقليم كردستان مع الحزب الديمقراطي".
وذكرت وسائل إعلام عراقية أن الاتحاد الوطني يطالب بمنصب رئاسة إقليم كردستان، ورشح لهذا المنصب قوباد طالباني، فيما يطالب حراك الجيل الجديد بمنصب رئاسة برلمان الإقليم، وهو المنصب الذي كان من حصة الاتحاد الوطني.
ونقل موقع "بغداد اليوم" عن مصدر سياسي –لم يسمه- قوله إن "الجيل الجديد الذي حل بالمرتبة الثالثة، بات يطالب بمنصب رئاسة برلمان إقليم كردستان مقابل عدم المشاركة في الحكومة المقبلة".
وأضاف أن "مطالبة الجيل الجديد بمنصب رئاسة البرلمان سيحرج الحزب الديمقراطي كونه سيضطر لمنح منصب سيادي للاتحاد الوطني باعتباره الكتلة الثانية الفائزة في الانتخابات".
وأوضح، أن "بهذه المعادلة، لم يتبق سوى منصبي رئاسة الإقليم والحكومة، والتي يشغلها الحزب الديمقراطي الكردستاني سوية".
وأعلنت مفوضية الانتخابات العراقية النتائج النهائية لانتخابات برلمان كردستان التي جرت في العشرين من الشهر الجاري.
وبحسب النتائج المعلنة، قد احتل الحزب الديمقراطي المرتبة الأولى بحصوله على 39 مقعدا، يليه الاتحاد الوطني حيث حصل على 23 مقعدا، والجيل الجديد على 15 مقعدا، والاتحاد الإسلامي على 7 مقاعد، وتيار الموقف الوطني على 4 مقاعد، وجماعة العدل الكردستانية على 3 مقاعد، وجبهة الشعب على مقعدين، وتحالف إقليم كردستان على مقعد واحد، والتغيير على مقعد واحد.
وهذه النتائج، لم تمكن أي حزب من الحصول على الأغلبية داخل برلمان كردستان والبالغة 51 مقعدا، والتي يتمكن من خلالها من تشكيل الحكومة وتسمية الرئاسات داخل الإقليم.
وما تزال القضية القانونية لانتخاب رئيس الإقليم محل جدل، فبين من يرى أن النصف زائد واحد، وهي الأغلبية النسبية كافية لانتخابه داخل قبة برلمان الإقليم، ترى جهات أخرى أنه يشترط الثلثين انتخاب رئيس الجمهورية في البرلمان الاتحادي.
وتأجلت الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان أربع مرات منذ قرابة عامين بسبب الخلافات السياسية إذ كان من المزمع إجراؤها في العام 2022.
ويرى مراقبون أن موضوع رئاسة الإقليم محسوم لصالح الحزب الديمقراطي، لأن الاتحاد الوطني يمتلك منصب رئاسة الجمهورية، وهي حصة الكرد التي استحوذ عليها، رغم أن الحزب الديمقراطي صاحب أعلى عدد مقاعد داخل المكون الكردي، مشيرين إلى أن الاتحاد إذا شارك في الحكومة فسيحصل على استحقاقه فقط، ولن يُقبل أن يأخذ أكثر من هذا الاستحقاق إطلاقا.
والحزبان الكرديان الحاكمان، يتقاسمان النفوذ في مدن الإقليم، فالديمقراطي يسيطر على محافظتي أربيل ودهوك، فيما يسيطر الاتحاد الوطني على محافظتي السليمانية وحلبجة، كما أن الحزبين يتقاسمان النفوذ في أغلب المناصب الأمنية والاقتصادية، حيث يمتلك الحزب الديمقراطي جهاز آسايش وقوات بيشمركة خاصة به، ومثله الاتحاد الوطني.
ويشار إلى أن الاتحاد الوطني، المدعوم من الإطار التنسيقي "الشيعي"، حصل على مناصب مهمة في كركوك ونينوى، بينها منصب محافظ كركوك، فيما يتمتع الحزب الديمقراطي، بالكثير من النفوذ في المناطق المتنازع عليها خارج الإقليم.
ويذكر أن الحزب الديمقراطي، يعتبر القوة الأكبر داخل الإقليم الكردي، وهو الذي يتصدر المشهد الانتخابي باستمرار، وحصل في آخر انتخابات لبرلمان الإقليم، أجريت في سبتمبر عام 2018، على 45 مقعدا، فيما لم يحصل الاتحاد الوطني على نصف عدد مقاعد البارتي، واكتفى بـ21 مقعدا.