تلاشت غيمة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” منذ سنوات لكن أمطارها ما زالت توحل بقاعا متفرقة بالمنطقة العربية من حين إلى آخر، وهو ما تتعقب آثاره المخرجة التونسية مريم جعبر من خلال فيلمها الجديد “ماء العين” المشارك ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الجونة السينمائي.
الفيلم بطولة صالحة نصراوي ومحمد حسين قريع ومالك مشرقي وآدم بيسا وديا ليان، وهو العمل الروائي الطويل الأول لمخرجته ويعد امتدادا لفيلمها القصير “إخوان” الذي رُشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم روائي قصير عام 2020 والذي روت فيه المخرجة حكاية محمد، راعي أغنام يعيش في ريف تونس مع زوجته وولديه، يشعر بصدمة كبيرة عندما يعود ابنه الأكبر مالك إلى المنزل بعد رحلة طويلة إلى سوريا مصطحبا معه زوجة غامضة.
الفيلم سبق وشارك في الدورة الـ74 لمهرجان برلين السينمائي بألمانيا في شهر فبراير هذا العام
يستكشفُ الفيلم التوترات داخل الأسرة التونسية حيث تنشأ مقارنات بين الشاب وأخيه، فيما يتسبب ارتداء الزوجة السورية النقاب في مشاكل جمّة مع الأب الذي يشتبه في أن ابنه العائد من سوريا كان يعمل لصالح تنظيم الدولة الإسلامية.
لا يبتعد فيلم “ماء العين” عن هذه الثيمة كثيرا، حيث يتناول قصة عائشة التي تعيش مع زوجها وابنها الأصغر في قرية نائية بشمال تونس وتأمل في عودة ابنيها أمين ومهدي، اللذين انضما إلى تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا رغم محاولات الزوج تخليصها من عذاب الانتظار وإفهامها أنه حتى إذا عادا فلن يكونا كما عرفتهما.
تحدث المفاجأة بعودة مهدي دون أخيه لكنه عاد ومعه زوجة حامل تضع النقاب وترفض أن يراها أحد من العائلة، فتعمل عائشة بكل جهدها على إخفائهما بعيدا عن عيون السلطات لتأكدها أن السجن بانتظار ابنها حال ذيوع نبأ عودته.
وحال مهدي متغير كما توقع الأب تماما فهو مثقل بأهوال رآها وفعلها في مغامرته غير المحسوبة، لكن ليس هذا فقط ما يقلق الأم فهي تريد معرفة مصير ابنها الآخر أمين كما تريد معرفة أي شيء عن زوجة ابنها التي لا تخالط أحدا ولا تنزع عنها النقاب نهائيا.
العمل السينمائي للكاتبة والمخرجة التونسية مريم جعبر يستكشفُ التوترات داخل الأسرة التونسية
وبينما يخيم القلق والترقب على منزل عائشة تدب في القرية حالة ذعر بعد توالي بلاغات بتغيب بعض الرجال عن منازلهم وعائلاتهم مع فشل الشرطة في معرفة مصيرهم أو فهم سبب اختفائهم أو العثور على رابط بين هذه الحوادث.
وبمرور الوقت يعترف مهدي لأمه بما آل إليه مصير أخيه أمين كما يسرد لها حكاية زوجته وحملها لتتضح العلاقة بينها وبين اللعنة التي حلت على القرية.
وقبل عرض الفيلم بالدورة السابعة لمهرجان الجونة السينمائي قالت المنتجة المشاركة سارة بن حسن إن هذا هو العرض الأول للجمهور بالمنطقة، معربة عن سعادتها بوصوله أخيرا إلى المشاهد العربي في ظل عدم توفر فرص كبيرة لعرضه بقاعات السينما.
وسبق للفيلم المشاركة في الدورة الـ74 لمهرجان برلين السينمائي بألمانيا في شهر فبراير هذا العام.
ومريم جعبر، كاتبة ومخرجة تونسيّة مقيمة في كندا. عُرضت أفلامها القصيرة “آلهة وأعشاب وثورات” عام 2012، و”ولد في الدوامة” عام 2017، في تونس وفي مهرجانات دولية. شاركت في مختبر صندانس لكتاب السيناريو، ومختبر “تالنت لاب” في مهرجان برلين السينمائي الدولي، ومُختبر مهرجان برلين للمواهب، ومُختبر “راوي” لكتاب السيناريو، وبرنامج محترف الشرق الأوسط للأفلام.