يحكي فيلم “البطل” للمخرج المغربي عمر لطفي قصة شاب طموح يعمل رفقة والدته في مقهى متنقل، ولكنه يحمل طموحا كبيرا بأن يصبح نجما سينمائيا. يبدو أن حلم هذا الشاب قريب من التحقيق، إلى أن تتطور الأحداث لتأخذ منحى آخر لم يكن في الحسبان، وينقلب الحلم إلى كابوس حيث يجد الشاب نفسه متورطا مع عصابة خطيرة.
الفيلم بطولة كل من عزيز داداس، رفيق بوبكر، ماجدولين الإدريسي، فرح الفاسي وفهد بنشمسي.
تستند الفكرة الكوميدية التي يدور حولها السيناريو إلى تقنية الإيحاء بتصوير فيلم داخل فيلم، وهو أسلوب معروف استخدم في العديد من الأفلام العالمية، مثل الفيلم الهندي “روي” للمخرج فيكرام جيت والفيلم الأميركي “رجل المخاطر” للمخرج ديفيد ليتش، وهذا النوع من الكوميديا يعتمد على تداخل العوالم بين الواقع والتمثيل، حيث يمزج بين الأحداث الحقيقية والمواقف التمثيلية، ما يخلق تأثيرا كوميديا من خلال التناقضات والارتباك الذي يحدث بين الشخصيات.
فكرة السيناريو تستند إلى تقنية الإيحاء بتصوير فيلم داخل فيلم وهو أسلوب معروف في الأفلام العالمية
تبرز المشاهد الأولى للفيلم قصة شاب طموح يعمل مع والدته في مقهى متنقل ويحلم بأن يصبح نجما سينمائيا، ما يُظهر جانبا دراميا لشخص يحاول الهروب من واقعه البسيط إلى عالم الشهرة، فالكوميديا تنبع من تطورات غير متوقعة تقلب حياته رأسا على عقب، ليجد نفسه متورطا مع عصابة خطيرة، وهذا المزيج من الطموح الفردي والتورط المفاجئ مع العصابة يخلق تباينا قويا، ما يفتح الباب أمام مواقف كوميدية ناتجة عن سوء الفهم والمواقف المأساوية الهزلية.
وجاء أداء الممثل عزيز داداس أقرب للتكرار في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية، حيث بات يستخدم نفس الأسلوب ونفس القالب في تجسيد شخصياته، ما يجعل من الصعب التمييز بين أدائه في السينما وبين ظهوره على الشاشة الصغيرة، ويحتاج داداس إلى تجديد نهجه الفني والابتعاد عن النمطية التي أصبحت ملازمة له، بينما جاء أداء ماجدولين الإدريسي هادئا ورصينا، حيث أظهرت قدرة على تجسيد الشخصية ببساطة وثقة، فيما كان أداء فهد بنشمسي ملتزما بالمطلوب منه دون مبالغة، أما رفيق بوبكر فقد تألق بأداء ممتاز في هذا الدور الجاد، وهو نوع من الأدوار التي تليق بموهبته وتبرز قدراته التمثيلية الحقيقية عكس الكوميديا.
ويُعتبر أداء عمر لطفي كممثل مقبولا في السينما أكثر من الدراما والتلفزيون، حيث يتمتع بقدرة على تجسيد الشخصيات ببساطة ودون تكلف، وهذا الأداء يعكس نضجه الفني واحترافيته، ما يجعله قادرا على التفاعل بفعالية مع باقي الممثلين وخلق جو من الانسجام داخل العمل، ومن خلال هذا الأداء يظهر لطفي مهاراته في التأقلم مع مختلف الأنماط السينمائية، ما يجعله عنصرا محوريا في تعزيز جاذبية الفيلم.
أما بالنسبة للإخراج فإن تجربة لطفي في هذا المجال تُعتبر معقولة وتعكس بداية جيدة لمسيرته كمخرج، إذ يظهر ذلك من خلال قدرته على إدارة الممثلين وتوجيههم لتحقيق أداء متوازن يجمع بين الكوميديا والأكشن، بينما يعكس هذا التوازن فهمه العميق للخصائص الدرامية والكوميدية التي تتطلبها السينما التجارية.
ورغم أن بعض العناصر قد تحتاج إلى تطوير وتحسين مثل التحكم في حركة الكاميرا في مشاهد الأكشن، إلا أن لطفي قد نجح بالفعل في تقديم عمل متماسك يترك أثرا إيجابيا في نفوس المشاهدين، وإذا استمر في تطوير أسلوبه سواء من حيث المهارات التقنية أو من حيث القدرة على مخاطبة الجمهور بلغة ومشاهد واضحة، مع التركيز على تعزيز الجانب الفني بالجانب التجاري فإنه قد يمتلك كل المقومات لتحقيق نجاحات أكبر في هذا المجال، وبالتالي إذا قرر لطفي استكشاف المزيد من المشاريع التي تمزج بين الأكشن والكوميديا، مع الانفتاح على مختلف الأساليب الفنية يمكن أن يساهم في إحداث نقلة نوعية في السينما المغربية ويكون له دور بارز في تطويرها نحو آفاق جديدة.
جاءت جودة الإنتاج في هذا الفيلم بمستوى مستحسن مقارنة بالمعايير المعتادة في السينما المغربية، خاصة مع استخدام بعض الأسلحة والتقنيات التي نادرا ما تُشاهد في الأفلام المحلية بسبب ضعف الميزانية، وهذا يعكس جهد المنتج المغربي ريدوان في أول تجربة سينمائية له، حيث استطاع توفير الموارد التي أضافت قيمة للعمل وجعلت مشاهد الأكشن الكوميدية تبدو أكثر إقناعا، ويحسب لريدوان استثماره في هذه الجوانب، ما يساهم في رفع سقف التحدي للسينما المغربية ويمنحها فرصة للتطور واللحاق بركب السينما العالمية من حيث جودة الإنتاج.
وفي لقاء صحفي أكد المخرج عمر لطفي أن الفيلم يمثل تحديا كبيرا بالنسبة له، حيث يجمع بين تقديم أداء تمثيلي من خلال بطولة مشتركة وإخراج العمل في الوقت نفسه، وقد واجه العديد من الصعوبات أثناء التصوير، مشيرا إلى أن التعاون مع نخبة من أبرز نجوم الشاشة المغربية مثل الفنانة الكبيرة راوية ورفيق بوبكر وفرح الفاسي وعزيز داداس كان اختبارا حقيقيا لقدراته الفنية.
وعبّر المنتج العالمي نادر الخياط، المعروف باسم ريدوان، عن حماسه الكبير لخوض هذه التجربة الجديدة في مجال الإنتاج السينمائي، وأكد أن الفيلم سيُترجم إلى عدة لغات منها الإسبانية والإنجليزية، بهدف الوصول إلى جمهور أوسع، وأشار إلى أن الكوميديا المغربية تحمل طابعا فريدا قد يكون من الصعب فهمه في دول أخرى، لكنه أعرب عن استعداده لبذل كل الجهود لضمان نجاح العمل على المستوى العالمي.
وعن علاقته بالممثل والمخرج عمر لطفي، أوضح ريدوان أنه يعتبره أكثر من مجرد زميل عمل، بل صديقا، فقد كان مؤمنا بموهبته الفنية قبل أن يتعاون معه في هذه التجربة الإخراجية الأولى، حيث كان لطفي قد نال إعجابه من خلال الأعمال الفنية التي قدمها سابقا، مما دفعه إلى دعمه بكل قوة.
وعُمر لطفي هو ممثل مغربي بارز ترك بصمته في الساحة الفنية من خلال مشاركته في مجموعة من الأعمال السينمائية والتلفزيونية، يعرف بدوره المميز في فيلم “كازانيكرا”، حيث استطاع أن يُظهر موهبته التمثيلية بشكل لافت، ويمتلك لطفي سجلا حافلا من الأعمال الفنية، حيث شارك في أفلام مثل “واش عقلت على عادل” و”نساء بدون رجال” بالإضافة إلى أعمال تلفزيونية متنوعة تُبرز تنوع أدواره.
من بين أعماله السينمائية الأخرى نجد أفلاما مثل “الجن” و”عاشقة من الريف”، وكذلك “عيد الميلاد” و”إحباط”. أما في التلفزيون، فقد تألق في مسلسلات مثل “أحلام” و”سلمات أبوالبنات”، وحقق نجاحا ملحوظا في أعمال مثل “مرحبا بصحابي” و”عين الحق”. تجسد مسيرته الفنية شغفه بالفن ورغبته في تقديم محتوى مميز يعكس الثقافة المغربية.