عربي ودولي

دعم سعودي متواصل لإنشاء المشاريع التنموية والاستثمارية في تونس
دعم سعودي متواصل لإنشاء المشاريع التنموية والاستثمارية في تونس
تواصل المملكة العربية السعودية مراهنتها على تونس كشريك إستراتيجي، وذلك عبر دعمها للمشاريع التنموية والاقتصادية، وضخّ الأموال والاستثمار في مجال البنية التحتية على غرار مجال السكن والصحة. وترى أوساط سياسية أن السعي السعودي لدعم المشاريع التنموية في تونس يؤشر على وجود اهتمام كبير من المملكة بالموقع الإستراتيجي لتونس، فضلا عن كونها بوابة مناسبة للاستثمار في قارة أفريقيا.

وتضيف تلك الأوساط، أن الدعم لا يقتصر على المجال السياسي بمساندة توجهات الرئيس قيس سعيد، بل يتجاوز ذلك ليترجم في شكل استثمار مشترك في مشاريع تنموية، كما أن السلطات في السعودية فهمت أن أفكار الرئيس سعيد وتوجهاته تنفتح على دول الخليج العربي، حيث غيّر سعيد التوجه السياسي في تونس منذ وصوله إلى السلطة وقطع مع المنظومة السابقة التي همّشت الروابط الدبلوماسية والتاريخية مع الرياض.

وقال سفير المملكة العربية السعودية بتونس عبدالعزيز بن علي الصقر، إن “تسليم مواطنين من منطقة البكري من ولاية أريانة 993 مسكنا من مجموع 1568 مسكنا يحمل رسالة حرص قيادة المملكة العربية السعودية والرئيس التونسي قيس سعيد على تأمين السكن والصحة للمواطنين ووقوف المملكة مع كل ما من شأنه دعم النمو والتنمية في تونس والمساهمة في قطاعات كالسكن والصحة من خلال تمويلات تمنح عبر الصندوق السعودي للتنمية الذي لديه مساهمات مالية هامة انطلقت منذ 1975 في عدة مجالات”.

وجاء ذلك على هاشم الإشراف مع وزيرة التجهيز والإسكان في تونس، سارة الزعفراني الزنزري على تسليم 993 مسكنا اجتماعيا بمنطقة البكري من ولاية أريانة (شمال). وأوضح في تصريح لإذاعة محلية، أن بلاده “تتطلع إلى أن تنعكس تاريخية العلاقات بين البلدين على مستوى التعاون مع الصندوق السعودي للتنمية وأيضا عبر التعاون بين الوزارات والهيئات واللجان المشتركة بين البلدين في مختلف المجالات”.

وأضاف عبدالعزيز بن علي الصقر، أن “دعم تمويل المشاريع التونسية متعدد ومنها ما تم توقيعه في شهر سبتمبر الماضي حول بدأ أشغال مستشفى الملك سلمان بالقيروان (وسط) الذي يضاف إلى عدة مشاريع بتمويلات سعودية في عدة مناطق منها بالجم (شرق) وسبيبة وقفصة (غرب)، وتطاوين (جنوب) والتي تعتبر مؤشرات للعلاقات بين البلدين الشقيقين مع وجود مساع إلى مزيد تكثيف مثل هذه المشاريع في المستقبل”.

وتملك تونس موقعا إستراتيجيا يطل على الضفة الشمالية للبحر المتوسط، فضلا عن كونها نقطة عبور نحو عمق القارة الأفريقية، ويمكن أن تلعب دورا مهما في مستقبل التجارة البينية وتمثّل سوقا استهلاكية، تساعد المستثمرين السعوديين على ترويج منتجاتهم.

وقال المحلل السياسي المنذر ثابت، إن ”المملكة العربية السعودية تعد لمرحلة ما بعد البترول، وتسعى لإحداث توازن في العلاقات الخارجية، ومن الواضح أنها تتجه نحو تونس كفضاء استثماري وفضاء شراكة لتمكين تونس من أخذ مسافة من الأطراف التي أثرت بوساطات خارجية في الساحة السياسية لمرحلة ما بعد 14 يناير 2011″.

وأكد في تصريح لـ”العرب”، “السعودية تدعم توجهات الرئيس قيس سعيد وتقدم دعما ليس فقط سياسيا، بل أيضا اقتصاديا وتنمويا، وأبدت استعدادها للاستثمار في البنية التحتية والزراعة في تونس”. وتابع ثابت “هناك مصالح مشتركة بين البلدين وموقع تونس الإستراتيجي يساعد على ذلك، وتونس تعتبر منصة لرأس المال السعودي وبوابة نحو الاستثمار في أفريقيا”.

 ومن شأن الشراكة السعودية أن تسهم في تحسين وضعية الاقتصاد التونسي الذي يشهد صعوبات، كما يمكن أن يفسح الاهتمام بتونس الأبواب أمام أسواق جديدة لمساعدتها، باعتبار أن المملكة دولة مؤثرة ولها شراكة مع الدول البترولية وفي مجال الطاقة وكبرى الشركات الاقتصادية في العالم.

وتأتي تونس في المرتبة 15 كشريك تجاري للسعودية في المنطقة العربية، بحجم مبادلات تجارية سنوية تصل في المتوسط إلى 310 ملايين دولار، وفق بيانات رسمية. وفي وقت سابق، وقّع الصندوق السعودي للتنمية اتفاقية قرض تنموي ميسّر بقيمة 55 مليون دولار مع وزارة الاقتصاد التونسية لتمويل مشروع تجديد شبكة سكك الحديد.

وفي يوليو من العام 2023، قدمت السعودية، قرضا ميسرا ومنحة لتونس بقيمة 500 مليون دولار، بهدف دعم ميزانيتها في مواجهة الصعوبات المالية والاقتصادية التي تشهدها البلاد. وتهدف الاتفاقية إلى تجديد شبكة سكك الحديد لدعم زيادة إمكانات نقل مادة الفوسفات، وللإسهام في النمو الاقتصادي التونسي، وتوفير فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، بحسب البيان الصادر عن الصندوق.

ومن المتوقع أن يرفع المشروع الذي تُقدر كلفته الإجمالية بنحو 165 مليون دولار، طاقة شركة الفوسفات الحكومية، بالإضافة إلى المحافظة على المحيط والاقتصاد في الطاقة، وتخفيف العبء على البنية التحتية للطرقات والحد من الاكتظاظ المروري. ويشمل المشروع في مرحلته الأولى التي ستمتد على مدى عامين تقريبا، تجديد وتطوير شبكة سكك الحديد على طول 194 كيلومترا بالجنوب التي تتوزع على ثلاث ولايات (محافظات)، هي صفاقس وقفصة وقابس.

وقدم الصندوق لتونس منذ عام 1975، تمويلات لتنفيذ 35 مشروعا وبرنامجا إنمائيا عبر قروض تنموية ميسّرة ومنح بقيمة تتجاوز 1.3 مليار دولار، لدعم قطاعات البنية التحتية الاجتماعية والنقل والمواصلات والطاقة والتنمية الريفية. والسعودي للتنمية صندوق حكومي تأسس في عام 1974 برأس مال يبلغ حاليا 31 مليار ريال (8.3 مليار دولار)، بهدف تقديم منح وقروض لمشاريع في الدول النامية، وتقديم التمويل والضمان للصادرات غير النفطية.

ويبدو حجم التجارة البينية قليل وهو ما يتطلب القيام بشراكات أوسع مع زيادة الاستثمارات في سوقي البلدين بما يتيح تنميتها على نحو أكبر خلال السنوات المقبلة خاصة وأن السعودية تراهن على رؤية 2030 لزيادة نشاط صناعة الشحن البحري وإدارة الموانئ. وسبق أن أكدت، وزيرة المالية التونسية، سهام البوغديري نمصية، رغبة بلدها في توطيد التعاون البنّاء والعمل المشترك لتحقيق أهداف الازدهار الاقتصادي والاجتماعي والثقافي واستتباب الأمن والسلم في المنطقة العربية.

وشددت نمصية، على أن "الدورة الحادية عشرة لاجتماعات اللجنة تشكل فرصة للتشاور ورسم برامج التعاون البيني لتحقيق الشروط المثلى لتعاون مثمر بين البلدين". وقالت البوغديري "نريد تعزيز استفادة الفاعلين الاقتصاديين من فرص الاستثمار وتنمية الأعمال التجارية وتبادل الخبرات للارتقاء ضمن سلاسل القيمة العالمية وتثمين الميزات التفاضلية والواعدة للاقتصاد التونسي والسعودي".

وتستثمر الشركات السعودية حاليا في قرابة 38 مشروعا تشمل فندقا ومنتجعات سياحية خاصة في منطقة البحيرة شمال العاصمة بقيمة مالية تقدر بنحو 400 مليون دولار.

28 أكتوبر 2024

هاشتاغ

التعليقات

الأكثر زيارة