على الرغم من أن بيدرو ألمودوفار معروف منذ فترة طويلة بأنه من ألمع المخرجين في السينما الأوروبية، فإنه لم يفز بالجائزة الكبرى في مهرجان سينمائي كبير منذ فترة طويلة.
واستمر ذلك حتى منحته لجنة التحكيم في مهرجان فينيسيا السينمائي جائزة “الأسد الذهبي” عن أول فيلم روائي طويل له باللغة الإنجليزية، وهو فيلم “ذا رووم نيكست دور” (الغرفة المجاورة).
ممثلتان لامعتان
تدور أحداث فيلم ألمودوفار حول امرأة تعاني من مرض مميت، وتقرر إنهاء حياتها بمساعدة صديقة قديمة.
وفي فيلمه الدرامي، تمكن المخرج وكاتب السيناريو الإسباني من الفوز باثنتين من أفضل ممثلات هوليوود، وهما البريطانية تيلدا سوينتون (63 عاما) والأميركية جوليان مور (63 عاما). ولحسن حظه، لم يتطلب الأمر الكثير من المجهود لإقناع النجمتين بالعمل في الفيلم، بل على العكس من ذلك، قالت كل من سوينتون ومور إنهما معجبتان حقا بألمودوفار.
وقالت مور في فينيسيا “شعرت بأنني محظوظة لأنه اختارني”. كما أكدت سوينتون أنها معجبة بألمودوفار منذ فترة طويلة، إلا أنه لم يخطر ببالها أبدا أنها سيكون لها مكان في أفلامه.
ولكنها حاولت ذلك، حيث توضح “لقد تملكتني الشجاعة في يوم من الأيام عندما كنا في نفس المكان، حيث قلت له ‘اسمع، سأتعلم الإسبانية من أجلك. بل حتى سأظل صامتة تماما. لا يهمني، فأكتفى بالضحك بلطف شديد'”.
وذكرت سوينتون أن حقيقة أن ألمودوفار اختارها في النهاية، هي فرصة كبيرة وامتياز عظيم. فيما قالت مور إن “أفلامه تعج بالحياة والإنسانية… وقد كان أمرا مثيرا للغاية أن أكون جزءا من ذلك”.
كما أن ألمودوفار محظوظ لأنه تمكن من الاعتماد بشكل كامل في فيلم “ذا رووم نيكست دور” على ممثلتيه اللتين تتمتعان بجاذبية خاصة. ويبدو أن سوينتون، على وجه الخصوص، التي كانت شديدة الشفافية في الفيلم، ومناسبة تماما لهذا الدور.
احتفاء بالحياة
تجسد سوينتون شخصية مارثا، وهي مراسلة تقارير حربية سابقة. ولأنها مصابة بمرض السرطان، تقرر تناول حبة لإنهاء حياتها. وتشعر مارثا بسعادة غامرة بسبب وفاتها الوشيكة، إلا أنها لا تريد أن تكون بمفردها في تلك اللحظة العصيبة.
لذلك تطلب من صديقتها إنجريد، التي تقوم مور بتجسيد شخصيتها، أن ترافقها إلى منزل مستأجر في الريف لكي تموت فيه، على أن تظل موجودة في “الغرفة المجاورة” لها عندما تتناول الحبة. وتخبر إنجريد بأنه بمجرد أن تجد باب غرفتها مغلقا، تعرف أن الأمر قد حدث بالفعل.
◄ أحداث فيلم ألمودوفار تدور حول امرأة تعاني من مرض مميت، وتقرر إنهاء حياتها بمساعدة صديقة قديمة.
وبمجرد وصولهما إلى الفيلا الفاخرة، تقضي كل من مارثا وإنجريد أيامهما في الحديث عن الكتب والعلاقات، وفي مشاهدة الأفلام أو الاسترخاء على كراسي الاستلقاء تحت أشعة الشمس، في صورة تجعلهما أشبه بواحدة من لوحات الرسام الأميركي الراحل، إدوارد هوبر. وفي الواقع، يمكن للمشاهد أن يرى نسخة من أحد أعمال هوبر، معلقة على جدران المسكن ذي المساحة الواسعة.وكما يعلم المشاهدون من أفلام ألمودوفار السابقة، فإن فيلم “ذا رووم نيكست دور” له طابع مميز، من حيث الألوان الزاهية وتركيبات الصور ذات الأُطُر مثل اللوحات. كما يعتبر هذا العمل الدرامي خفيف الظل، مع وجود بعض اللحظات المضحكة.
فعلى سبيل المثال، المشهد الذي يُغلق فيه باب غرفة مارثا فجأة، مما يتسبب في جعل إنجريد تعتقد أن صديقتها قد ماتت. ثم يتضح أن ريحا هي التي تسببت للتو في غلق الباب.
وقالت سوينتون إنهما لم تتحدثا كثيرا عن الموت أثناء التصوير، بل تحدثتا عن الحياة.
وتتخيل شخصية مارثا الرحلة مع صديقتها، كمغامرة يجب الاحتفال بها. وتقول سوينتون إنها لا تستطيع أن تقول إنها لم تكن لتتصرف بنفس الطريقة إذا كانت في مكانها. ثم ينتقل الفيلم إلى مستوى آخر مع شخصية صديقة قديمة مشتركة تلتقي بها إنجريد من وقت إلى آخر. وكانت الصديقتان على علاقة غرامية بداميان، الذي يجسد شخصيته الممثل الأميركي جون تورتورو (67 عاما)، وهو باحث يتعامل مع كارثة المناخ ويقوم بإلقاء محاضرات عن نهاية العالم. وتعد رسالة ألمودوفار في فيلمه الجديد أن النهاية حتمية، لذلك فمن المهم جدا الاحتفاء بالحياة والأشخاص الذين نقضي الحياة معهم.