عربي ودولي

انشقاق أبوعاقلة كيكل رجة معنوية لقوات الدعم السريع دون أثر فعلي
انشقاق أبوعاقلة كيكل رجة معنوية لقوات الدعم السريع دون أثر فعلي
حرص الجيش السوداني وأنصاره على توظيف انشقاق القيادي أبوعاقلة كيكل عن قوات الدعم السريع في ترويج فكرة أنه تحول نوعي في مجريات الحرب السودانية، لكن محللين يرون أن ما حصل يبقى بلا أثر فعلي، خصوصا وأن الرجل ليس طرفا أصيلا في هذه القوات حيث سبق وأن كان في صفوف الجيش قبل أن ينشق عنه ويلتحق بصفوف قوات الدعم السريع بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023.

وأعلن الجيش السوداني الأحد انشقاق كيكل عن قيادة قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة (وسط)، وانضمامه إلى القتال في صفوف الجيش. وقال بيان صادر عن الجيش “انحاز إلى جانب الحق والوطن، وبعد مغادرته صفوف المتمردين مقررا القتال جنبا إلى جنب مع قواتنا، القائد بالميليشيا أبوعاقلة كيكل، ومعه مجموعة كبيرة من قواته بعد أن تكشف لهم زيف وباطل دعاوى الدعم السريع".                        

في المقابل قللت قوات الدعم السريع من تأثير انشقاق قائدها بولاية الجزيرة، مشيرة إلى أنه كان قيد التحقيق. وقال مستشار القائد العام لقوات الدعم السريع إبراهيم مخير إن كيكل كان خاضعا للتحقيق لتورطه في انتهاكات ومخالفة أوامر مما عرض جنوده للخطر في مرات سابقة، كما أن مقتل قائد هام في النيل الأزرق ألقى بظلاله على الرجل لكونه كشف موقع قائد قوات الدعم السريع في إقليم النيل الأزرق، عبدالرحمن البيشي، للجيش، ما أسفر عن مقتل الأخير.

وأضاف مخير، في تصريحات لموقع “سودان تربيون”، “يبدو أن الرجل لم يرد انتظار نتائج التحقيقات أو مواجهة الحقائق فهرب إلى الطرف الآخر”. ونفى مستشار قائد الدعم السريع أن تكون لدى كيكل معلومات قد تؤثر على مجرى العمليات، وأوضح أنه ذهب بحرسه الخاص فقط وعدة سيارات وبضعة جنود.

وأضاف أن قوات كيكل لم تذهب معه وقاتلت ببسالة في تمبول، شرقي ولاية الجزيرة، لإفشال فخ حاول كيكل أن يقودها إليه صباح الأحد حيث انتصرت وأسرت وقتلت الكثير كما استولت على سيارات قتالية.

وشدد مخير على أن قوات الدعم السريع بولاية الجزيرة مازالت تحتفظ بمعنويات مرتفعة وسيتم تعيين قائد آخر لها.

من جانبه قال المتحدث باسم قوات الدعم السريع في بيان إنها رصدت في الآونة الأخيرة تحركات مريبة لكيكل بعد أن أخفى نفسه رفقة أفراد من أسرته، فضلاً عن تحركاته مع بعض قيادات حزب المؤتمر الوطني المنحل.

وأكد البيان أن كيكل تم شراؤه في صفقة قادها شقيقه عبر سلسلة اجتماعات في القضارف وبورتسودان انتهت بمساومة قضت بتسليم نفسه للجيش مقابل عمل عسكري واستخباراتي مرتجى، لكن جرت الترتيبات العسكرية بشكل جيد، طبقاً للبيان.

وأوضح المتحدث أنه بعد انضمام كيكل إلى الجيش التحقت به قوة كبيرة من الجيش في محاولة للسيطرة على منطقة تمبول، وإزاء هذا الموقف تعاملت قوات الدعم السريع بحزم وتمكنت من القضاء على القوة المهاجمة في تمبول وكبدتها خسائر شملت قتل أكثر من 200 عسكري والاستيلاء على 45 سيارة قتالية بكامل عتادها.

وطمأن البيان بأن قوات الدعم السريع عملت منذ وقت مبكر على سد الثغرات ووضع التدابير العسكرية والاستخباراتية التي تحافظ على سيطرتها على مواقعها واستتباب الأمن وتوفير الحماية للمدنيين.

وأضاف “لن يغير هذا الحدث العابر من الواقع، وندعو إلى عدم الالتفات إلى الشائعات التي يبثها الفلول والتي لن تحقق لهم انتصاراً في الميدان”.

ويعتقد محللون أن انشقاق كيكل لن يؤثر على مجريات الأحداث في السودان، والتي لا تخلو من كر وفر بين القوتين، مشيرين إلى أنه سبق أن انشق عدد من الضباط عن قوات الدعم السريع، ولم يحدث ذلك مثل هذا الدوي.

قوات الدعم السريع تقول إنها رصدت في الآونة الأخيرة تحركات مريبة لكيكل بعد أن أخفى نفسه رفقة أفراد من أسرته

ويضيف هؤلاء أن الجيش حرص على تضخيم انشقاق كيكل في سياق الحرب النفسية، التي تشكل وجها آخر من الصراع، على أمل أن يؤدي ذلك إلى المزيد من الانشقاقات في صفوف الدعم السريع.

في المقابل رأى الخبير العسكري محمد خليل الصائم أن “انشقاق القائد التابع لقوات الدعم السريع بولاية الجزيرة ستكون له انعكاسات عسكرية تمنح الشعور بالثقة في نفوس قوات الجيش للاعتماد على إستراتيجية الهجمات المتزامنة في مواقع متفرقة، بعد أن اعتمدت في البداية على الاستنزاف والدفاع عن المواقع العسكرية التي تتحصن بها”، مشيرا إلى أن تغيير خطط الجيش جعل عناصر الدعم السريع مخيرين بين أمرين؛ إما الاستمرار في القتال، وقد لا يكون ذلك في صالحهم نظرا إلى العتاد البري لدى الجيش، أو الاستسلام، وهو ما حدث مع كيكل.

وأضاف الصائم في تصريح لـ”العرب” أن “الاستسلام سوف يترك آثاره السياسية أيضا إذ أن الحاضنة السياسية لقوات الدعم السريع في الجزيرة وباقي الولايات ستكون أكثر ابتعادا عنها خاصة مع تضاؤل الحلول السياسية وفشل جميع المساعي السابقة”، موضحا أن انشقاق كيكل يساعد مهمة الجيش في السيطرة على ولاية الجزيرة التي يتقدم على تخومها بالقرب من مدينة ود مدني مع السيطرة على كوبري رفاعة قبل المدينة بـ20 كيلومترا، وكذلك السيطرة على مدينة تمبول في شرق ولاية الجزيرة.

وذكر أن انشقاق قادة الدعم السريع والانضمام إلى الجيش يواجهان العديد من المحاذير السياسية، لأن الجيش الذي يتهم قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات بحق المواطنين قد يكون هو ذاته مدافعا عن قادته، وهو ما يجعل هناك حاجة إلى محاسبات قانونية لأي جرائم جرى ارتكابها وعدم التغطية عليها.

واعتبر الناشط الحقوقي السوداني أيمن أحمد، في تدوينة نشرها على حسابه بمنصة إكس، أن “كيكل يُعتبر متورطا في مجموعة من الجرائم الإنسانية التي تندرج تحت طائلة القانون الدولي”.

وشدد أحمد على أن “الانتهاكات المروعة” التي ارتكبتها قوات كيكل في ولايات السودان، خصوصا في مدينة مدني، “تمثل خرقا صارخا لمبادئ حقوق الإنسان الأساسية”.

ونوه إلى أن ذلك “يتطلب محاسبة فورية وفعالة، حيث إن الإفلات من العقاب سيؤدي إلى استمرار هذه الانتهاكات، وتعميق جراح الضحايا وعائلاتهم”.

وسبق أن اتهمت الولايات المتحدة عناصر من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع “بارتكاب جرائم حرب في البلاد”.

22 أكتوبر 2024

هاشتاغ

التعليقات