عربي ودولي

هوكستين يمهد في لبنان
هوكستين يمهد في لبنان "لما بعد بعد" 1701
يسعى الموفد الأميركي آموس هوكستين، من خلال زيارته الاثنين إلى لبنان، لوضع أسس حل دائم في لبنان يقوم على ما هو أبعد من القرار الأممي 1701 ووضع شروط جديدة وضوابط ملزمة للبنان على المدى البعيد، في حين يعمل رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على استباق شروط الموفد بإعلان أن بيروت جاهزة للتعامل مع “الإضافات الجديدة”.

ويريد هوكستين التوصل إلى اتفاق واضح لا يفسح لأي طرف مجال إشعال حرب جديدة مع إسرائيل أو مع غيرها، سواء أكان هذا الطرف حزب الله أم جهة أخرى.

ويرى مراقبون أن تحرك الموفد الأميركي يهدف إلى سد الثغرات وتبديد الغموض الذي يكتنف القرار الأممي 1701، واللذين استغلهما حزب الله لإظهار عدم الالتزام والاستمرار في توسيع وجوده العسكري جنوب نهر الليطاني وتهميش دور الجيش اللبناني ومنعه من إدارة المناطق الحدودية مع إسرائيل مثلما ينص القرار 1701.

ووضع هوكستين على رأس قائمة شروطه دحض المبرر الرئيسي لتدخل حزب الله في الحروب الخارجية ألا وهو “إسناد غزة”.

هوكستين يريد وضعا نهائيا ودائما لا يفسح لأي طرف مجال إشعال حرب جديدة، وإنهاء ربط لبنان بصراعات أخرى

وقال المبعوث بعد لقائه رئيس البرلمان نبيه بري إن “ربط مستقبل لبنان بصراعات أخرى في المنطقة لم يكن وليس في مصلحة الشعب اللبناني”، مضيفا أن بلاده تريد “إنهاء النزاع (بين حزب الله وإسرائيل) بشكل دائم وفي أقرب وقت ممكن”.

وفتح حزب الله جبهة “إسناد” لغزة منذ اندلاع الحرب في القطاع بين إسرائيل وحماس في أكتوبر 2023. وبعد مرور عام على بدء تبادل القصف عبر الحدود، تحوّل النزاع إلى مواجهة مفتوحة مع تكثيف إسرائيل غاراتها الجوية اعتبارا من 23 سبتمبر الماضي.

ووصف هوكستين لقاءه مع بري بالبنّاء، لكن ليس معروفا ما إذا كان بري، المكلف من حزب الله بالتفاوض باسمه، قد قدم التزاما واضحا أم أن مهمته تقف عند حدود نقل الرسالة الأميركية إلى من تبقى من قيادات الحزب.

وقبل لقاء هوكستين – بري، نقل بيان أصدره مكتب رئيس الوزراء اللبناني عن ميقاتي قوله إنه لا بديل عن القرار رقم 1701 الصادر عن الأمم المتحدة لكن “يمكن أن تلحق بهذا القرار تفاهمات جديدة” من أجل تنفيذه. ويمثل التصريح التزاما لبنانيا معلنا بالشروط التي يريد المبعوث الأميركي إضافتها إلى القرار 1701.

واعتبر المبعوث الأميركي أن الالتزام العلني بقرار مجلس الأمن الدولي 1701، الذي أنهى حرب عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل، “ليس كافيا” لوضع حد للنزاع الراهن؛ ذلك أنه لم يسع أي طرف لتطبيقه خلال السنوات الماضية.

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل وحزب الله بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006. وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الأممية.

وتقول إسرائيل إن هدفها هو إبعاد مقاتلي حزب الله عن منطقة الحدود حتى يتمكن عشرات الآلاف من الإسرائيليين من العودة إلى منازلهم التي أجبروا على النزوح منها خلال العام المنقضي بسبب إطلاق الجماعة اللبنانية النار عبر الحدود.

وذكرت تقارير نقلا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم إن إسرائيل قدّمت إلى الولايات المتحدة الأسبوع الماضي وثيقة تتضمن شروطها للتوصل إلى حل دبلوماسي لإنهاء الحرب في لبنان.

ونقل موقع أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي قوله إن إسرائيل طالبت بالسماح لقواتها بالاضطلاع بـ”دور فعّال” لضمان عدم إعادة تسليح حزب الله وعدم إعادة بنيته التحتية العسكرية بالقرب من الحدود.

وأضاف التقرير أن إسرائيل طالبت أيضا بحرية عمل قواتها الجوية في المجال الجوي اللبناني. وقال مسؤول أميركي لأكسيوس إنه من غير المرجح أن يوافق لبنان والمجتمع الدولي على شروط إسرائيل.

تحرك الموفد الأميركي يهدف إلى تبديد الغموض بشأن القرار الأممي 1701، والذي استغله حزب الله لتوسيع وجوده العسكري

وتأتي زيارة هوكستين بعد مرور ساعات على ليلة عنيفة نفّذت خلالها إسرائيل عدة غارات جوية على الضاحية الجنوبية لبيروت وجنوب لبنان وشرقه.

وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية بأن الطيران الإسرائيلي شنّ ليل الأحد – الإثنين أكثر من عشر غارات على الضاحية الجنوبية، معقل حزب الله، استهدفت واحدة منها على الأقل فرعا لـ”القرض الحسن” قرب مطار رفيق الحريري الدولي الواقع في أطراف الضاحية الجنوبية.

كما طالت الغارات مقرّات لجمعية القرض الحسن في بعلبك والهرمل ورياق (شرق)، وفي مدينتي النبطية وصور (جنوب)، بحسب ما أفادت به الوكالة الوطنية للإعلام.

و”مؤسسة القرض الحسن” هي جمعية مالية تابعة لحزب الله تفرض عليها الولايات المتحدة عقوبات وتصنّفها السعودية “كيانا إرهابيا”.

وبينما يجري هوكستين محادثات في بيروت يستعد وزير الخارجية أنتوني بلينكن للتوجه إلى الشرق الأوسط مجددا من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، وذلك عقب مقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان إن الجولة ستستمر حتى الجمعة، وسيبحث خلالها بلينكن مسألة “أهمية إنهاء الحرب في غزة وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني”.

وأوضح البيان أن بلينكن سيبحث أيضا ترتيبات ما بعد الحرب، وسيعمل على التوصل إلى “حل دبلوماسي” في لبنان.

22 أكتوبر 2024

هاشتاغ

التعليقات