اخبار

مطالبات أردنية بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور
مطالبات أردنية بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور
تطالب الأوساط الاقتصادية في الأردن بتكريس الدعم الذي تقدمه الحكومة لبرامج الحماية الاجتماعية من بوابة تحسين الأجور، بما يخدم مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي التي تشير بعض بنودها إلى أهمية تحسين مستويات معيشة المواطنين.

وفي خطوة قد تعطي للسلطات نظرة أشمل للوضع، أصدر منتدى الإستراتيجيات الأردني ورقة سياسات بعنوان “اقتصاديات الحد الأدنى للأجور: نظرة على الحالة الأردنية”، يتضمن مؤشرات وتوصيات مفيدة تساعد في فهم أعمق لسياسة نظام الرواتب.

وتهدف الورقة إلى تقديم بعض الحقائق حول الأجور بالنظر إلى الأدبيات الاقتصادية والمؤشرات الخاصة بالحالة الأردنية، وإجراء المقارنات مع عدد من الدول إقليميا وعالميا. ومن أهم العوامل التي تم التركيز عليها العمل على تبني سياسات عمل طويلة الأجل تعزز نمو الإنتاجية، وتتماشى مع مستهدفات رؤية التحديث، التي تهتم بتطوير سوق العمل، وتحسين مستويات معيشة الأفراد.

واجتهد المنتدى في احتساب الزيادة المحتملة على الحد الأدنى للأجور في 2025، والتي قد تتراوح بين 288 و300 دينار (407.4 و424.4 دولار) شهريا شاملا التضخم والنمو الكلي لعوامل الإنتاج، أي بنسبة زيادة تتراوح بين 10.8 و15.4 في المئة.

وتظهر دراسة المنتدى أن الحد الأدنى للأجور قد زاد منذ العام 2010 من 150 دينارا (212 دولار) شهريا إلى 260 دينارا (367.8 دولار) شهريا في عام 2021.

وبذلك يكون الحد الحقيقي قد زاد بنسبة 26 في المئة عام 2012، و11 في المئة عام 2017، و17 في المئة عام 2021. وبحسب البنك الدولي، فإن القوة العاملة النشيطة في البلاد تبلغ أكثر من 2.86 مليون شخص في بلد يتجاوز عدد سكانه 11 مليون نسمة.

ويشكل العاملون في الجهاز الحكومي والقطاع العام 36 في المئة من إجمالي القوى العاملة، وهو رقم مرتفع قياسا بالمعدل العالمي الذي يتراوح بين 15 و25 في المئة من عدد سكان أي بلد. وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية، يرى خبراء المنتدى أن قرار زيادة الحد الأدنى للأجور يعتمد على عدة عوامل، تستند إلى المؤشرات والنتائج المتناقضة للدراسات العملية.

◙ 2.86 مليون فرد هو تعداد القوى العاملة وتشمل القطاعين العام والخاص والجهاز الحكومي

وتبين النتائج أن الحد الأدنى للأجر الإجمالي في 2022 بلغ 260 دينارا شهريا، وهو أعلى من المسجل في كل من الهند ومصر والمغرب ودول أخرى. وأشارت الورقة إلى أن الحد الأدنى للأجر الشهري في الأردن عند تحويله على أساس تعادل القوة الشرائية بالعملة الأميركية لعام 2017 يعادل 845 دولارا.

وهذا المبلغ أعلى بكثير من المتوسط العام لدى بلدان المقارنة، مثل المغرب بنحو 726 دولارا، والصين بحوالي 501 دولار، والكويت بنحو 428 دولارا، وغيرها.

وتظهر الأرقام أن إجمالي عدد المؤمن عليهم من أصحاب الأجر الشهري البالغ 300 دينار فأقل، يتخطى 411.4 ألف شخص، أي ما يقارب 29.7 في المئة من إجمالي المؤمن عليهم اجتماعيا، وعددهم أكثر من 1.38 مليون فرد وفق مؤسسة الضمان الاجتماعي لعام 2022.

ويتوقع أن تؤثر أي زيادة على عدد كبير من المؤمن عليهم سواء بشكل مباشر عبر زيادة أجور العاملين عند 260 دينارا شهريا فأقل، أو بشكل غير مباشر، نتيجة تأثير تلك الزيادة على احتمالية زيادة الأجور الأعلى والقريبة من الحد الأدنى.

واعتبر خبراء المنتدى في ورقتهم أن هذه الزيادة سترفع الإنفاق على السلع والخدمات الأساسية، وبالأخص المنتجة محليًّا. ولأن هذه الفئة تعتبر من ذوي الدخل المحدود، فإن الازدياد في نفقاتها جراء رفع الحد الأدنى للأجور من غير المتوقع أن يؤثر تأثيرا كبيرًا على معدل التضخم.

ويتوقع البنك المركزي استقرارا في معدل التضخم خلال العام الحالي عند 2.1 في المئة، وهو المستوى المسجل في 2023، مقابل 4.2 في المئة بنهاية عام 2022 بعدما تسببت الحرب في أوكرانيا في زيادة الأسعار بشكل جنوني.

ويقول المنتدى إنه عادة ما يتم تقسيم الناتج المحلي الإجمالي في أي اقتصاد بين عاملي الإنتاج الرئيسيين، وهما العمل ورأس المال. وبعبارة أخرى يتم توزيع الدخل بين الأجور التي يحصل عليها العمال (حصة العمل)، والأرباح أو العوائد التي يحصل عليها أصحاب رأس المال (حصة رأس المال).

وبالاستناد إلى تقديرات منظمة العمل الدولية، فإن حصة العمل في الأردن، أي إجمالي الرواتب، هي 44.6 في المئة، إذ تُعَدّ هذه النسبة أعلى بكثير مما هي عليه في دول عربية. وأشار المنتدى إلى أن زيادة الحد الأدنى للأجور بمقدار ملائم ستنعكس على زيادة مستويات الاستهلاك الكلي لدى الأفراد، وتحديدا على السلع الأساسية المنتجة محليًّا، ما ينعكس إيجابًا على مستويات الإنتاج المحلي.

وفي ضوء ذلك أوصى المنتدى بضرورة اتباع نهج متوازن قائم على الأدلة لتحديد الحد الأدنى للأجور، بحيث يأخذ بعين الاعتبار احتياجات العمال وأسرهم، والعوامل الاقتصادية. والموازنة بين هذين الاعتبارين تعتبر مهمة للغاية لضمان تكييف الحد الأدنى للأجور مع سياق الاقتصادي المحلي، ومراعاة الحماية الفعالة للعمال، واستدامة المشاريع ونموها.

كما أن اتباع النهج القائم على الأدلة يتطلب وجود معايير واضحة لتوجيه الحوار بشأن مستوى الحد الأدنى للأجور، واعتماد مؤشرات إحصائية موثوقة لدعم الحكومة وأصحاب العلاقة والشركاء الاجتماعيين في مداولاتهم من أجل اتخاذ القرار المناسب.

ويشدد المنتدى على أهمية الاسترشاد بالمؤشرات الإحصائية المباشرة مثل كلفة المعيشة والتضخم ومعدل نمو الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج، التي يتم استخدامها عادة عند النظر بزيادة الحد الأدنى للأجور. وتظهر أرقام وزارة التخطيط الأردنية أن نسبة الفقر بالبلاد تبلغ 24.1 في المئة من تعداد السكان، وهي الإحصائيات ذاتها التي أشارت إليها الأمم المتحدة.

وأوصى المنتدى بضرورة النظر في تعديل مستويات الحد الأدنى للأجور من وقت إلى آخر لتمكين القوة الشرائية للعمال، وتحقيق المزيد من المساواة في الأجور، خاصة عند ارتفاع مستويات الأجور بشكل عام.

19 أكتوبر 2024

هاشتاغ

التعليقات